الحقيقة لا تقبل التأويل… مزارع شبعا لبنانية

تُعد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من أبرز النقاط الساخنة في النزاع حول السيادة في المنطقة، حيث شهدت هذه الأراضي في الآونة الأخيرة العديد من التصريحات والتأويلات السياسية التي تُساجل في مصيرها. ومع تلك التصريحات، يبقى من الضروري العودة إلى الحقائق العلمية والتاريخية التي تثبت لبنانية هذه الأراضي بعيدًا عن أي تحريفات أو مصالح سياسية.

الحقائق التي تثبت لبنانية المزارع

الوثائق العقارية اللبنانية: سجلات العقارات في لبنان تدعم بوضوح أن معظم أراضي مزارع شبعا كانت مسجلة باسم مزارعين لبنانيين منذ فترة الانتداب الفرنسي وحتى يومنا هذا، ما يثبت ملكيتها للبنان.

الخرائط الفرنسية: الخرائط التي أعدها الانتداب الفرنسي عند رسم حدود لبنان وسوريا تؤكد أن هذه المناطق كانت جزءًا من الأراضي اللبنانية، مما يعزز حجج السيادة اللبنانية عليها.

الإدارة الجغرافية: قبل الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأراضي في عام 1967، كانت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت الإدارة اللبنانية، بما في ذلك الخدمات والإشراف الإداري، مما يعكس واقع سيادة لبنان عليها.

دور القوى الدولية وغياب التأكيد السوري

من المعروف أن الولايات المتحدة، الحليف القوي لإسرائيل، دعمت دائمًا الرواية الإسرائيلية حول أن مزارع شبعا هي أراضٍ سورية لتجنب مطالبة إسرائيل بالانسحاب منها. ومع ذلك، فإن الصمت الرسمي للنظام السوري تجاه هذه القضية يثير تساؤلات كبيرة، حيث لم يقدم أي دليل ملموس لدعم ادعاءاته بخصوص ملكية هذه الأراضي.

الرئيس السوري السابق بشار الأسد، رغم وجود فرص أمامه لإثبات الحق السوري في المزارع على الساحة الدولية، لم يتخذ خطوات جادة لدعم هذا الادعاء، مما ترك فراغًا قانونيًا سمح لإسرائيل بمواصلة استيطان المنطقة والتلاعب بالقانون الدولي.

مراجعة المواقف في ضوء الحقائق

التمسك بالقرارات الدولية مثل القرار 242 قد يكون مفهوماً من زاوية معينة، ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار القرار 1701 الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، بما في ذلك مزارع شبعا. ومن المهم أيضًا أن نذكر أن الوثائق التاريخية والجغرافية تؤكد لبنانية هذه الأراضي، وأن أي محاولة لتفسير هذه القضية بعيدًا عن الحقائق الثابتة قد تؤدي إلى تصورات خاطئة.

مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ليست مجرد قضية سياسية تُطرح في إطار التوازنات الدولية، بل هي مسألة وطنية بحتة تمس السيادة اللبنانية. لذلك، من المهم لجميع المعنيين أن يعيدوا النظر في مواقفهم بناءً على الوقائع الموثوقة والوثائق الثابتة، دون الوقوع في فخ التأويلات التي قد تخدم الاحتلال الإسرائيلي.

التاريخ لن يغفر لمن يساوم على السيادة أو يتجاهل الحقائق. مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لبنانية، وستظل كذلك مهما حاولت القوى المختلفة التلاعب بالوقائع. من واجبنا جميعًا الحفاظ على حقوقنا الوطنية والنضال من أجل تحرير الأراضي المحتلة.

مارسيل راشد مكاريو٢١

شاهد أيضاً

حقوق الإنسان في السياسة الأوروبية.. بين المبادئ والقيم والمصالح السياسية

حقوق الإنسان تُعَدّ من القيم الأساسية التي تتفاخر بها الدول الأوروبية، فهي محور دساتيرها ومؤسساتها …