كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
هل ان القوى التي تدعو الى انتخابات نيابية تجدّد السلطة، لا تزال قادرة على المناداة بذلك، وعلى المُطالَبَة بهذا النّوع من الإستحقاقات، وبمراقبة دولية لها، بعد الشّكل الذي أحاط بتشكيل الحكومة الجديدة؟ وهل ان انتخابات عام 2022 النيابية، ستجدّد السلطة بالفعل، أم ان نتائجها صدرت سلفاً، كثمرة لتسوية إقليمية – دولية، تماماً كتلك التي نتجت عن انتخابات عام 2009، و2018؟
ليس سرّاً إذا تحدّثنا عن أن الخرائط السياسية التي تُعنى بلبنان، تُرسِّم في العادة الحدود ليس فقط على مستوى العلاقات بين مختلف القوى، والإنسجام الوزاري، والرئاسي، بل انها تطال نتائج الإنتخابات النيابية أيضاً، والإتّفاق على إسم رئيس الجمهورية، وحدود العمل الحكومي، وسقف التعاطي مع الملفات الخارجية، ضمن الوقائع المحلية المضبوطة على توقيت التسويات الإقليمية – الدولية.
فهل نحن اليوم أمام الحلقة الأولى (هي الحكومة الحالية) من مسلسل تُستكمَل حلقاته بالإنتخابات النيابية العام القادم، وبـ (الإنتخابات) الرئاسية في خريف عام 2022، مع اتّفاق ضمني على إسم رئيس الجمهورية اللبنانية القادم؟
وماذا عن حدود تمثيل المجتمع المدني في تلك الحالة، الذي لن يُترَك لبعض مكوّناته إلا بعض الفتات، وتحديداً لأولئك الذين سيدخلون إطار ترسيم الحدود السياسي هذا؟ وماذا عن سلطة ستُستَنسَخ مجدّداً العام القادم، ضمن إخراج جديد؟
لفت مصدر مُطَّلِع الى أن “آخر المُعطيات المتوفّرة تؤكّد أن نتائج انتخابات عام 2022 النيابية والرئاسية، لم تُحَدَّد بالتسوية الخارجية التي أفرجَت عن تشكيل الحكومة قبل أيام، نظراً لاستحالة تحديد الشّكل النهائي للبنان في مرحلة ما بعد العام القادم، وذلك قبل الانتهاء من كتابة الفصول النّهائية من “الأجندة” الإقليمية التي ستتحكّم بالمنطقة، خلال الأعوام القليلة المقبلة”.
وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على أنه “بغضّ النّظر عن التسويات المرحلية التي سهّلت ولادة الحكومة، إلا أن مدى نجاح أو فشل تلك الحكومة في عملها يبقى متحرّكاً، لأنه مضبوط على ساعة التفاهمات النّهائية التي قد تحصل أو لا تحصل، بين كلّ من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإسرائيل وإيران، خلال الفترة الآتية”.
وأكد المصدر أن “أهمّ ما في تشكيل الحكومة الحالية، هو أنها حكومة الضرورة، حكومة إدارة الأزمة والكارثة والإنهيار، بانتظار نضوج التسويات والحلول الإقليمية الكبرى، التي سيكون للبنان حصّة منها. وبالتالي، نحن لسنا الآن أمام ثمرة تفاهمات طويلة الأمد، لأن تلك الأخيرة تحتاج الى مزيد من الوقت”.
وأضاف: “من هذا المُنطَلَق، لا إمكانيّة لأن يكون إسم رئيس لبنان القادم في الجَيْب منذ الآن، انطلاقاً من أن الحكومة الحالية هي جزء من تسويات “بالقطعة”، تضخّ القليل من الأوكسيجين والمساعدات للبنان، ستديرها الدولة اللبنانية لا المجتمع المدني أو المنظّمات غير الحكومية”.
وختم: “رغم كل المشهد المُحيِّر الذي يتحكّم بلبنان والمنطقة، في الوقت الرّاهن، إلا أن المُعطى الأبرز حتى الساعة، هو أنه بناءً على موازين القوى والتفاهمات الإقليمية – الدولية التي ستتبلور تباعاً، يبقى المؤتمر التأسيسي أحد أهمّ الأوراق التي سيُلوَّح بها دولياً، بهدف رسم معالم لبنان الجديد مستقبلاً، على وقع لعبة المصالح والتناقضات الداخلية والخارجية”.