قدّمت محطة MTV تبريرًا لدعاواها القضائية بحق ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أوضحت أن الخطوة جاءت نتيجة ما وصفته بـ”حملة تحريضية” ضد موظفيها تضمنت تهديدًا واتهامات بلا دليل. واعتبرت المحطة أنّ لجوءها إلى القضاء ليس اعتداءً على حرية التعبير، بل دفاع عن حقوق العاملين فيها وسلامتهم. وأكدت أنها كانت وستبقى رائدة في حماية الحريات الإعلامية وفتح هوائها لكافة الآراء.
غير أنّ هذا التبرير يطرح تساؤلات مشروعة حول طبيعة الحريات التي تُدافع عنها المحطة، وحول الحدود الفاصلة بين النقد والتحريض.
الازدواجية في ممارسة الحرية
تصر MTV على أنها منبر لحرية التعبير، ولكن ممارستها الأخيرة توحي بعكس ذلك. عندما ترفع المحطة دعاوى قضائية وتطلب توقيع تعهّدات بعدم انتقادها، فإنها تضع نفسها في موضع الجهة التي تحدّ من الحريات التي تزعم الدفاع عنها. الحرية ليست انتقائية، ولا يمكن أن تُستخدم كذريعة عند التعرض للانتقاد وتُقمع عند اختلاف الرأي.
في دولة تشهد أزمات على مختلف المستويات، تصبح حرية التعبير متنفسًا وحيدًا للمواطنين للتعبير عن إحباطهم. لذلك، لا يمكن لأي مؤسسة إعلامية، مهما بلغت أهميتها، أن تُحوّل الانتقاد المباح إلى تهمة، أو تتعامل مع الآراء المختلفة وكأنها تهديد وجودي.
الفرق بين الحرية والمسؤولية الوطنية
من حق أي إعلامي أو ناشط أن ينتقد ويعبّر عن رأيه ضمن حدود القانون والأخلاق. لكنّ هناك خطًا فاصلًا بين الحرية والمسؤولية الوطنية، لا يمكن تجاوزه، وهو التبرير للعدو أو التهاون في قضايا تمس كرامة الوطن. ما عدا ذلك، فإن كل الآراء مقبولة تحت سقف الحرية التي يجب أن تشمل الجميع دون تمييز.
رسالة إلى الإعلام
الإعلام ليس فقط أداة للتعبير، بل هو صوت المجتمع وحامل قضاياه. لذلك، على المؤسسات الإعلامية أن تدرك أن مصداقيتها لا تُبنى على القمع أو الانتقائية، بل على الانفتاح والشجاعة في مواجهة الانتقادات. إن اللجوء إلى القضاء يجب أن يكون الملاذ الأخير، وعندما يحدث، ينبغي أن يكون في قضايا واضحة تتجاوز مجرد الاختلاف في الرأي.
إن حرية التعبير ليست شعارًا يُرفع حين يناسب المصالح. بل هي التزام شامل بتقبل كافة الآراء، ما دام التعبير عنها لا يتجاوز حدود التحريض أو التبرير لأعداء الوطن. وأي محاولة لتقييد هذه الحرية بحجة الدفاع عن كرامة المؤسسة، تُفقد الإعلام دوره الحقيقي وتضعه في موضع الاتهام بدلًا من الدفاع.
مكاريو٢١ مارسيل راشد