العدو يعلق مشاركته بـ”الإجتماعات السرية” واليونيفيل تتحرك لبنان فوّت فرصة نصر تاريخية!

كتب عبدالله قمح في ليبانون ديبايت

علّق العدو الإسرائيلي مشاركته في “اللقاء السري” الذي عقد طوال جلستين في مقر “اليونيفيل” بالناقورة، وهو لقاء متفرّع عن الإجتماع الثلاثي الذي يلتئم دورياً بصيغة مندوبين عن الجيش اللبناني، “اليونيفيل” وقوات الإحتلال الإسرائيلية، إحتجاجاً على ما أسماه “قيام الصحافة اللبنانية بتسريب مضمون الإجتماع الأخير الذي عُقد في مقر القوات الدولية بتاريخ 12 من الشهر الجاري”، وتضمّن مقترحات بانسحاب إسرائيلي من خراج بلدة الماري مقابل إزالة خيمة “حزب الله” المنصوبة في مزارع شبعا المحتلة. ما يعنيه ذلك أن مسار التفاوض بات مجمداً في الوقت الراهن.

مضمون الإعتراض أبلغه العدو إلى قيادة “اليونيفيل” التي بدورها نقلته إلى قيادة الجيش ومن خلالها إلى أركان الدولة. وكان اتفاقٌ أن يُصدر الطرفان، اللبناني والقوات الدولية، نفياً لمضمون ما سُرّب صحافياً، في محاولة لإنقاذ المفاوضات، جاءت مترافقة مع ما أبلغته “اليونيفيل” إلى العدو في أن يهتم بنفي التسريب في ساحته.

في هذه الأثناء، علم “ليبانون ديبايت” أن قيادة “اليونيفيل” تتحرّك وتمارس ضغوطاً هائلة في محاولة منها لإنقاذ مسار المفاوضات التي كانت تهدف إلى تأمين “تفاهمات” بين لبنان والعدو، من شأنها توفير ظروف إنسحاب متبادل من خراج بلدة الماري (أو ما يُعرف بالجزء اللبناني من بلدة الغجر)، ومن مزارع شبعا حيث تتواجد الخيمة. ولم تستبعد المصادر احتمال دخول أميركي على خط الوساطات.

عملياً أخذت الجلسات طابع السري للغاية. الجلسة الأولى عقدت في الناقورة منتصف آب الماضي، بحضور 3 مندوبين فقط: عن الجانب اللبناني مفوض الحكومة لدى القوات الدولية العميد منير شحادة (وقد جرى استثناء مندوب مخابرات الجيش)، عن “اليونيفيل” قائدها العام الجنرال أرولدو لازارو وحيداً وضابط إسرائيلي برتبة عميد.

في الجلسة الأولى جرى بحث موضوع خراج بلدة الماري (او الغجر). عرض العدو وجهة نظره في شأن موقع الماري مقارنة بالغجر والجزء الذي طاله التوسع العمراني. في المقابل أصرّ الجانب اللبناني على موقفه بضرورة خروج العدو منها تطبيقاً لما نصّ عليه القرار 1701. حضر هنا موضوع الخيمة التي نصبتها المقاومة، وكان طلب من العدو بضرورة إزالتها.

وفهم أن العدو مستعد لمناقشة “إخلاء” الغجر عسكرياً أو بالتحديد المناطق التي تمدد نحوها أخيراً مقابل إزالة الخيمة. كما جرى التطرق إلى النقاط الـ13 البرية المتحفظ عليها من الجانب اللبناني. وترافقت الجلسة الأولى مع حضور وسيط الطاقة الأميركي عاموس هوكشتين إلى بيروت. وفُسّر أن الزيارة مرتبطة بموضوع توفير مظلة دعم أميركية للجلسات وهو ما جرى تأكيده لاحقاً. وقد اتُفق على عقد جلسة أخرى في شهر أيلول.
الجلسة الثانية عُقدت بعد نحو شهر تقريباً بمشاركة الممثلين الذين حضروا الجولة الأولى. استتبع النقاش من حيث توقف في المرة السابقة. ولمس أن العدو مستعد للإنسحاب من خراج “الماري” وفق تفاهمات معينة تتزامن مع إزالة الخيمة، في مرحلة أولى، والبدء في بحث النقاط البرية المتحفظ عليها، في مرحلة ثانية. وفُهم لبنانياً أن “المرونة الإسرائيلية” ترتبط أساساً بالنتائج السلبية المترتبة عليه داخلياً من موضوع الخيمة وعجزه عن إزالتها، وهو ما شرحه هوكشتين للمسؤولين خلال زيارته الأخيرة، وما سبقه إليه لازارو عند نصب الخيمة قبل اشهر.

ويبدو أن تفاهماً مبدئياً قد جرى التوصل إليه في الجلسة الثانية، وكان يحتاج تطبيقه إلى تعديل بعض المفردات والنصوص التي وردت في المسودة. وكان يفترض، بحسب المعلومات، أن يبدأ التنفيذ بعد أسبوع تقريباً من تاريخ الإجتماع الثاني برعاية الأمم المتحدة، بشكل هادئ وبعيداً وسائل الإعلام، على أن يلحقه إجتماع ثالث تقييمي. وكان إتفاق بين جميع الأطراف على ضرورة الإمتناع عن تسريب مضمون المناقشات لغاية البدء بالتنفيذ.

يقول مصدر عليم، إن تسريب مضمون الإتفاق أتى من الجانب اللبناني، تحديداً من جهات رسمية كان يُفترض أن تتكتم من مصلحة وطنية، وأتى على النتائج التي تحققت، نافياً أن يكون ل”حزب الله” أي دور بالتسريب إنما أضرّه فيما أبدى الحزب استياءه منه. وسجلت المصادر أسئلة حول أسباب التسرّع في نشر التسريب ليلاً، ما أوحى بوجود رغبة في “الشوشرة” على الاتفاق أو تطييره، وهو ما لم يخدم المسعى اللبناني الرامي إلى إخراج العدو من خراج بلدة الماري إنما خدم العدو بطريقة أو بأخرى وحرم المقاومة من تحقيق انتصار ناعم من دون رصاص.

على أهمية ذلك، فإن أسئلة أخرى حضرت بقوة على الساحة، منها ما له علاقة بنوايا العدو ومدى استعداده وجهوزيته للإنسحاب من الغجر التي سبق ان أدرجها ضمن “نطاقه الأمني” وأعطاها أهمية إستثنائية، ومنها ما يتعلق بالحلول في شأن الجدار الذي يبنيه ومصيره، وكيف سيعالج مسألة التمدد السكني، وما هي الأفكار المطروحة لوضعية الأهالي الحاملين للجنسية الإسرائيلية الرافضين أن يكونوا تحت سيادة الدولة اللبنانية، وفي حال تقرر إخراجهم من منازلهم، ما هي طبيعة ردة فعلهم في حال رفضوا، وإن وافقوا، من هي الجهة المخولة التعويض عليهم، الدولة اللبنانية أم الإحتلال؟ ثم كيف ستتعاطى الدولة اللبنانية مع حملة جنسية لـ”دولة” مصنّفة عدوة؟ وما سيكون عليه موقف العدو وهل يقبل أن تنتشر عند “حدوده” منازل ذات إطلالة مباشرة على مناطقه أو هل سيقبل في الأساس أن تكون المنطقة “المحررة إفتراضاً” خاضعة للسيادة اللبنانية أو سيطرح أن تكون منطقة تتبع لإدارة اليونيفيل؟

شاهد أيضاً

لبنان يُثبّت شروطه: انسحاب كامل أو استمرار المواجهة

علمت صحيفة “الأخبار” أن النقاشات الليلية في السفارة الأميركية حول مسوّدة الاتفاق تناولت بنوداً عدة …