لاحظت مصادر متابعة ل”الأنباء الكويتية” أن تشكيل الحكومة كان قاب قوسين أو أدنى. وفجأة تحوّلت المشاورات من اللقاءات المباشرة الى اللقاءات عبر المدير العام للقصر الجمهوري انطوان شقير، ما أتاح للبعض، حث الرئيس ميقاتي على متابعة المشاورات التأليفية من جهته، عبر مستشار يوفده الى بعبدا.
المناخات الإيجابية التي سادت مرحلة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، بدأت بالانحسار، الى حد عودة القناعة لدى البعض، بأن فريق الرئيس عون، لا يريد حكومة خلال ما تبقى من ولايته الرئاسية، مراهنا على الفراغ الذي أتى به الى بعبدا، كأفضل وسيلة لضمان حلول وريثه السياسي، جبران باسيل محله، طالما بقي متعذرا تشكيل حكومة على القياس المطلوب لتحقيق الطموحات الظاهرة للعلن.
المصادر المتابعة، لاحظت أن تشكيل الحكومة كان قاب قوسين أو أدنى. وفجأة تحولت المشاورات من اللقاءات المباشرة الى اللقاءات عبر المدير العام للقصر الجمهوري انطوان شقير، ما أتاح للبعض، حث الرئيس ميقاتي على متابعة المشاورات التأليفية من جهته، عبر مستشار يوفده الى بعبدا، بحسب د.نبيل نجا الذي دعا الرؤساء المكلفين الى أن يحفظوا كراماتهم.
ويبدو ان الفرنسيين لعبوا دورا في فرملة توجه ميقاتي نحو الاعتذار، بعدما كاد أن يفعل، بسبب المزيد، الشروط التعجيزية التي أرسلت إليه، في وقت تزايدت فيه الأصوات المطالبة باستقالة الرئيس عون، كسبيل وحيد للخروج من هذه المحنة.
ومع كل ذلك، فإن مصادر الرئيس ميقاتي أكدت لقناة «أم تي في» ان الرئيس المكلف طرح من الأساس اعتذاره، «وهو يريده على توقيته، لا على توقيت الآخرين».
ويبدو ان 3 مستجدات سلبية، ساهمت في استبعاد تشكيل الحكومة عاجلا، أولاها، استمرار التجاذبات بين الرئيس المكلف والرئيس عون، ومن خلفه النائب جبران باسيل حول أسماء بعض الوزراء والوزارات المرشحة أن يتولوها، كما على حصة باسيل في حكومة لم يسم رئيسها ولم يقبل المشاركة المباشرة بها. وثانيها تطيير القصر الجمهوري لموعدين للرئيس المكلف في بعبدا، والاستعاضة عن اللقاء بإيفاد المدير العام للقصر الجمهوري انطوان شقير الى ميقاتي حاملا إليه وجهة نظر عون بالأسماء والحقائب موضوع الجدل. علما ان البعض يربط إلغاء لقاء الجمعة بسبب الخطبة النارية لإمام المسجد العمري الكبير، ضد العهد ورئيسه ووزرائه، بحضور الرئيس ميقاتي، وثالثها وهو الأهم، يتمثل في تداعيات استجرار النفط الإيراني إلى لبنان، وتهرب معظم المعنيين من الالتزام بموقف منه دعما أو رفضا.
الحديث عن قرب موعد تشكيل الحكومة فقد تراجع كثيراً، بحجة الخلاف على الوزراء والحقائب، وتشديد فريق العهد على الثلث المعطّل إن من خلال توزيع الحقائب، أو من خلال بعض الأسماء المطروحة للتوزير. وقد كشفت مصادر سياسية لجريدة “الأنباء” الإلكترونية عن بروز عراقيل جديدة أدّت إلى تأجيل اللقاء الذي كان مقرراً عقده بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي عصر الأول من أمس إلى الأسبوع المقبل.
ولفتت مصادر “الأنباء الإلكترونية” إلى دخول أكثر من سبب على خط التأخير في التأليف. وقد يكون الحديث عن الباخرة الإيرانية، التي أعلن عنها الأمين العام لـ”حزب اللّه”، السيّد حسن نصرالله، السبب في إعادة خلط الأوراق وتراجُع منسوب التفاؤل الذي تظهّر في اليومين الماضيين، وهو ما أدّى إلى تأجيل اللقاء الثالث عشر بين عون وميقاتي.
في السياق، أكد مصدر نيابي بارز عبر “الشرق الأوسط” أن إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على الثلث المعطل في الحكومة يؤخر تشكيلها، وهذا ما يعيق تفاهمه مع الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، الذي يُبدي كل مرونة وإيجابية لإخراج عملية التأليف من التأزُّم، وقال إن الخلاف ليس على توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، وتسمية الوزراء، وإنما يكمن في أن عون يفتعل المشكلة تلو الأخرى لضمان استمرارية إرثه السياسي من خلال وريثه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
وكشف المصدر النيابي أن عون يصر من خلال التداول في الصيغ الوزارية مع ميقاتي على أن يضمن لباسيل الحصول على عشرة وزراء وصولاً إلى مطالبته بـ11 وزيراً، وهذا ما يلقى معارضة من ميقاتي الذي يرفض إعطاء الثلث المعطل لأي طرف سياسي ولو بطريقة غير مباشرة. ولفت إلى أنه من غير الجائز التمييز بين عون وباسيل الذي يرفض في العلن المشاركة في الحكومة بخلاف إصراره من خلال عون على أن تكون له الكلمة الفصل فيها، وبالتالي يحق له تعطيل جلسات مجلس الوزراء ومنعه من اتخاذ القرارات الإنقاذية إذا لم تأتِ على قياسه، مبدياً ارتياحه إلى الدور الذي لعبه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في إدارة الجلسة النيابية التي خصصت للاستماع إلى رسالة رئيس الجمهورية للبرلمان التي يشكو فيها من تمرُّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على السلطة السياسية برفع الدعم عن المحروقات. ورأى أن حملة باسيل في الجلسة النيابية على سلامة لم تكن في محلها، خصوصاً أنه بخلاف ما أورده عون في رسالته إلى البرلمان تبين أن قرار رفع الدعم كان قد اتُّخذ في جلسة عقدها المجلس المركزي لمصرف لبنان في حضور مفوضة الحكومة المنتمية إلى «التيار الوطني» وكان سمّاها باسيل لتولّي هذا المنصب، وقال إن نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي هو من تولى في ضوء الاتصالات التي أجراها إعلام النواب بهذا الأمر.
وقال المصدر نفسه إن باسيل لم يجد من يناصره في الجلسة، بعد أن رد النواب على رسالة عون وأجمعوا على أن الأولوية تبقى للإسراع بتشكيل الحكومة ووقف وضع العراقيل أمام مشاورات تأليفها ومنعها.
واعتبر أن تفاؤل عون بتشكيل الحكومة يبقى للاستهلاك المحلي والخارجي مع أن المجتمع الدولي بات على قناعة بأنه يقف وراء تأخير تشكيلها بتدخّل مباشر من باسيل، وقال إن عون لم يكن مضطراً لتسطير رسالته إلى البرلمان لو أنه يعطي الأولوية لتشكيل الحكومة بدلاً من اللجوء إلى خطوة غير مدروسة يريد منها المزايدة الشعبوية لعله يتمكن من إعادة تعويم نفسه سياسياً.
المصدر لفت أن موقف باسيل في البرلمان شكّل له إحراجاً، وكان بمثابة اعتراف بقطع الطريق على تشكيل الحكومة من جهة والإبقاء على حكومة تصريف الأعمال، وهو بذلك يدغدغ مشاعر عون الذي يتصرف بغياب حكومة تصريف الأعمال عن السمع وكأنه الحاكم بأمره بعد أن أحال الحكومة المستقيلة على التقاعد واستبدلها بمجلس الدفاع الأعلى رغم أنه لا سلطة له لاتخاذ القرارات.
كما أن تشكيل الحكومة يعيد عون إلى موقعه الطبيعي كرئيس للجمهورية بدلاً من أن يدير شؤون البلد منفرداً ويحصر الإمرة به، وهذا ما يشكّل مخالفة للدستور وإخلالاً بالتوازن الوطني. لذلك، فإن إجماع الكتل النيابية باستثناء الكتلة التي يرأسها باسيل على التعامل مع رسالة عون إلى البرلمان وكأنها لم تكن، سيؤدي إلى حشره في الزاوية لاختبار مدى استعداده لتسهيل مهمة ميقاتي بتشكيل الحكومة بدلاً من البدعة التي تمثلت في إيكال المهمة إلى المستشارين الذين يبقى دورهم محصوراً في نقل الرسائل بتبادل الصيغ الوزارية مع اقتراب نهاية الشهر الأول على تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة.
وعليه، فإن عطلة نهاية الأسبوع الحالي لم تحمل أي جديد ما عدا استمرار تبادل الصيغ بين المستشارين، على أمل أن يترجم عون تفاؤله مع مطلع الأسبوع المقبل إلى خطوات ملموسة، وتحديداً في النصف الأول منه، فهل يحمل انفراجاً؟ أم أن القديم سيبقى على قدمه، مما يضطر ميقاتي للخروج عن صمته والاعتذار عن تشكيل الحكومة بعد أن تجاوب مع الاتصالات المحلية والدولية بتمديد المشاورات، شرط ألا تكون المهلة مفتوحة، خصوصاً أنه اقترب من حسم موقفه بعدما قرر التريث استجابة لنصائح قيادات محلية تمنت عليه إعطاء فرصة لعلها تفتح الباب أمام تشكيلها.
في إطار متصل، أشار عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون إلى أنّه “لم يطرأ ما يدعو إلى التفاؤل بقرب الانفراج الحكومي، ولم نعرف أين مكمن العقدة، ما يعني انّ الوضع “راوح مكانك”، والحلول على ما يبدو ليست في متناول اليد رغم الوضع المأساوي الذي نعيشه”، عازياً السبب إلى ما أسماه بالنكد السياسي القائم من جميع الجهات. وما حصل في الجلسة النيابية أثناء مداخلة رئيس التكتل، النائب جبران باسيل، وحديثه عن البنود الخمسة لإنقاذ لبنان من هذه الأزمة، ورد الرئيس نبيه بري عليه وكأن هناك شيء في نفس يعقوب، معتبراً أنّ هذا خير دليل على عمق الخلاف السياسي بين القوى السياسية كافة، ولذلك جاءت مقررات مجلس النواب بعيدة كل البعد عن النقاط الخمسة التي طرحها باسيل.
وقال عون في حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية: “إذا لم تكن هناك مساعٍ جدية لتشكيل الحكومة فلا مهرب من الانفجار الكبير. أما في حال نجحت مساعي التشكيل فمن الممكن الحصول على بعض المساعدات من قِبل البنك الدولي التي وعدنا بها، ما قد يبعث إلى الراحة النفسية في صفوف المواطنين”.