كتب وليد حسين في المدن:
في انتظار ما ستفسر عنه جولات ولقاءات وزير التربية، طارق المجذوب، لتأمين بدء العام الدراسي الأسبوع المقبل، بدأت معاناة الأهل مع شراء الكتب والقرطاسية. فالأسعار باتت مضروبة بعشرة إلى 15 مرة عن السنوات الفائتة. وما أنقذ الأهل سابقاً أن العام الدراسي الفائت كان من بعد ولم يستهلك الطلاب الكتب والقرطاسية.
أسعار الكتب
ووفق أهالي الطلاب أسعار الكتب اللبنانية باتت جنونية، لأنها مضروبة بثماني وتسع مرات. أما الكتب الأجنبية فهي مدعومة جزئياً. وكل مكتبة تسعر الكتب وفق دولار خاص يتراوح بين 12 ألف ليرة و15500 ليرة. وعينة بسيطة من الكتب تظهر الفرق: كتاب السلسلة العلمية في الجغرافيا (حبيب للنشر) كان ثمنه نحو 13 ألف ليرة بات بنحو 105 آلاف ليرة لبنانية.
وعن غلاء أسعار الكتاب اللبناني، أكد عضو نقابة الناشرين وناشر دار الفكر اللبناني، جاد عاصي، أن كلفة الكتب من ورق وحبر وطباعة وصمغ وغيرها مستوردة من الخارج وعلى سعر دولار السوق. وقياساً بسعر الصرف وغلاء كل الأسعار يعتبر عاصي أن سعر كتاب اللغة العربية، الذي ضج به البلد، يعتبر قليلاً قياساً بالكلفة. ويقول إن هذا الكتاب المؤلف من سبعة أجزاء ثمنه يوازي كيلو ونصف لحمة الضأن. لكن لا يريد أحد النظر إلى موضوع غلاء كل شيء في لبنان، بل إلى سعر كتاب كلفته باتت باهظة جداً.
وإذ أكد تمسك نقابة الناشرين بقرار وزارة الاقتصاد اعتماد نسبة 45 بالمئة من سعر الكتب على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ما يجعل سعر دولار الكتب وسطياً بنحو 8550 ليرة للدولار، شكى من أن المصرف المركزي يدعم الكتب الأجنبية جزئياً، بينما لا يوجد أي دعم للمواد المستعملة في صناعة الكتب المدرسية في لبنان.
كتب مستعملة
وبمعزل عن أسعار الكتب الجنونية، قياساً بالقدرة الشرائية للغالبية العظمى من أهالي الطلاب، لن تشكل الكتب عائقاً كبيراً أمام الأهل الذين لجأوا إلى تبادل الكتب القديمة. حتى أن مدارس كثيرة بدأت ترسل للأهل مواعيد تبديل الكتب القديمة بأخرى جديدة للصفوف الأعلى. أي بعكس السنوات السابقة عندما كانت المدارس ترفض استخدام الكتب القديمة أو المستعملة، كما تقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لما الطويل.
منذ السنة الفائتة تسامحت الإدارات بشأن الكتب وتعلم الطلاب من بعد. حتى الأساتذة طلبوا من التلامذة بالسنة الفائتة حل الفروض على دفاتر خرطوش وعدم استخدام الكتب كي يتسنى لهم بيعها وشراء بدلاً منها، كما تقول والدة أحد الطلاب في مدرسة الحريري الثانية في بيروت. وهذا يخفف عن الأهل أعباء شراء الكتب، التي باتت أسعارها خارج قدرة الأهل.
جنون الأسعار
وتشير صاحبة إحدى المكتبات في النبطية أن أهم مدرسة في المنطقة، وهي البعثة الفرنسية، لم تلزم الطلاب بشراء الكتب وسمحت باستخدام القديم منها. لكنها تشير إلى أن كارثة الأهل تتمثل بالقرطاسية التي تباع على سعر صرف السوق، والتجار يرفضون التضحية ويريدون المحافظة على أرباحهم كما لو أن لبنان ليس في أزمة. ما انعكس على سوق المبيعات، التي تراجعت بأكثر من تسعين بالمئة. حتى الأهل الميسورين باتوا يكتفون بشراء الدفتر وأقلام رصاص وحبر وممحاة ومسطرة.
بات الأهل يكتفون بالحاجات الأساسية ولا ينتقون ماركات جيدة للأولاد، بعدما بات سعر شنطة الكتب أكثر من خمسمئة ألف ليرة للنوعية العادية، وبعدما بات سعر علبة اقلام الرصاص 20 ألف ليرة، فيما كان ثمنها ألفي ليرة فحسب. حتى قلم الحبر “البيك”، الذي كان ثمنه 250 ليرة، بات يباع بأربعة آلاف.
تساهل المدارس
وتؤكد الطويل أن معظم المدارس ستتساهل بالزي المدرسي وعدم تكبيد الأهل أموالاً طائلة، وكذلك الأمر في موضوع إلزامهم بشراء القرطاسية من المدرسة. لكن أسعار القرطاسية في السوق ستشكل كارثة حقيقية على الأهل، لأنها باتت التي مضروبة بأكثر من عشر مرات. فدفتر الخمسة محاور، الذي كان ثمنه نحو 13 ألف ليرة، بات بنحو 150 ألف ليرة. وإذا اكتفى الأهل بشراء دفتر وقلم وممحاة لكل ولد يتكبدون نحو مئتي ألف ليرة.
النقليات
لكن تأمين الكتب والقرطاسية غير كافيين كي يتمكن الأهل من تعليم الأبناء. وتوضح الطويل أن كارثة قريبة مرتقبة ستلم بأهل الطلاب تتعلق بالنقليات. فبعض المدارس رفعت بدلات النقل مئة بالمئة. مثلاً كانت نقليات السنة 900 ألف ليرة، وأصبحت مليون و900 ألف ليرة، لكن في حال رفع الدعم ستعيد المدرسة تسعير النقليات من جديد. وإذا كانت هذه الزيادة مقررة على سعر المحروقات المدعوم حالياً، فكيف سيكون الوضع بعد رفع الدعم، تسأل الطويل، مؤكدة أن العام الدراسي كما يلوح في الأفق سيكون مظلماً، ولا بوادر بأي حلول إلا على حساب أهالي الطلاب.
لقد وضع الاتحاد خطة متكاملة للعودة إلى المدارس يتحمل فيها جميع الأطراف تباعات الأزمة. فالقطاع التربوي ينهار أسوة بالبلد، لكن لا يمكن تحميل الأهل تبعات الانهيار وحدهم: رفع الأقساط، وارتفاع أسعار الكتب والقرطاسية والنقليات، وغلاء المعيشة. الكل يمد يده على جيب الأهل كما لو أنهم يعيشون في كوكب مختلف، أو كأن رواتبهم ارتفعت، أو كأنهم الحلقة الأضعف. لذا يرفض الاتحاد أي حلول على حساب الأهل. فالوضع لم يعد يحتمل ولن يقبل بأن يستضعف الكل الأهل. وهو ينتظر نجاح أو فشل الخطة التي أعلن عنها الوزير. ففي حال تحمل الجميع المسؤولية ودعمت الدولة والمنظمات الدولية القطاع التربوي، ستسير الأمور كما يجب. غير ذلك، سيكون للاتحاد مواقف تصعيدية ليس أقلها إقفال المدارس بالقوة.
المصدر: المدن