نتنياهو… سيّد التضليل الذي يُشعل الفتن حتى لو احترق مستوطنوه

مرةً جديدة، يثبت بنيامين نتنياهو أنه ليس مجرد سياسي متعطش للسلطة، بل قائد مدمن على الكذب والتضليل، لا يتورع عن افتعال الحروب وإشعال الفتن، حتى لو دفع ثمنها أبناء كيانه من المستوطنين. المهم أن تبقى الكاميرات مسلطة عليه، وأن تبقى الإدارة الأميركية متمسكة به كحليف “ضروري” في لعبة المصالح والدم.

في الأيام الأخيرة، وفي لحظة كانت فيها إيران على وشك العودة إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن عبر سلطنة عُمان، فجّر نتنياهو المشهد الإقليمي بعملية عسكرية سُمّيت “الأسد الصاعد”، استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية، ليعلن مجددًا رفضه لأي مسار دبلوماسي يُعيد التوازن في المنطقة أو يُقلّص من قدرات إسرائيل التوسعية.

نتنياهو لا يريد سلامًا، ولا يريد حلاً. ما يريده هو عدو دائم، وخطر دائم، ودماء دائمة. بهذه الوصفة يبقي حكومته اليمينية المتطرفة متماسكة، ويؤجل محاكمته، ويضمن ضخ المليارات الأميركية من الدعم العسكري والسياسي.

أما الحقيقة؟ فهي مدفونة تحت ركام التضليل.
يدّعي أنه يدافع عن شعبه، بينما يتاجر بدمائهم.
يتباكى على أمن إسرائيل، بينما يُعرضها لخطر حرب إقليمية مفتوحة، فقط ليمنع تفاهمًا أميركيًا–إيرانيًا يعيد بعض التوازن للمنطقة.

لقد سعى نتنياهو إلى خلق مشهد دموي مدروس:

يدفع أميركا إلى زاوية اللاعودة، ويحرج أي إدارة تفكر بتليين المواقف.

يستفز إيران لترد، فتُصنّف رسميًا كتهديد وجودي، ما يُبرر المزيد من الضربات.

يستخدم أصوات الانفجارات في تل أبيب كأداة ابتزاز أخلاقي لتأجيج الغرب.

وهكذا، يصبح هو “المظلوم” وهو الضحية، بينما يواصل تنفيذ أجندته الإرهابية بحق شعوب المنطقة، ويقمع الفلسطينيين، ويصادر الأراضي، ويحاصر غزة، ويقصف لبنان وسوريا والعراق واليمن… بلا أي محاسبة.

نتنياهو لا يحتاج إلى أدلة لاتهام الآخرين، بل فقط إلى دم جديد يسفكه، وصورة جديدة لفتاة مضرجة بالدماء، يستعملها كدرعٍ أخلاقي، بينما يُخفي خلف الستار مئات الصفقات المليئة بالكراهية والفساد والتطرف.

هذا الرجل لا يخشى الكذب، بل يتغذى عليه.
ولا يهمه إن مات مستوطنوه أو احترقت تل أبيب، طالما أن واشنطن ما زالت تصفّق له، وترسل له صواريخ “تامير” وذخائر “ذكية”، وتغلق عينيها عن جرائمه.

إنه تاجر موت في زيّ رئيس وزراء، يبيع الخوف ويشتري الشرعية.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية… أداة تخدم نتنياهو
الفضيحة الأكبر اليوم ليست فقط في نفاق نتنياهو، بل أيضًا في الأداء المنحاز للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يرأسها رافائيل غروسي، والذي تحوّل من مدير تقني إلى أداة سياسية بامتياز.

إيران، التي فتحت منشآتها النووية أمام المفتشين، وسمحت لهم بجمع العينات، وقدّمت تقارير دورية رغم التهديدات والحصار، كانت تتصرف بشفافية تفوق كل المعايير، ومع ذلك، تُدان وتُشيطن!

بينما إسرائيل، الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك سلاحًا نوويًا فعليًا، لم تُخضع منشآتها لأي تفتيش منذ نشأتها، وتُنتج أسلحة دمار شامل بصمت… دون أن يجرؤ أحد على مساءلتها.

لو كانت إيران تكذب، لما سمحت أصلاً للوكالة بالدخول، ولا لأخذ العينات، ولا حتى لإقامة مكتب دائم داخل أراضيها.
كانت ستتصرف كما يفعل نتنياهو: تصنع السلاح بصمت، وتُخرس كل من يقترب من الحقيقة.

ما يحصل اليوم ليس دفاعًا عن النفس، بل حرب استباقية لتخريب مسار التفاوض وعرقلة أي توازن دولي جديد، قامت بها دولة استثنائية في الإفلات من العقاب، بقيادة رجل خطير مستعد لإشعال المنطقة كلّها كي يبقى في الحكم.

إنه ليس مجرد رئيس وزراء…
إنه مشروع حرب متنقّل، يجب أن يُعرّى ويُحاسب.

مكاريو٢١ مارسيل راشد

Zahra's English Stories

Discover Zahra's English Stories on Amazon
Click here to read or buy

شاهد أيضاً

بين الإجلاءات الأميركية والمفاوضات غير المباشرة: هل تمارس واشنطن ضغطاً على إيران؟

Macario21 _ منذ الأمس، بدأت الولايات المتحدة بإجراءات إجلاء لموظفي سفاراتها وعائلات العسكريين من العراق …