مبادرة 4 أب: تعزيز للتعلم والوعي وتوجيه للنقاش نحو القضايا الوطنية

شهدت عاصمة لبنان في الرابع من اب 2020 انفجارا هز البلد باسره متسببا في خسائر بشرية ودمار هائل للممتلكات. لم يؤثر هذا الانفجار فقط على بيروت، بل أيضا كان له تأثير وطني وعالمي. وبالرغم من مرور حوالي ثلاث سنوات على هذا الانفجار الهائل الذي أدى الى مقتل اكثر من 218 شخص وجرح الالاف فحتى الان لم تتوصل التحقيقات الى أي عدالة بالرغم من تحركات أهالي الضحايا المستمرة.

وفي هذا السياق: “وللتعبير عن الأهمية والمسؤولية الوطنية لهذه الكارثة، تم تشكيل مبادرة 4 أب بحيث تعكس هذه المبادرة تمثيلا للوطن بأكمله كما انها ليست مجرد مبادرة لبيروت، بل هي رمز للوطنية والتضامن العالمي، والتي تهدف بدورها إلى زيادة الوعي والتوعية حول الرابع من اب، وذلك من خلال تنظيم ندوات وفعاليات تركز على الأبعاد التعليمية والوطنية للحادثة.

كما تعمل المبادرة على توفير منصة للأشخاص الذين تأثروا بالانفجار، بما في ذلك أهالي الضحايا، للتحدث والتعبير عن تجاربهم وآرائهم”. بحسب ما يقوله الاب والدكتور فادي شدياق من الهيئة التنفيذية والتنظيمية للمبادرة
ويشرح الدكتور فادي الشدياق لموقع macario21 ان “هذه المبادرة تأسست من قبل المهندس إيلي الحصروتي، الذي فقد والده في الانفجار.

وقد قرر الاخير المشاركة في برنامج تكوين القيادة المسيحية، ومن ثم أطلق مبادرته الخاصة لمتابعة قضية انفجار المرفأ”.

يعتبر الاب شدياق “التعليم والتربية من أهم أولويات مبادرة 4 أب. لذلك، تم تنظيم ندوات في جامعة العائلة المقدسة وجامعات أخرى، لمناقشة الدور الذي يمكن أن يلعبه التعليم في تعزيز الوعي الوطني وحس المواطنة بين الأفراد. وتركز المبادرة أيضًا على توجيه الجهود نحو الطلاب الذين يستعدون لأن يصبحوا أساتذة، حيث يتم توفير مساحة لمناقشة أهمية تضمين قضية 4 أب في مناهج التعليم وتعزيز قيم المواطنة والانتماء الوطني. مؤكدا ان مبادرة 4 أب تعمل اليوم على توسيع نطاق نشاطاتها وزيادة تأثيرها، وقد تم تنظيم العديد من الفعاليات، بما في ذلك الندوات والمحاضرات، وتتعاون مع الجهات المعنية والمنظمات الأخرى للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس وإلقاء الضوء على الأبعاد التي لم يتم مناقشتها بشكل كافٍ حتى الآن” .

في هذا السياق يتحدث شدياق عن النشاط الأول، الذي تم بالتعاون مع جامعة العائلة المقدسة USF في البترون، “لقد دعينا للحديث عن قضية 4 أب في الجامعة بمناسبة عيد الاستقلال. وعُقدت عدة ندوات أخرى تركزت على هذه القضية من منظور تربوي. وكان التركيز الأساسي في هذه الندوات على ما هي علاقة الرابع من أب بالتعليم وتعزيز حس المواطنة بين الأفراد في الوطن، ومن خلالها قررنا التوجه إلى الطلاب الذين يتحضرون ليصبحوا أساتذة، وشملت المشاركة طلابًا من تخصصات مختلفة.

وكثيرًا ما طُرح سؤال لماذا يجب أن نتحدث عن حادثة 4 أب، وهي حادثة مؤلمة نحاول نسيانها؟ هل سيحدث الانفجار فرقًا أو نتيجة؟

استنادًا إلى هذه الأسئلة، قررنا تنفيذ مبادرة ثانية في عيد الشهداء في 6 أيار، بالتعاون مع الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية. وتم تنظيم النشاط في الخامس والسادس من هذا الشهر”.

موضحا: “أن المبادرات والنشاطات تتوالى بعد كل اجتماع، وخاصةً في هذه المرحلة التأسيسية. وقد بدأنا منذ عام وعملنا على نشاطين أساسيين. الأول كان في جامعة العائلة المقدسة، حيث عُقدت ندوة مع الناس للحديث عن أهمية حادثة 4 أب في التربية والتعليم والمواطنة. أما الثاني، فكان مع طلاب المدارس بالشراكة مع الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية”.

حملت الندوة التي عقدت في أيار بمناسبة عيد الشهداء بالتعاون مع الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بعدا فكريا أكاديميا، وبحسب الاب شدياق، “خلال الندوة، ألقى الأمين العام للمدارس الكاثوليكية خطابًا واضحًا حول أهمية عدم نسيان حادثة “4 آب”، وتحدث إيلي الحصروتي عن الروابط بين المشاكل التي أدت إلى الانهيار والانفجار، وكيفية علاج هذه المشاكل وتجاوز هذا الحدث الاليم والاستفادة منه في التعلم”.

مشيرا: “لقد أدركنا أن نجاحنا اليوم في التعامل مع هذه القضية سيساعدنا في التعامل مع قضايا البلد بشكل عام. ولقد تم عرض ابعاد متنوعة خلال الندوة بحسب شدياق وابرزها البعد الأمني حيث تم التركيز على ثقافة وأهمية السلامة العامة وكيفية تجنب حوادث مشابهة لانفجار مرفأ بيروت وثانيًا، البعد النفسي البيولوجي حيث تم نقاش عدة نقاط مهمة مثل الانتباه إلى تأثير التصرفات الناجمة عن الصدمات وأهمية معالجة هذه الصدمات بشكل جماعي لتجنب تأثيرها السلبي على الإنتاجية والابداع والرؤية”.

مشيرا الى: “أن جميع القضايا التاريخية في لبنان، بدءًا من الحرب الأهلية وغيرها من الأحداث غير المعالجة، تمثل صدمات يتم نقلها من جيلٍ لآخر، مما يؤدي إلى زيادة أشكال العنف وتأخر التقدم. هنا يأتي دور المدارس في مساعدة الأساتذة والطلاب على التعامل مع هذه الصدمات”.

أما بالنسبة للقانون فيقول شدياق ل Macario 21 انه” تم التركيز على أهمية وجود أشخاص يدافعون عن القانون، وإذا كان هناك تسيس في القضاء، فإنه من واجب المجتمع أن يقف إلى جانب القانون والقضاة الصالحين ويدعمهم. ولذلك، يمكن للمدارس أن تلعب دورًا في التوعية بأهمية القانون وضرورة تطبيقه”.

علاوة على ذلك، تحدث الأب الدكتور فادي شدياق عن الأبعاد التربوية وكيفية دمج الجوانب النفسية والبيولوجية والقانونية في التعليم من خلال تبني نظامٍ واضحٍ للقوانين يتم الاتفاق عليه بين الأساتذة والطلاب في بداية السنة. يتيح هذا النظام للطلاب المطالبة ببعض التصرفات وفقًا للقانون المتفق عليه، وهذا سيساعد في تعزيز مفهوم القانون وتطبيقه بدون انحياز. مؤكدا: “ان إدخال هذه النهج النفسي سيساعد الأساتذة والطلاب والمدراء على التعامل مع الصدمات النفسية وتعزيز فهمهم للقانون وتعزيز تطبيقه بدون تحيز”.

الى جانب هذه الندوة تم تنظيم وقفة تضامنية مع ضحايا وجرحى مرفأ بيروت في 5 أيار، لتجديد أهمية عيد الشهداء الذي يجمع جميع أبناء لبنان، على الرغم من أنه لم يعد عيدًا رسميًا في البلاد. ويؤكد الدكتور فادي شدياق على التعاون الذي ابدته المدارس بهذا الخصوص “لقد تعاونت المدارس بشكل إيجابي مع الهيئات التنفيذية لتنظيم وقفة تضامنية تعزز الانتماء الوطني والثقافي. قامت المدارس بتصوير فيديو تضامني يشارك فيه الأساتذة والطلاب، وعبروا فيه عن آرائهم حول الانفجار، وقاموا بوقفة صمت تكريمًا للشهداء، بالإضافة إلى فتح نقاش بين الأساتذة والطلاب حول هذا التاريخ”.

مثنيا على التجاوب الإيجابي: “حيث أظهر الطلاب تعاونهم ووعيهم تجاه القضية ومأساتها. فقد قام بعض الطلاب بالتعبير عن تضامنهم وآرائهم من خلال المسرح والرسم”.

مشيرا: الى ان “هذا التجاوب المشجع يعكس الوعي والتعبير العميق للطلاب حول هذه القضية”.

مشيرا: “على الرغم من التخوفات التي كانت لدينا بشأن تأثير انفجار مرفأ بيروت العنيف والدامي على الأطفال، قررنا ترك هذه المسألة لحرية المعلمين في المدارس، حيث يعرفون طلابهم ويدركون كيفية التعامل معهم. ولكن كان لدينا مفاجأة مشجعة، حيث قام معظم الطلاب، على الرغم من صغر سنهم، بالتعبير عن آرائهم بشكل عميق ومتنوع حول هذه القضية”.

خاتما: “بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الانفجار، لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه ونستفيد منه من هذه الكارثة”. مؤكدا على ضرورة مواصلة العمل لاستخلاص الدروس التعليمية والوطنية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث المأساوية في المستقبل.

Check Also

السنوار: شهيد المقاومة الذي قاتل حتى اللحظة الأخيرة

في ظل الحرب المستعرة في غزة، تتواصل الإشاعات والادعاءات حول ما يحدث على الأرض. وبينما …