جاء في اللواء
على مسافة أيام قليلة من نهاية شهر أيلول، بدت الرهانات اللبنانية، مع الانتظارات والتداعيات أقرب الى «التأمل المرير» لعدم جدوى التحركات الخارجية او اعادة ما انقطع من روابط وأواصر بين اطراف الداخل، في ضوء انضمام بكركي، من الخارج الى وضع تصوّر مغاير لتصوّر رئيس المجلس للحوار.
بدا الجوّ مكفهراً، على الرغم من ان الرئيس نبيه بري يتابع العمل على مبادرته، عبر تلقي الاجابات الخطية، لا سيما من رؤساء الكتل النيابية، ببند واحد لا غير: هو انتخاب رئيس الجمهورية.
وكشف النقاب عن ان الرئيس بري وجَّه رسائل رسمية لكل من كتلتي «الجمهورية القوية» و«لبنان القوي»، فجاء الجواب القواتي رفضاً واضحاً، أمَّا التيار الوطني الحر، فإنه جاء ردّه سلسلة اشتراطات، رآها ضرورية، وتصب بالتالي، في إبعاد بري عن ترؤس الحوار، ورفض أي صيغة تربط الجلسات بالنتائج، والاكتفاء بمقاربات او عناوين عريضة، الامر الذي رأت فيه اوساط عين التينة وضعاً للعصي في الدواليب، لا أكثر ولا أقل، وتبرئة ساحة الفريق العوني من دم نسف الحوار، وتداعياته.
يُشار الى ان بري ارسل رسالته الى باسيل، عبر النائبين آلان عون والياس بوصعب.
كما بعث رئيس المجلس برسالة الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مع النائب ملحم الرياشي.
ونُقل عن الرئيس بري تأكيده انه هو الذي سيدير الحوار.
ويفترض ان يكون الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني التقى مساء امس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لإبلاغه بأن الخماسية وقطر في مقدمتها تميل الى تسمية العماد جوزاف عون للرئاسة كخيار ثالث.. واذا تعذر فلا مانع من طرح اسم المدير العام للامن العام بالإنابة الياس البيسري.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أنه من السابق لأوانه تقييم المسعى القطري الذي لا يزال في بداياته، وبالتالي لا يمكن الحكم على فعاليته في تغيير منحى المراوحة الذي يسلكه ملف الرئاسة. ولفتت المصادر نفسها الى أن قطر كما الدول المعنية بهذا الملف ترغب في استعجال إجراء الانتخابات، قائلة أن الموفد القطري على دراية باللعبة الدستورية له.
ورأت أنه إذا كانت هناك من تسوية ما قد تُنسج فإنها لن تولد غداً وقبل أن تعلن المواقف صراحة وبلورة أسس أية تسوية لن تحصل أية انتخابات، معلنة في الوقت نفسه أن هناك من رسم صورة تشاؤمية عن هذا الاستحقاق وأن الخيار الثالث لم ينطلق البحث به بعد.
ولم تنفِ مصادر سياسية ما تردد من معلومات عن خلافات نشبت ،بين ممثلي الولايات المتحدة وفرنسا خلال اجتماع ممثلي اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة مؤخرا بخصوص تعثر مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي إيف لودريان لحل أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان وقالت : ان ما حصل هو مطالبة ممثلة الولايات المتحدة الأميركية، ممثل فرنسا بإطار زمني محدد لإنجاز هذه المهمة، وان لا يبقى الوقت مفتوحا، إلى ما لا نهاية لانه من الضروري الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وتأليف حكومة جديدة تتولى وقف الانهيار الحاصل، وتعيد وضع البلد على الطريق الصحيح، والبدء بعملية النهوض المالي والاقتصادي والمعيشي.
وشددت المصادر على ان الخلاف الحاصل بين ممثل فرنسا وممثلة الولايات المتحدة الأميركية، ترك تداعيات سلبية على اجتماع اللجنة، وصولا إلى تعذر اصدار بيان عنها ،كما كان متوقعا، ولكن الامر لم يصل إلى حد توصل اللجنة الى تفاهم بين اعضائها، لإنهاء دور الموفد الرئاسي الفرنسي إيف لودريان لحل ازمة الانتخابات الرئاسية، واسناد هذه المهمة الى دولة قطر،كما يذهب البعض إلى القول ،بالتزامن مع المواقف التي اعلنها امير قطر من على منبر الأمم المتحدة بهذا الخصوص.
واكدت ان التفاهم الحاصل يتضمن قيام دولة قطر بمواكبة التحرك الفرنسي، من خلال علاقاتها الجيدة مع الأطراف السياسيين الأساسيين، وقنواتها المفتوحة مع الدول المؤثرة بالوضع اللبناني وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وايران، ما يؤدي إلى التعاون لتذليل الصعوبات وتقريب وجهات النظر، تمهيدا للتوصل الى قواسم مشتركة تساعد في حل ازمة الفراغ الرئاسي وتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتوقعت المصادر ان يؤدي التحرك الفرنسي القطري الى عودة لودريان إلى لبنان مطلع شهر تشرين الاول المقبل، لاستئناف مهمته، في الوقت الذي يكون الموفد القطري الموجود بلبنان منذ ايام ،قد مهَّد الطريق لهذه العودة، بتذليل معظم الصعوبات والمحاذير التي تعترض طريق حل الأزمة القائمة، وعندها يتكامل تحرك الموفدين معاً، في سبيل التوصل إلى اتفاق بين الاطراف المعنيين باتجاه الحل المطلوب، اذا ساعدت الاجواء والمواقف الاقليمية والدولية بذلك.
وفي السياق، نفت العلاقات الاعلامية في حزب الله ما جرى تداوله (MTV) عن مصادر في حزب الله حول المسعى القطري في ملف الرئاسة في لبنان، مشيرة الى ان لدى مصادر في حزب الله، هي لا تعتمد هذا الاسلوب.
شيا: لا نشعر بالخوف
وفي اطار متابعة الاعتداء على السفارة الاميركية، زارت السفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا السراي الكبير، والتقت الرئيس نجيب ميقاتي، حيث جرى التطرق الى الاعتداء الذي تعرضت له السفارة من قبل مسلح اول من امس، وجرى تكرار للادانة والتأكيد على تكثيف التحقيقات لكشف المعتدين والضالعين في الاعتداء.
واكدت: نحن في السفارة الاميركية لا نشعر بالخوف، فإجراءاتنا الامنية متينة جدا، وعلاقتنا صلبة ونحن نتابع عملنا في السفارة كالمعتاد.
اضافت: نحن ندرك تماما أن السلطات تحقق في حادثة إطلاق رجل مسلح النار باتجاه السفارة. ونحن نقدر الالتزام الذي عبَّر عنه شركاؤنا الامنيون والمسؤولون السياسيون في هذا البلد بأنهم لن يألوا جهدا لجهة التحقيق في هذه الحادثة وملاحقة المرتكب ومحاسبته.
واوفد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وفداً ضم النائبين غسان حاصباني ورازي الحاج والمسؤول في جهاز العلاقات الخارجية مارك سعد، الى مقر سفارة الولايات المتحدة الأميركية في عوكر حيث التقوا مع طاقم السفارة واطلعوا على الاضرار وادانوا الاعتداء الاخير على مقر السفارة.
عون يرد
وفي اول رد على انتقادات التيار الوطني الحر، قال العماد عون: «إننا نسمع بعض الاصوات المشككة بدور الجيش في حماية الحدود، انطلاقاً من مواقف سياسية معروفة، ولم نرَ هؤلاء يبادرون الى دعم الجيش بل يحاولون عرقلة عمله، واثار السمات حوله، ولم نرَ لهم مشاركة فاعلة في معالجة ازمة النزوح السوري، وما بعثوا وزراءهم الى مجلس الوزراء.
وفي الحركة الدبلوماسية، إستقبل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، في مكتبه في المجلس، سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو، حيث دار نقاش حول موضوع الاستحقاق الرئاسي ومهمة جان إيف لودريان والمرحلة التي وصلت إليها. كما تم عرض لأفكار عدة من شأنها تسهيل المساعي الفرنسية بغية إنجاح هذه المهمة والتوصّل الى انتخاب رئيس للجمهورية.
على صعيد دبلوماسي ومالي آخر، التقى سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان وليد بن عبدالله بخاري في مقر إقامته باليرزة على مأدبة إفطار القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري. وكان اللقاء مناسبة جرى خلالها «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها واستعراض مجمل المستجدات والتطورات الراهنة».
سجالات
وسط ذلك، استمرت السجالات بين النواب من كتل مختلفة،وقد رد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي كرم، على حسابه عبر منصة «إكس» على قول بري «يبدو ان الكنيسة القريبة ما بتشفي» فقال: الكنيسة اكيد بتشفي إن كانت قريبة او بعيدة، بس الكنيسة اصول ودستور، مش ابداعات ظرفية. اضاف:«خلّينا نلتزم بالدستور الوطني ونطبّق القوانين العامة ومش عايزين حدا من بعيد، فينا نعيش سوا بسلام.
وكتب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر حسابه في منصة «اكس»:ما فهمت كيف الحرص على الحوار لانتخاب رئيس هو رفض للحوار؟! كل شغلة لها شروطها وظروفها حتى تنجح. اذا قلنا انه لازم نتفق بالحوار على برنامج العهد بخطوطه العريضة حتى ننتخب رئيس على اساسه وينجح بعهده، منكون عم نرفض الحوار أو حريصين على إنجاح العهد؟! إذا قلنا إنو رؤساء الأحزاب لازم يكونوا بالحوار حتى يكون في قرار مش بس كلام، منكون عم نرفض الحوار؟!
في الموازاة، رد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله عبر منصة «اكس» على حديث صحافي لعضو تكتل الجمهوية القوية النائب جورج عقيص وكتب: أن نتمايز مع القوات اللبنانية في الموقف من الحوار، فهذا أمر طبيعي يرتبط بالمنطلقات الفكرية المختلفة، والتباعد في مقاربة كيفية حماية الكيان وهويته ودوره. أما أن نختبئ وراء البطريركية المارونية واللجنة الخماسية لنبرر المساهمة في تعطيل المؤسسات وكل محاولات الإنقاذ، فهو النتعة بل اكثر.
ورد عقيص:«لا أعلم لمن يتوجه دكتور عبدالله. فنحن لا نختبئ وإذا كنا مقصودين كقوات لبنانية او كمعارضة لا نختبئ ببطريركية ولا بلجنة خماسية غيرنا يختبىء بمقولة حوار لتبرير إضاعة الوقت وإهدار الفرص بانتخاب رئيس».