وجّه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الى اللبنانيين، في الذكرى الخامسة والأربعين لتغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر، من مقر المجلس في الحازمية قال فيها: “خمسة وأربعون عاما مضت على تغييب سماحة الامام السيد موسى الصدر واخويه الشيخ محمد يعقوب والاستاذ عباس بدر الدين تآمراً على لبنان، وعلى قضيته، قضية وحدته شعباً وارضاً واصلاح النظام فيه”.
وأضاف، “ببناء دولة المواطنة واحترام الإنسان وكرامته بتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين مواطنيه بديلاً عن دويلات المزارع والمحاصصات لزعامات طائفية ومذهبية وتحميل الطوائف والمذاهب زورا أوزار هذا النظام ومساوئه، وتحويلها إلى قبائل متقاتلة ومتصارعة”.
وتابع، “لقد اصطدم هذا المشروع الاصلاحي للإمام الصدر بمصالح المستفيدين من هذا النظام الذين لم يكن لهم همٌّ سوى الحفاظ عليها، ولم يكن يعنيهم ابداً بناء دولة حقيقية يشعر فيها ابناؤها بأنهم مواطنون، وإنما أبناء “مقاطعجية” لا تربطهم بوطنهم ولا بالآخرين من ابناء الطوائف الاخرى رابطة الا من خلال “المقاطعجية” ومصالحهم الذين وقفوا في وجه مشروع الامام السيد موسى الصدر الإصلاحي بتعميق الشرخ بين أبناء الشعب اللبناني للحؤول دون تحقيقه بإشعال الحرب الاهلية”.
وأردف الخطيب، “وما سببته من قتلى وجرحى ومعوقين وأرامل وأيتام ودمار وخراب وتهجير وقتل وخطف على الهوية، وما خلفه ذلك من آلام وأحقاد وآثار نفسية، يصعب زوالها وتبقى آثارها مع الزمن يصعب محوها من الذاكرة ويستحيل معها لأم الجراح لتحقيق مشاريعهم التقسيمية التي كان الامام يحسب حسابها ويعمل على تداركها قبل وقوعها، وإطفاء نيرانها بعد اشتعالها”.
وإستكمل، “ولكن المحرضين عليها والمشعلين أوزارها بالتواطؤ مع القوى الخارجية المتآمرة الذين حاولوا تعطيل اي جهد لايقافها، فغيبوا الامام الصدر ظناً منهم انهم سيحققون ما اراد حيث سعى جاهدا لايقافها بما في ذلك العمل على توحيد الموقف العربي وإدخال قوات الردع الى لبنان ووقوفها حاجزا بين المتقاتلين”.
وأضاف, “وكانت زيارته ليبيا بدعوة من رأس النظام المجرم الذي غدر بضيوفه وأخفى أثرهم وما زال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم . لقد ازعجت مواقف الامام الصدر لاطفاء نيران الحرب وايقافها المتآمرين في الداخل والخارج الذين حيل بينهم وبين ما ارادوا من إقامة دويلات طائفية ومذهبية تحقق أحلامهم وتكون بداية لمشروع الشرق الاوسط حماية للدولة الإسرائيلية”.
وتابع، “لكن الامام الصدر كان قد أعد العدة لمواجهة هذا المخطط كاستراتيجية للمستقبل فأنشأ المقاومة التي حمت وحدة لبنان واستطاعت بعد ذلك ان تحرره من الاحتلالين الاسرائيلي والتكفيري”.
واكد الخطيب ان “جريمة القذافي ونظامه المقبور كانت وما زالت جريمة بحق لبنان وشعبه وبحق فلسطين والقدس والشعب الفلسطيني وتآمراً عليه، وعلى قضيته التي هي قضية العرب والمسلمين، وتآمراً على وحدة لبنان ارضاً وشعباً، ويتحمل النظام الليبي الحالي ومسؤولوه مسؤولية الكشف عن مصيره”.
وإستطرد، “وهم مطالبون بالتعاون مع القضاء اللبناني لانهاء هذه القضية وعدم التهرب منها، لانها سوف تلاحقهم وسيعتبرون شركاء في هذه الجريمة، ليس في حق الامام الصدر وعائلته فحسب، وإنما بحق لبنان وبحق القضية الفلسطينية الذي كان أكبر واهم نصير لها، وكانت إلى جانب قضية وحدة لبنان من اهم اسباب اخفائه، فنحن لن نترك اسرانا في السجون وسوف نلاحق هذه القضية إلى أن نكشف خفاياها ونستعيد الامام إلى أهله ووطنه لمتابعة مسيرته وقضيته”.
وتابع،”نقول للبنانيين ان مشروع الدولة باقامة نظام العدالة والمساواة القائم على المواطنة هو الطريق الوحيد للاستقرار، والذي يخرج لبنان نهائيا من دوامة الازمات والحروب والمحاصصة بدلاً من التسويات الموقتة التي جربها اللبنانيون ولم تنتج سوى المزيد من الحروب والازمات والانقسامات والتدخلات الخارجية، بما يتوافق مع مصالحها التي بدا واضحا ان لها مشروعا واحدا، وهو تقسيم المنطقة العربية بما فيها لبنان إلى دويلات طائفية لمصلحة الكيان الاسرائيلي، ولن تكون لمصلحة اي من الافرقاء اللبنانيين أو العرب بل لجعلهم خدماً لدى السيد الاسرائيلي”.
وقال: “لذا، فإنه لا سبيل أمام الافرقاء والقوى السياسية سوى الحوار والتفاهم للخروج من الازمة الحالية لإنتاج حل داخلي والخروج بسلة تفاهم تفضي الى اتنخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وتعيين المراكز الأساسية الشاغرة وعدم الرهان على التطورات في المنطقة واوهام تغيير المعادلات الداخلية”.
وأشار الى ان “هذه المراهنات تقوم على فكرة الانتصار على الوطن وليس للوطن وتنبىء عن فكر تخريبي شيطاني وليس عن فكر وطني، (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا)”.
ورأى “ان الاستمرار في تكرار الماضي المأساوي يدفع المواطنون من جميع الطوائف ثمنه غاليا لا يعوض من أبنائهم وارزاقهم ومستقبل وطنهم تخلفاً وفقرا ودماراً وتهجيراً، فكفى تجارب بدماء اللبنانيين ومستقبلهم باسم الطوائف والمذاهب. إن الحوار والوصول الى تفاهمات وطنية بين القوى السياسية هي البديل الوطني لتسريع الخروج من الازمة الحالية، ونأمل ان يعمم الحوار الذي يجري بين بعض المكونات ليشمل جميع القوى السياسية لمصلحة لبنان وشعبه المنهك جراء الجدل السياسي العقيم”.
وقال الخطيب: “ايها اللبنانيون، اليوم تتعرض سيادة لبنان لمؤامرة اخرى يتهدد معها الكيان، حينما تريد بعض الدول الكبرى التغيير في مهمة اليونيفيل واستصدار قرار من الامم المتحدة باعطائها حرية الحركة بدون تنسيق مع الجيش اللبناني تحت البند السابع ما يعني “احتلالاً” اسرائيلياً مقنعاً لمناطق عملها مدعوماً بقرار دولي”.
ولفت إلى أن “وهو اعتداء صارخ على لبنان وشعبه ما يفرض على جميع القوى السياسية توحيد الموقف الرافض له حفاظاً على سيادة لبنان وسلامة أرضه وشعبه وتجنباً للمواجهة مع القوات الدولية لان الشعب اللبناني لن يسمح لاسرائيل جديدة مقنع تحت عنوان الامم المتحدة بعدما دفع آلاف الشهداء والجرحى والمعوقين والارامل والايتام لتحرير هذه المناطق واجبار إسرائيل على الانسحاب منها”.
ونبّه الخطيب “الامم المتحدة من العواقب الخطيرة لاصدار قرار من دون التنسيق مع الدولة اللبنانية لانه سيمثل مساً بسيادة لبنان على أرضه، مما يعتبر عدواناً سيواجهه الشعب اللبناني بكل الوسائل المشروعة”.
ورأى انه “كان على الأمم المتحدة تنفيذ تعهداتها باستكمال إظهار الحدود في المناطق المتبقية والنقاط المتحفظ لبنانياً عليها وإجبار العدو الاسرائيلي على الانسحاب منها بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بدل العمل مع بعض الدول على مساندة الاحتلال الصهيوني في احتلال المزيد من الأراضي اللبنانية وتوجيه تهديداته المتكررة للبنان بما فيها تهديده الأمني بالقيام بالاغتيالات على الساحة اللبنانية الذي يقتضي من الامم المتحدة ادانتها وردع العدو عن هذا الارهاب وما سيكون له من تداعيات تهدد الأمن والسلم الدوليين”.
وأكد “ان عدم الإسراع بالتوافق الداخلي يشرع الأبواب أمام الأخطار التي تهدد الكيان اللبناني سواء محاولة التغيير في مهام القوات الدولية أو التراخي في معالجة النزوح السوري الذي يضغط بثقله على لبنان ويهدد مصيره بالزوال، وتحتم التواصل الرسمي مع الحكومة السورية لمعالجة هذا الملف الخطير. كما، أن المصلحة اللبنانية والسورية تقتضي التنسيق بين الدولتين لمواجهة الأخطار التي تتعرضان لها” .
وختم، “حمى الله لبنان حمى الله اللبنانيين من المغامرين والمقامرين”.