الحكومة نالت الثقة… ماذا عن رفع الحصانة عن النواب؟

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

كما كان متوقعاً، فقد نالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تحمل اسم “معاً للإنقاذ” ثقة المجلس النيابي بنتيجة 85 صوتاً ومعارضة 15 نائباً هم 11 من تكتل الجمهورية القوية كانوا حاضرين عند التصويت والنواب جميل السيد وأسامة سعد وشامل روكز وجهاد الصمد.

لكن المفارقة التي سجلتها الجلسة تمثلت بمقولة “اول دخولو شمعة عطولو”، إذ تأخرت إنطلاقة الجلسة في قصر الأونيسكو بسبب إنقطاع التيار الكهربائي نتيجة عطل تقني لدى مؤسسة كهرباء لبنان أدى إلى إنقطاع التيار عن غالبية المناطق اللبنانية، وتبين أن المولدات الخاصة الموجودة في الأونيسكو منها ما هو معطل بالإضافة إلى عدم توفر مادة المازوت. وهنا بدأت الإتصالات والإجتهادات حول تأمين المازوت حيث حضر فعلاً صهريج مازوت وأفرغ حمولته وسرت خبريات عن أنه مازوت إيراني، وأن الجلسة ستلتئم على وقعه إلى أن عاد التيار الكهربائي إلى العمل وكانت الساعة تقارب الثانية عشرة، بينما كان موعد الجلسة المقرر الساعة الحادية عشرة.

وبعد قطوع الكهرباء والإنتظار الذي كان من فوائده أن النواب والحكومة الجديدة عاشوا تجربة الناس ومعاناتهم اليومية بسبب إنقطاع الكهرباء، وتجمعوا في باحات القاعة ومداخلها وهم يتصببون عرقاً ومنهم من غادر المكان ثم عاد بعد حل المشكلة وإنطلاق الجلسة. وجدير بالذكر أنه في جلسة سابقة لم تعمل مكيفات الهواء في القاعة وعانى النواب من الحرارة المرتفعة.

هذه المعطيات دفعت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى القول في مستهل الجلسة وقبيل البدء في تلاوة البيان الوزاري: “ما سنقوله ليس شيئاً قياساً لما يعانيه الناس ويفترض ان نخرج من الكلام الكلاسيكي الذي تفرضه الأصول الدستورية إلى العمل من أجل خلاص اللبنانيين”.

كذلك لم يلقَ تمني رئيس مجلس النواب نبيه بري على النواب والكتل الإستجابة المطلوبة لجهة الإلتزام بكلمة لكل كتلة نيابية أو إثنتين كحد أقصى ضمن وقت محدد، علماً ان الجلسة كانت إستهلت وبعد تلاوة أسماء النواب المتغيبين بعذر، بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء إنفجار التليل بطلب من بري.

وكالعادة، وككل البيانات الوزارية تضمن البيان الوزاري مجموعة من العناوين والوعود التي ستعمل عليها الحكومة، علماً أن عمرها الإفتراضي لا يتجاوز الثمانية أشهر بحكم إجراء الإنتخابات النيابية في أيار المقبل 2022 إذا لم يحصل أي تعديل او تغيير في المواعيد والمواقف، التي بدأت تبرز التباينات حولها في مداخلات وكلمات النواب في جلسة الامس لجهة قانون الإنتخاب والدعوات الى تعديله أو تغييره.

وما خلا كلمة تكتل “الجمهورية القوية” وحجب الثقة عن الحكومة من قبله وبعض النواب، كانت المداخلات روتينية ومكررة لجهة طرح الملفات والعناوين الإصلاحية والمطالبة بمعالجة مشاكل الناس الحياتية وضرورة تغيير الأسلوب والنهج في ادارة شؤون الدولة والبلاد، ولا سيما في الملفات المالية وحقوق المودعين التي ضاعت وتبخرت.

وبالرغم من إستعانته بأغنية للفنان الراحل ملحم بركات، إشترط النائب جميل السيد إعتذاراً من قبل الدولة اللبنانية تجاه الضباط الأربعة كي يتخذ موقفه من منح او حجب الثقة مخاطباً الرئيس ميقاتي بالقول: “إن المطلوب موقف رجولي وقانوني في هذا الملف”، وهذا الأسلوب أزعج ميقاتي الذي لم يعلق على الأمر.

وكعادته كاد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أن يفجر أجواء الجلسة عندما كرر إتهام مسؤولين سياسيين من وزراء ونواب، بتهريب وتحويل اموال إلى الخارج وتغطية عمليات الإحتكار والتهريب وغيرها، ما دفع نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إلى التدخل ومطالبته بأن يسمي وان لا يتهم جزافاً ويُعمم إتهام النواب وهو أمر غير مقبول، كما طالبه أيضاً كل من النائبين إسطفان الدويهي وفريد الخازن بالتسمية وعدم التعميم، فاعترض النائب سليم عون على مقاطعة باسيل، فتدخل بري وطلب وقف السجال وعدم التعميم وتوجه إلى عون بالقول: “يا سليم منك سليم اليوم”.

وعندما كرر باسيل التعميم في الإتهام في أكثر من ملف قاطعه بري قائلاً: “لا يجوز وغير مقبول الإستهداف المعمم للنواب والمجلس النيابي وانا أطلب منك إذا كان لديك أسماء تزويدي فيها، وأنا أقوم بالمطلوب وأتصرف وضمن السرية”.

لكن باسيل تابع معتبراً انه ليس بقاضٍ لكي يكشف الأسماء متناولاً أكثر من ملف وخصوصاً ملف تخزين وتهريب المحروقات، ومستذكراً إبراهيم الصقر و”نوابه” حسب تعبير باسيل.

هذه العناوين رد عليها النائب جورج عقيص بقوله في مداخلته: “أحدهم تناول إبراهيم الصقر والنواب وهو عليه عقوبات وكان يكفي الجلسة كلمتي “الوطني الحر” و”الوفاء للمقاومة”، اللذين بيّنا وكأنهما رموز المعارضة بينما هما الحاكمان والمطبقان على البلاد والعباد.

وبينما حذر ممثل “اللقاء الديموقراطي ” النائب هادي أبو الحسن من المس بالطائف وما يجري همساً في هذا السياق، تحدثت النائبة بهية الحريري باسم كتلة “المستقبل” مستعرضة ميزات النظام الجمهوري البرلماني الذي توافق عليه اللبنانيون، مستعينة بالدراسات والإحصاءات التي تشرح واقع لبنان الإقتصادي والتربوي والمعيشي الصعب، في حين إستهلت النائبة عناية عز الدين كلمة كتلة “التنمية والتحرير” بقول للإمام السيد موسى الصدر عشية الحرب اللبنانية، دعا فيها إلى ترك الخصومات السياسية جانباً والتفرغ لمعالجة مشاكل الناس”.

هكذا كانت خلاصة الجولة الصباحية للجلسة التي رفعت عند الثالثة والنصف ثم استؤنفت عند الخامسة والنصف واستكملت فيها المداخلات النيابية الى ان رد رئيس الحكومة على مداخلات النواب، وجرى التصويت على الثقة بالحكومة.

في الجولة المسائية سجلت مجموعة ردود على باسيل وكان أبرزها من النائب جورج عدوان الذي طرح على باسيل مجموعة أسئلة، حول كلفة الهدر في الكهرباء وكلفة الفراغ في المؤسسات وملفات أخرى حتى يلبي طلب باسيل بالإجابة على أسئلته حول القوانين في لجنة الإدارة والعدل. وعندما طرح عدوان مسألة مبدأ المفهوم الموحد للسيادة الكاملة وانتهاكه شرقاً وجنوباً في إشارة إلى صهاريج المازوت الإيراني، رد الرئيس بري موضحاً مضمون القرار 1701 وما رافقه من مفاوضات قبيل صدوره. وإذا كانت النائبة رلى الطبش هاجمت باسيل واعتبرت أنه صادر صلاحيات الرئاسة في وقت فقد فيه الرئيس عون البوصلة، فإن النائب جهاد الصمد هاجم التركيبة الحكومية مركزاً على وزير الداخلية معتبراً أن الوزراء السنة خضعوا للإمتحان في اللقلوق.

بعد انتهاء المداخلات كان رد للرئيس نجيب ميقاتي الذي وعد بأن الحكومة ستعمل على معالجة الملفات الأساسية التي وردت في البيان الوزاري.

تبقى الإشارة أخيراً إلى انه ومع نيل الحكومة الثقة وإنتهاء العقد الإستثنائي لمجلس النواب، يفتح الباب أمام ما يمكن أن يتخذه المحقق العدلي في إنفجار المرفأ القاضي طارق بيطار تجاه مسألة طلب رفع الحصانة عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، وسط الكثير من الآراء والإجتهادات التي لم يغب بعضها عن جلسة مناقشة البيان الوزاري.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …