بين شعب صامد وشعب صامت الفرق حرف

بين شعب صامد وشعب صامت الفرق حرف…

بعد كل هذه الأزمات التي يمر فيها الوطن اتضح أن الشعب اللبناني ليس شعباً صامداً بل هو شعب صامت عن كل شيء صامت عن الحق والحقوق بغالبيته، حام وممجد لجلاديه مهمل لحقوقه غير مكترث لمستقبل أولاده ودائماً نتكلم بالغالبية.

في السنين ما قبل التسعين كان شعب بغالبيته صامتاً، تعاون وعاون الاحتلالات واستفاد وتأقلم في الحرب الأهلية وكل فئة دعمت فريقها الطائفي، وكل رمى التهم على الآخر ، دمر الوطن وقتل اللاف اللبنانيين وكل قتيل أصبح اسمه “شهيد” محوا اسمه الحقيقي ونساه التاريخ.
وباسم القضية ضاع الوطن وهجر اللاف اللبنانيين مضت السنين والشعب صامت كتب التاريخ في ذاكرة اللبنانيين، كل فئة تاريخها حسب مصلحتها نقلته للأجيال ولا تاريخ موحد يخبر الحقيقة كما هي .

سنة ١٩٩٠ انتهت مرحلة الحرب :

انتقل لبنان من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلم، أي سلام يعطى هبة للأوطان يدفع ثمنه المواطن غالياً، وثمن ما أسموه سلاماً كان الدولة بأكملها، قسموا الوطن متاريس دون حواجز داخل الدولة كل من حمل سلاح على الآخر أصبح أما وزير إما نائب أما رئيس، وانتقل القتال والانقسام إلى داخل الدوائر الرسمية وما لم يستطيعوا أخذه من خارج الدولة أخذوه من داخلها ، باسم الإعمار راكموا الديون على المواطن ، ومقابل كل الديون لم يأخذ المواطن أي حق من حقوقه بل سلبت أملاك وأموال الدولة أي أملاك الشعب أمام عيون كل العالم والصمت كان سيد المواقف دائماً .

عام ٢٠٠٥ خرج اخر جندي غريب على الأراضي اللبنانية:

انتهت الاحتلالات الغريبة على أراضي وطننا وبقي الاحتلال المحلي وهو احتلال مدعوم دولياً، كل فريق تدعمه دولة، واستكمل نهب ما تبقى من الدولة والشعب صامتاً .

انتفاضة شعبية في ٢٠١٥ :

لأول مرة يتحرك الشعب اللبناني من تلقاء نفسه بعد تراكم النفايات في المناطق وشوارع كل الوطن والسبب سياسي (اختلاف على الحصص) . خرج بعض المواطنين عن صمتهم وصرخت هتافات ضد جميع المسؤولين فنزل البعض الآخر الصامت واسكت أغلبهم وبقي قلة قليلة مستمرة بالمطالبة بحقوقها وبدولة مدنية بعيدة عن أحزاب وتيارات الطوائف المذهبية ، بقي قلائل من المواطنين يطالبون بحقوق كل المواطنين ويحذرون من انهيار لبنان اقتصادياً ، قلة قليلة تطالب بمحاسبة ومحاكمة الجميع واسترجاع الأموال المنهوبة ولكن عدد الصامتين كان أكبر بكثير … فاستمر الناهبون بنهب أملاك الدولة.

انتخابات ٢٠١٨ أهم فرصة للتغيير قبل التدمير الشامل للدولة:

أتت فرصة الشعب للتغيير وإنقاذ ما تبقى من الوطن ولكن الفئة الصامتة كانت الأكبر ، ضاعت الفرصة واستمر النهب والتحاصص داخل مؤسسات الدولة وتفرعت الأزمة إلى أزمات وكانت أسوء أربع سنوات يمر فيها الوطن ويعيشها المواطن .

ثورة ١٧ تشرين :

بين مسؤول يقول “الليرة بخير” ومسؤول يقول “اقتصادنا قوي” انهار الاقتصاد وهربت أموال السياسيين وأغلب رجال الدين ومن بينهم أموال رجال أعمال تابعين لهؤلاء وانهار الاقتصاد ، المصارف حجزت بل سرقت أموال المودعين الصغار، احترق الوطن فكانت الانتفاضة “ثورة ١٧تشرين” الثورة كانت فورة، خرقتها الأحزاب والتيارات المتحكمة كما دائماً .
جعلوا الشعب الثائر يضيع اتجاه البوصلة وتحولت المطالب من بناء وطن واسترجاع حقوق كل المواطنين ومحاسبة ومحاكمة كل المسؤولين إلى شوارع ضيقة مطالبها فئوية تقسيمية متحيزة وعنصرية . عاد المواطن يطالب بحق طائفة على حساب الوطن ويدافع عن زعيم ولو احترق الوطن، عاد المواطن صامتاً عن الحق وغير مكترث لحقوق أولاده ولا حتى لمستقبلهم.

من ١٧ تشرين ٢٠١٩ لغاية اليوم أزمات وكوارث وسط صمت المواطن :

بعد أن قسموا الشارع الثائر إلى شوارع تواجه بعضها بعض، بعد أن غيروا اتجاه بوصلة الشعب الغاضب على كل المسؤولين إلى شعب غاضب من ثوار ١٧ تشرين محمل مسؤولية الانهيار الاقتصادي إلى المواطنين الذين يطالبون بحقوق الوطن والمواطنين المسلوبة من محتلين متحكمين بالوطن ومصير الشعب، أستكمل التدمير وسلب من المواطنين كرامتهم وأرواحهم بعد سلب أموالهم بكل الاتجاهات .

_حرائق مفتعلة في كل لبنان ولا تجهيزات حديثة للدفاع المدني رغم الوعود، وكيف لهم أن يجهزوا دفاعاً مدنياً أو مستشفيات أو مدارس أو جامعات وهم سلبوا كل أموال الدولة من خزانة الدولة إلى خزاناتهم الخاصة وأغلب الأموال هربت إلى خارج البلاد …والشعب صامت.

_سلاح متفلت، تهريب وترويج مخدرات وعملة مزورة والأمن غائب ، وأن حضرا الأمن يكفي اتصال هاتفي واحد من أحد المسؤولين ليخرج المخل بالأمن.

_ نيترات على المرفأ وكل المسؤولين السياسيين من أحزاب وتيارات السلطة على علم بها من سنين ولم يكشف أمرها إلا بانفجار كان ضحيته عشرات المواطنين الأبرياء ومئات المتضررين جسدياً ومادياً ونفسياً ولولا العناية الإلهية لكان قضي على العاصمة بيروت كلها …والشعب صامت ومختلف حتى على معرفة الحقيقة وتنفيذ العدالة .

_احتكار الدواء وحليب الأطفال ، البنزين والمازوت والطحين، وكل السلع الأولية، والمحتكرين مدعومين محميين والشعب يذل بطوابير الذل في كل مكان …لكنه صامت .

_ شبابنا ينتحر من يأسه،عائلات مع أطفالها تهاجر على مراكب الموت بسبب الأزمات المتراكمة بلعبة الحظ، (إما تموت وأما تنجوان من هكذا ذل واحتكار للأرواح وتجد حياة) … الشعب صامت وان تكلما يلوم المظلوم ليبرر للظالمين .

_دولار غير شرعي يتحكم بمعيشة المواطنين يرفع اقتصاد القلائل ويفقر الأغلبية، دولار السوق السوداء مروجي موظفين لدى المتحكمين ولا من يحاسب . قضاء صامت معتكف لأجل زيادة القليل على راتبه وهامت حقوق المواطنين التي يفترض أنه مؤتمن عليها. لا مدارس لا مستشفيات لا جامعات لا عمل ولا أدنى وجود لمقومات الصمود في الحياة …. والشعب صامت

انتخابات ٢٠٢٢ صمت الشعب فحجب التغيير:

بعد كل الذل والكوارث التي حلت على لبنان وشعبه أتى الاستحقاق الانتخابي بين اختلافات المجموعات المدنية والخروقات الحزبية وبين قانون مفصل على قياس من فصله وصمت الشعب ومقاطعته وإهماله لواجبه الوطني بعدم الانتخاب أعيد المجلس كما كان بتغيير خجول وبالكاد يسمع صوته . مجلس فعلاً يشبه الشارع قلائل معترضة مدافعة وسط أغلبية صامتة، دمى متحركة بيد زعيمها والسفارات .

مجلس نواب مهرج يتلاعب بمصير الوطن في كل الاستحقاقات الدستورية غير مكترث لعواقب تهريجه، يذل الشعب من يفترض أنه صوت الشعب … والشعب يكرر تفويضه وهو صامت وان أكملنا لا ننتهي بمليون صفحة وأكثر ، كوارث تليها كوارث والشعب فعلاً صامد على صمته.

لن نخرج من جهنم بخضوعنا، ولن نسترجع حقوقنا المسلوبة إن لم نخرج عن صمتنا، لن نهزم جلادينا بصمتنا عن إجرامهم وفسادهم ، لن نستعيد الحياة في وطن يكون وطناً للمواطن اللبناني ان بقينا صامتين عن الحق ومهللين للباطل.

للصامتين نتوجه بالقول كفاكم صمتاً اقلبوا الطاولة واسترجعوا حقوقكم وأنقذوا أنفسكم ومستقبل أولادكم، انتهى الوقت فالمركب يغرق بالجميع .
اخرجوا عن صمتكم ولو متأخرون فالموت بكرامة أفضل من العيش بدونها .

خاص macario21 مارسيل راشد

شاهد أيضاً

السنوار: شهيد المقاومة الذي قاتل حتى اللحظة الأخيرة

في ظل الحرب المستعرة في غزة، تتواصل الإشاعات والادعاءات حول ما يحدث على الأرض. وبينما …