في عالمٍ يزعم أنه متحضّر، تظل همجية إسرائيل واحدة من أكثر التناقضات المروعة في الساحة الدولية. تحت غطاء الحماية الأمريكية، تستمر آلة القتل والتدمير في سحق أرواح الأبرياء، سواء في غزة أو جنوب لبنان، دون عقاب أو مساءلة.
يُقترف العنف بأبشع صوره ضد شعوبٍ تسعى للبقاء تحت وطأة الحصار والاحتلال، وفي المقابل، يظل المجتمع الدولي متفرجاً، مكتفياً بالإدانات الشكلية التي لا تقدم ولا تؤخر في مسار هذه المأساة الإنسانية.
إن القتل الممنهج والتدمير العشوائي الذي تمارسه إسرائيل لا يعد مجرد عمليات عسكرية؛ إنه اعتداء على كيان الإنسانية بأسره.
كيف يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدي أمام إبادة لشعوب بأكملها؟ هل أصبح الضمير الإنساني رهينة للمصالح الجيوسياسية؟
ما نشهده هو امتداد لحقبة استعمارية تتحدى مبادئ العدالة والكرامة، حيث يُختزل الدم الفلسطيني واللبناني إلى مجرد أرقام تُعرض في نشرات الأخبار، بينما يواصل الاحتلال عملياته الوحشية دون رادع.
إن الصمت العالمي ليس حالة من الحياد، بل هو تواطؤ مع الجريمة. نحن أمام مشهد يعكس انهيار الأخلاق الإنسانية، حيث تُمنح إسرائيل حرية مطلقة للتصرف كقوة خارجة عن القانون، تُنكل وتُبيد، بينما يتراجع العالم عن دوره في مواجهة هذا الطغيان.
المجتمع الدولي يجب أن يُدرك أن استمرار هذه الوحشية ليس فقط تهديداً للشعوب المقهورة، بل تهديدٌ للسلام العالمي بأسره. إن تبرير هذا العنف بحجج الأمن القومي أو الدعم السياسي لا يمكن أن يغطي على الجرائم التي تُرتكب، ولا يمكن أن يكون درعاً لمحو ذاكرة الشعوب المضطهدة.
الوقت قد حان لانتفاضة الضمير العالمي، لتحطيم جدار الصمت والتواطؤ، وفرض وقفة أخلاقية ضد هذا الظلم الذي طال أمده. إن إنهاء العنف الممنهج ضد شعوب غزة ولبنان، بل وكل ضحايا الاحتلال والاستعمار، هو ضرورة ملحّة لاستعادة العدالة وإعادة بناء النظام العالمي على أسسٍ من الإنسانية الحقيقية، لا المصالح العابرة.
مارسيل راشد مكاريو٢١