في لحظات التاريخ الحاسمة، يُختبر ضمير الإنسان. نحن اليوم شهود على ظلمٍ كبيرٍ يرتكب بحق الأبرياء، الذين لا ذنب لهم إلا انتماؤهم إلى وطنهم. في هذا الواقع الأليم، لا مكان للحياد، لأن الحياد في وجه قتل الأبرياء وإراقة دماء النساء والأطفال ليس إلا خيانة للقيم الإنسانية؛ هو صمت مخزٍ أمام ما لا يمكن تبريره.
الإنسانية ليست شعارًا، بل موقف
تُبنى الإنسانية على مبادئ وقيم تحترم حق الحياة وتصون الكرامة. عندما يُقتل الأبرياء وتُدمر حياتهم بوحشية، لا يمكن لأي شخص أن يدّعي التمسك بالحياد. فالحياد أمام القتل والظلم هو انحيازٌ بحد ذاته، لكنه انحياز للظلم، وجعلٌ من المعتدي قوّة غير معارضة. من يقف محايدًا أمام قتل المدنيين لا يستحق أن يتحدث عن الإنسانية؛ لأنه اختار الصمت في وجه الجريمة.
رفض الحياد واجب أخلاقي
ليس من المقبول أن نتخذ موقفًا محايدًا حينما تُغتال الحضارة والتاريخ وتُستهدف الأرواح. رفض الحياد في هذه الحالة ليس فقط ضرورة وطنية، بل واجب أخلاقي. لا يمكننا أن نرى تراثنا وأبناء وطننا يسقطون ضحايا للعنف الوحشي ونكتفي بالتفرج من بعيد. الصمت في هذه الحالة يساوي القبول بالاعتداء، وتجاهل ما يتعرض له الشعب من معاناة.
الحضارة تحت التهديد: مسؤولية جماعية في وجه الدمار
الهجوم على الأبرياء لا ينهي حياة أفراد فقط، بل هو هجوم على كل ما يجسد حضارة الوطن وهويته. إن الحضارة ليست مجرد مبانٍ وتراث، بل هي ذاكرة الأمة التي تُختزن فيها قصص الأجيال وحكايات الماضي. إذا ضاعت الحضارة وانتهكت حياة الأبرياء، فإن التاريخ نفسه يُمحى، وتضيع معه إنسانيتنا.
لا إنسانية بلا موقف
لنكن واضحين؛ الإنسانية تتطلب منا أن نكون شهود حق، لا أن نكتفي بالوقوف على الحياد. من يقف صامتًا إزاء الظلم لا يُعد محايدًا بل متواطئًا. اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، علينا أن نكون صوتًا للمظلومين، وأن نرفض الصمت أمام معاناة الأبرياء.
خاص مكاريو٢١ مارسيل راشد