اهتمام أردنيّ بلبنان… وموقف حاسم في دعم إستقراره

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

تعتبر العلاقات اللبنانية – الأردنية تاريخية ومميزة على رغم عدم إمتلاك المملكة الهاشمية مقومات إقتصادية كبيرة ونفوذ مثل بقية الدول العربية.

نجح الملك عبدالله الثاني في وضع بلاده على الخريطة السياسية العالمية، لذلك لم يعد مهماً كبر البلد أو صغره أو حجم نفوذه، فبعلاقاته الدولية الواسعة يستطيع الأردن لعب دور محوري كبير في المنطقة.

لا شكّ أن العلاقات اللبنانية – الأردنية عاشت عصرها الذهبي في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون، واستمرّت هذه العلاقات لوقتنا هذا، لكن ما تبدّل أن لبنان الذي عرفه العرب لم يعد موجوداً وحلّ مكانه لبنان الجديد بنسخته الإيرانية.

وأكثر ما يعانيه الوضع اللبناني حالياً هو غياب الرعاية العربية خصوصاً بعد عام 2016، تاريخ الإشكال الكبير الذي وقع خلال إمتناع لبنان عن التصويت في إجتماع وزراء الخارجية العرب على إدانة الإعتداء على السفارة السعودية في طهران، وعندها بدأت القطيعة العربية الفعلية، ولم تقتصر على الرياض لوحدها بل جرّت كل العواصم الخليجية.

ويبدو المشهد كأن العرب تركوا بيروت وسلّموا بالإحتلال الإيراني وذلك نظراً لتوسّع نفوذ “حزب الله” وسيطرته على قرار الدولة اللبنانية.

وتؤكّد المعلومات أن الإشمئزاز الخليجي من القادة اللبنانيين مستمرّ لكن الوضع في الأردن مختلف تماماً إذ إن عمان لا تريد التسليم بخسارة عاصمة عربية جديدة ووقوعها تحت الإحتلال الفارسي، أو ترك أبوابها مشرّعة للتدخلات والطموحات التركية.

ومن هذا المنطلق يبدو موقف الملك الأردني حاسماً في دعم إستقرار لبنان ومنع إنهياره، وتبرز المساعدات الإنسانية المتواصلة من الأردن إلى الشعب اللبناني، لكن الأهم الموقف السياسي الواضح.

ولم يتأخر الأردن في تسهيل عملية مدّ لبنان بالكهرباء عبر أراضيه لأنه يعلم جيداً أن مسألة دخول صهاريج المازوت الإيرانية ليس موضوعاً إنسانياً أو إقتصادياً بل إنه سياسيّ بامتياز وهدفه تثبيت مواقع نفوذ إيرانية في بلد عربي، والتنمير على العرب والقول إنهم يتركون لبنان لقدره بينما تمدّ طهران يد العون له. وإذا كانت القيادة الأردنية تعلم جيداً أن لبنان واقع تحت الإحتلال الإيراني، فانها تعتبر أن العمل الديبلوماسي الواسع النطاق قادر على إعادة التوازن في لبنان والمنطقة، لذلك فان عمان لا تقصّر في هذا المجال بل إنها تضغط من أجل المساعدة وإنتشال البلد من أزماته، على رغم أنها تعاني من مشاكل كثيرة وليس آخرها تفشّي وباء كورونا.

وكان الملك الأردني واضحاً في طلب مساعدة لبنان في المحافل الدولية، فهو صديق البريطانيين والأميركيين والدول النافذة، وقد قال في لقائه الأخير مع الرئيس الأميركي جو بايدن عبارة مهمة وهي: “لا تتركوا لبنان لقدره”، في دلالات على مدى الإهتمام الأردني بالملف اللبناني.

تترابط دول المنطقة مع بعضها البعض، من هنا فان أي نار قد تشتعل في لبنان نتيجة الأزمات المتلاحقة لن ترحم أحداً، لذلك فان عمان تنظر بعين الأمل إلى تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة لعلها تعيد التوازن السياسي إلى البلاد وتباشر باجراء الإصلاحات الضرورية ووقف مسلسل الإنهيار.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …