لطالما عكست المواقف الدولية تجاه الاحتلال الإسرائيلي حالة من التناقض الصارخ، حيث تخضع هذه المواقف لحسابات المصالح الجيوسياسية والتحالفات الإقليمية، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني والقوانين الدولية.
الولايات المتحدة: دعم ثابت لإسرائيل
تعد الولايات المتحدة الحليف الأبرز لإسرائيل على الساحة الدولية، حيث تقدم لها دعمًا عسكريًا واقتصاديًا يتجاوز 3.8 مليار دولار سنويًا، بجانب مظلة سياسية في المؤسسات الدولية، خاصة مجلس الأمن. هذا الانحياز الأمريكي يمنح إسرائيل حصانة دبلوماسية تمنع مساءلتها عن الانتهاكات المستمرة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الاستيطان غير الشرعي، وحصار غزة، وانتهاكات حقوق الإنسان.
الاتحاد الأوروبي: مواقف متباينة
تختلف مواقف الدول الأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ما يعكس غياب سياسة أوروبية موحدة. في حين تلتزم ألمانيا بدعم إسرائيل بحكم التاريخ والسياسة، تتخذ دول أخرى كإسبانيا مواقف أكثر نقدًا، خاصة فيما يتعلق بالاستيطان والسياسات الإسرائيلية القمعية. ومع ذلك، لم يتجاوز الموقف الأوروبي حدود الإدانة اللفظية، ما أدى إلى محدودية تأثيره على الأرض.
روسيا والصين: مصالح متوازنة
تحافظ كل من روسيا والصين على علاقات متوازنة مع إسرائيل والفلسطينيين. تسعى موسكو لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال علاقاتها العسكرية والتجارية مع إسرائيل، بينما تدعم الصين، نظريًا، حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية. هذا التوازن يعكس رغبة القوتين في تحقيق مصالح استراتيجية دون الانخراط الكامل في النزاع.
الدول العربية والإسلامية: بين الرفض والتطبيع
رغم الإجماع العربي والإسلامي على رفض الاحتلال الإسرائيلي ودعم القضية الفلسطينية، شهدت السنوات الأخيرة تحولات دراماتيكية، أبرزها توقيع اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. هذه التحولات أثارت انقسامًا داخليًا في الصف العربي والإسلامي، وطرحت تساؤلات حول مصير التضامن مع القضية الفلسطينية.
الأمم المتحدة: قرارات بلا تنفيذ
أصدرت الأمم المتحدة عشرات القرارات التي تدين الاحتلال الإسرائيلي وتدعو إلى إنهائه، لكنها تظل حبراً على ورق في غياب آليات تنفيذ فعّالة وإرادة سياسية من الدول الكبرى. الفيتو الأميركي المتكرر في مجلس الأمن يمثل عائقًا رئيسيًا أمام أي تقدم ملموس نحو إنهاء الاحتلال.
ازدواجية تقوّض العدالة
إن تباين المواقف الدولية تجاه الاحتلال الإسرائيلي يعكس ازدواجية المعايير التي تتسم بها السياسة العالمية. وبينما يتحدث المجتمع الدولي عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، تقف المصالح والتحالفات عائقًا أمام تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني. هذه الازدواجية تؤكد الحاجة إلى توافق دولي حقيقي يضع حقوق الإنسان فوق كل اعتبار، ويمهد الطريق نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل.
مكاريو21