كتب فادي عبود في الجمهورية
وصلتنا بعض التعليقات حول مقال الاسبوع الماضي، والذي ناقشنا فيه الحياد والمقاومة، وتحديداً تعليقات تتعلق باتهام «حزب الله» بأنّه يقوّض دولة القانون والمؤسسات والاقتصاد المنتج، وبالطبع هي تهم تتعلق بالفساد.
سنقوم بالردّ على هذه التعليقات
– المواطنة تعني أن اناقش مواطن بلدي بطريقة حضارية وبمحبة للوصول إلى ما هو افضل للمجتمع على كافة الصعد، وايضاً إذا اختلفنا يكون ذلك بطريقة حضارية، فنقدّم الحجج المتبادلة للوصول سوياً إلى الخيارات الأفضل. إنّ المواطنة تعني أن اهتم لرأي شريكي المواطن، وأفهم انّ مصلحتنا مشتركة، وأن امتدح أفعاله الايجابية وانتقد ما اعتبره سلبياً. اما في لبنان، فإنّ التعاطي بين الأفرقاء يتسّم بالحدّة والحقد والتجريح، والخلاف يكون شاملاً ومعمماً. فحتى لو اقترح شريكي المواطن فكرةً إيجابية أعارضها بالمطلق حتى لو كانت تفيدني. إذا لم نتعلّم المواطنة، فما نفع الوطن حينها؟ أحلم مثلاً أن تقوم «القوات اللبنانية» بامتداح نقطة إيجابية لدى «حزب الله» او «التيار الوطني الحر»، وبالعكس، احلم ان يقوم «حزب الله» او «التيار الوطني الحر» بمدح نقاط ايجابية لدى «القوات اللبنانية»، حينها يبدأ الحوار السليم.
– بناء الوطن يتطلّب خططاً واضحة. اما في لبنان فالهجومات المتبادلة تتركّز على شيطنة الآخر من دون أية طروحات بديلة، لا أفكار بديلة للدفاع عن لبنان، ولمحاربة الفساد ولبناء الاقتصاد المنتج، نتهم الآخر بأنّه السبب وراء الانهيار ولكن لا نطرح البديل.
– كما انّ بناء الوطن يتطلّب الثقة والمحبة بين الأطراف. اما ما يحصل في لبنان فهو الصراع للسيطرة بهدف الاستفادة المادية من مقدرات الدولة وتوزيع خدمات على الأتباع لزيادة النفوذ، فيحاول كل فريق زيادة مكاسبه من الدولة قبل الفريق الآخر، ولا يبالي بأذية الآخر، وأي فريق يصل إلى السلطة يحاول أن يستولي على أقصى ما يمكنه، ولا يبالي بما يحصل للآخرين.
– إنّ الثقة وإبعاد جشع السيطرة لا يتحقّق من دون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، فتصبح الامور واضحة لدى الجميع، وأي حوار يكون ضمن الشفافية المطلقة لمشاركة الكل، وحينها يعرف الجميع مَن يعطّل الحوار ومَن يستفيد من مقدرات الدولة.
– وبالنسبة لسلاح «حزب الله»، اجتاحتنا اسرائيل في الـ 1982، وبقيت 20 عاماً بهدف تفريغ الجنوب، وتُرك الجنوبيون لمصيرهم من دون مساعدة من الامم المتحدة والدول الكبرى، فأخذوا زمام المبادرة ودافعوا واسترجعوا ارضهم. هي حرب العصابات GUERILLAS، بالإضافة الى ذلك، اثبتت التجارب العالمية قدرة حرب العصابات في مواجهة جيوش كبرى. وانّ الجيوش لا ترتاح في الدخول إلى أراضٍ فيها مقاومة الـ GUERILLAS.. هذه الوسيلة هي أملنا الوحيد. ونحن بلد صغير في خلق معادلة دفاعية ضدّ الأطماع العديدة التي تواجهنا. فهل من الحكمة التخلّي عن ورقة قوة بأيدينا؟
– من جهة أخرى، نحن لا نريد أن نعادي احداً، نحن فقط نريد الدفاع عن انفسنا وسلامة اراضينا في مواجهة أطماع كثيرة، إنّ تدخّلنا في القضية الفلسطينية كانت نتائجه سلبية علينا وعليهم. نتمنى على «حزب الله» ان يتبنّى هذا الموقف ويكتفي بالدفاع عن لبنان، لأنّ تدخّله في قضايا الدول الاخرى لا يحقق الأهداف المرجوة ويزيد الوضع سوءاً ويؤذينا في الوقت نفسه (الحرب السورية تُعتبر استثنائية وشرحناها في مقال سابق). لا يجوز ان ننتقد سياسة اي بلد، فمشاكلنا تكفّي وأكثر. إذا ركّزنا فقط على ما نواجهه من مشاكل ومصاعب لن نجد وقتاً لأن ننتقد احداً، وان يكون صلب تركيزنا على مصلحة مواطنينا المقيمين والمغتربين. فبقاؤنا على الحياد يضمن مصالح وحقوق مغتربينا الذين كان لهم وما زال أثر كبير على استمرارية اقتصادنا.
بالطبع طروحاتنا خارجة عن المألوف، ولكن ألم يحن الوقت للبحث بالعمق عن حلول فاعلة بدل الاستمرار بالكليشيهات. ونتمنى من الجميع مشاركتنا النقاش المفتوح البعيد من الأحكام المسبقة.