في أحدث فصول الازدواجية في السياسة الإسرائيلية والأميركية، كشف مصدر من الوفد الإسرائيلي المرافق لبنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن عن تقديمه هدية تذكارية غريبة لرئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب: جهاز “بيجر” ذهبي وجهاز آخر عادي. هذه الهدية التي كانت بمثابة شكر على الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل، كشفت عن قمة الانحدار الأخلاقي التي وصل إليها الطرفان.
ترامب، الذي عبّر عن إعجابه الشديد بالهدية، وصف تفجيرات “البيجر” بأنها “عملية عظيمة”، في إشارة إلى التفجيرات الوحشية التي استهدفت عناصر من “حزب الله” في لبنان في أيلول الماضي. لكن ما يبدو أن ترامب ونتنياهو تجاهلاه هو أن هذه التفجيرات أسفرت عن سقوط العديد من الأبرياء، بمن فيهم أطفال وعاملون صحيون، إذ وصلت آثارها إلى المدنيين في مناطق مزدحمة كالشوارع السكنية ومحلات السوبر ماركت، ما يثبت أن العمليات لم تقتصر على الأهداف العسكرية.
المسؤولون الإسرائيليون صرحوا بعد اللقاء أن الزيارة كانت “تاريخية” وأنها “فاقت كل التوقعات”. إذا كانت الزيارة قد تحقق نتائج لمصلحة دولة إسرائيل، فهي بلا شك تحققت على حساب الدماء البريئة. “زيارة ودية” بين زعيمي دولتين تشتهران بسجل دموي طويل، وهو ما يعكس، للأسف، التحالف الاستراتيجي الذي يعزز الهمجية على حساب حياة البشر وحقوقهم.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد اعترف نتنياهو في تشرين الثاني الماضي بمسؤولية إسرائيل عن عملية “البيجر”، وهو ما يضع المزيد من الضغوط على المجتمع الدولي لفتح ملف هذه الجرائم والتوقف عن تغاضيه عنها. فما يُسمى بـ “التحالف التاريخي” بين ترامب ونتنياهو يبدو أكثر من كونه مجرد تحالف سياسي؛ إنه تواطؤ على تدمير حياة الأبرياء، في خطوة قذرة تُكمل سلسلة من الانتهاكات لحقوق الإنسان.
من الواضح أن العالم بات يعيش في زمن تقوده سياسات تلوثها الدماء، حيث تتلاقى المصالح وتختلط الإيديولوجيات، ليخرج عن المشهد الضعفاء الذين يدفعون الثمن الأكبر.
مكاريو٢١ مارسيل راشد