جاء في “نداء الوطن”:
في دوامة العهد المعهودة، تواصل عملية التأليف دورانها العقيم في طاحونة الحصص والمقايضات الوزارية تحصيلاً لمطامع ومطامح سياسية ورئاسية تتلطى خلف ستار “تحصيل حقوق المسيحيين”… وعلى هذا المنوال يستمر مسلسل “لعيون صهر الجنرال” في اجترار وقائع التعطيل نفسها منذ أيام الرابية إلى بعبدا، بصور ومشاهد متعددة لكنها جميعها تدور حول بطولة مركزية وحيدة لـ”جبران باسيل”، مع تعديل تكتيّ في السيناريو فرضته المتغيرات الدرامية في البلد، ليتم استبدال “حبكة” توزير “البطل” باستحواذه وحيداً على الثلث المعطل في الحكومة.
وبانتظار ما ستفضي إليه “مفاوضات الصهرين” لرسم خريطة الحصص في التشكيلة الوزارية العتيدة، واصلت دوائر قصر بعبدا خلال الساعات الأخيرة إطلاق القنابل الدخانية في الفضاء الإعلامي “تطبيلاً وتهليلاً” بقرب ولادة الحكومة، بشكل بدت معه مصادر القصر ليلاً “في قمة التفاؤل” حيال تذليل آخر العقد المتبقية، مبديةً ثقتها بأنّ نهار اليوم سيحمل معه “البشرى المنتظرة” بإعلان ولادة الحكومة. في حين بدا على الضفة المقابلة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي “آخر من يعلم” بهذه الأجواء التفاؤلية، واكتفت أوساطه تعليقاً عليها بالقول: “يا خبر اليوم بفلوس بكرا ببلاش”!
وانطلاقاً من واجب الإبقاء على الحذر والترقب، تتعامل الأوساط مع التسريبات المتتالية والضخ الإعلامي اليومي بمزيد من التمسك بقاعدة “خواتيم الأمور” التي كان الرئيس المكلف قد كررها أكثر من مرة على منبر قصر بعبدا إثر لقاءاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، مؤكدةً أنّ “الحسم في هذا الاتجاه أو ذاك لا يزال مرهوناً بما ستنتهي إليه الاتصالات الجارية بهدف تذليل العقبات أمام ولادة الحكومة” وفي ضوء ذلك يتحدد مسار الأحداث، نافيةً كل ما أشيع ليلاً عن مواعيد محددة لزيارة ميقاتي القصر الجمهوري، باعتبار أنّ هذه الزيارة يجب أن تكون مرتكزة إلى “خلاصة حاسمة” تصل إليها الاتصالات والمشاورات الدائرة ليتم بموجبها وضع “اللمسات النهائية” على صيغة ولادة الحكومة في اجتماع بعبدا المرتقب.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مقربة من دوائر الرئاسة الأولى أنّ اتصالاً هاتفياً حصل أمس بين عون وميقاتي، جرى خلاله التشاور في عملية “تبادل الأسماء والحقائب” لا سيما منها المتصلة بحقيبة الاقتصاد، مشيرةً إلى أنّ النقاش يتركز راهناً على الاختيار بين سلة أسماء مقترحة لتولي هذه الحقيبة، فضلاً عن مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في تشكيلة الـ24، وقد انحصر البحث في هذا السياق بعملية تبادل “أسماء كاثوليكية” مرشحة لتولي أحد هذين المقعدين الوزاريين.
وأوضحت المصادر أنّ المشاورات تكثفت في هذا الصدد ليلاً بين “الصهرين” جبران باسيل ومصطفى الصلح لإنهاء عملية “جوجلة الأسماء” المتبادلة بين عون وميقاتي، وفي حال انتهت هذه العملية إلى توافق منجز “بتكون خلصت” فيصار إلى الإعلان عن ولادة الحكومة خلال ساعات، أما “إذا تعثرت المفاوضات فيكون أحدهم قد سحب “أرنباً جديداً” للتعطيل كما درجت العادة” مع تلميح عوني صريح في هذا الإطار، إلى اتهام رئيس مجلس النواب نبيه بري بالوقوف خلف عرقلة الاتفاق بين عون وميقاتي.
وفي الغضون، نقلت مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية أنّ باريس دخلت بقوة على خط التأليف خلال الساعات الأخيرة ومارست ضغوطاً كبيرة على المعنيين لحثهم على إنهاء “المهزلة الحكومية”، مشيرةً إلى أنّ المسؤولين الفرنسيين يواكبون على مدار الساعة تطورات ملف التأليف ويدفعون الأمور باتجاه “وجوب تدوير الزوايا” بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، منعاً لانهيار “آخر فرصة” لتشكيل الحكومة الإنقاذية، في حال قدّم ميقاتي اعتذاره عن عدم التأليف.
وتوازياً، برز تنديد لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي أمس بممارسات السلطة في لبنان، بحيث سلّمت هذه اللجنة بتعقيدات الأزمة اللبنانية وتشعباتها الداخلية والخارجية من خلال الإشارة إلى أنه “لا يمكن لفرنسا وحدها حلّها”، مع التأكيد على أنّه “لا يُمكن للسلطة أن تستمرّ في لبنان بدون ثقة الشعب”، والتشديد على وجوب “توقيف كافّة الفاسدين” في البلد.