“الأنباء الكويتية”:
وسط تخوف من اعتذار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي وتساؤلات حول إمكانية اتخاذ الحكومة قرارا بإعلان حالة الطوارئ لمنع البلاد من الذهاب الى حرب أهلية أو أقله من انفلات الأمن وتعميم الأمن الذاتي، قال الخبير الدستوري والقانوني د.سعيد مالك: «ان اعلان حالة الطوارئ، هو من صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعا، عملا بأحكام الفقرة 5 من المادة 65، التي تنص على وجوب اتخاذ هذا القرار بأكثرية موصوفة تبلغ ثلثي عدد أعضاء الحكومة، وذلك لكون إعلان حالة الطوارئ، تعتبر من القضايا التي توازي إعلان الحرب والسلم وتعيين موظفي الفئة الأولى، وهي بالتالي من القضايا الـ 14 الأهم في عمل الحكومة».
ولفت في تصريح لـ«الأنباء» الى انه في حال اتخذت الحكومة قرارها باعلان الطوارئ، يصار عندها الى تطبيق المرسوم الاشتراعي 52/67 الخاص بذلك، لكن ومن أجل تثبيت القرار، يقتضي على مجلس النواب ان يجتمع خلال مهلة 8 أيام كحد اقصى من تاريخ إصدار قرار إعلان حالة الطوارئ، وذلك من منطلق الرقابة على القرار، للتأكد مما اذا كان محصنا بالمقومات والمبررات التي دعت الحكومة الى اتخاذه.
واردف: «عندما يتم تثبيت قرار الحكومة في مجلس النواب بإعلان حالة الطوارئ، تصبح كافة المؤسسات الأمنية والعسكرية بقيادة قائد الجيش، الذي يصبح وفقا للمرسوم ذاته، صاحب القرار والآمر الناهي، على ان تعلق اعمال المؤسسات الرسمية لتصبح بإدارة وإشراف المؤسسة العسكرية وعلى رأسها قائد الجيش، ناهيك عن ان كل جرم يقع على الاراضي اللبنانية، مهما كان نوعه وأسبابه وخلفياته وأيا يكن منفذه، يحال الى المحكمة العسكرية لا غير.
وردا على سؤال، اكد مالك ان قرار اعلان حالة الطوارئ، يتخذ لفترة زمنية محددة، حتى ما اذا رأت الحكومة وجود موجبات تستدعي تمديد الفترة، على مجلس النواب ان يجتمع من جديد لتثبيت قرار التمديد من عدمه.
وشدد على انه لدى اعلان حالة الطوارئ، لا يصار الى تعليق الدستور، لكن قد يصار الى تعليق بعض الحريات، على ان يتم منحها ضمن استثناءات معينة، فحرية الصحافة والاعلام واصدار الصحف والمنشورات على سبيل المثال لا الحصر، تصبح كلها بإدارة السلطة العسكرية، وتحديدا تحت رقابة وإشراف قائد الجيش شخصيا، الذي يحدد طريقة وتنظيم عملها.
وعما اذا كان يحق لحكومة تصريف الأعمال اتخاذ قرار بحجم اعلان حالة الطوارئ، أكد مالك انه امام هول ما يمكن ان ينتج على سبيل المثال، عن اعتذار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ان كان على مستوى الفوضى المتوقعة، ام على مستوى تفلت الأمن الاجتماعي العام، تصبح حكومة تصريف الاعمال مضطرة لعقد جلسة خاصة، واتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها معالجة الوضع، وضبط الفلتان، ومنع البلاد من الانزلاق الى المجهول، وذلك لاعتبار مالك، انه لا يمكن للحكومة المستقيلة، ان تستقيل من مسؤولياتها عند حالة الضرورة القصوى، لا سيما المهددة للبلاد.
وعن رأيه الشخصي، رأى مالك ان السلطة السياسية اليوم، بعيدة كل البعد عن اتخاذ قرار بحجم اعلان حالة الطوارئ، لأن مثل هذا القرار من شأنه ان ينتزع منها السيطرة على ادارة شؤون البلاد والعباد، وهي بالتالي تفضل ابقاء البلاد على حالها، وممسوكة من قبلها، على ان يتم تسليم ادارتها الى قيادة الجيش، خصوصا في ظل التجاذب الحالي بين شخص قائد الجيش، وبين الفاعلين داخل الحكومة وتحديدا حزب الله وحلفاءه. علما أنه ليس بالإمكان اتخاذ قرار بحجم اعلان حالة الطوارئ، الا بالتواق بين رئيسي الدولة والحكومة والوزراء كافة، وبالتالي لا اعتقد ان هذا التوجه سيشهد اي تجاذب بين اصحاب القرار وأصحاب الشأن.