أمام هول مجزرة التليل عكار والشهداء الذين سقطوا حرقا جراء انفجار خزان للوقود، تبرز قضية أكثر مأساة من وقع الجريمة نفسها بحق أبناء المنطقة، اذ انه وبعد أربعة أيام ما زال هناك أهالي يبحثون عن جثث أبنائهم أو ربما أشلاء لا يمكن التعرف اليها من شدة الحروق حيث يفيد مصدر أمني بأن كل ما يتم اكتشافه من أشلاء تذوب في البد وتلك لا يمكن اخضاعها لفحص ال DNA لمعرفة هوية أصحابها والذين يعتبرون اليوم في عداد المفقودين، باستثناء تلك الجثث الموجودة داخل بعض المستشفيات الحكومية والتي خضعت للفحص بانتظار ظهور النتائج.
اذا، هي أسماء يبحث عنها الأهالي قد لا يحصلون منها الا على بقايا رماد لأجساد أولادهم، فيحضنوها ضمن أكياس صغيرة لا تشبه أبدأ سنوات طويلة من العذاب والتعب في تربيتهم حتى باتوا شباب مسؤولين عن مساعدة أهلهم في هذه الظروف الصعبة، من هنا كان اندفاعهم نحو المكان الذي تم اكتشافه من قبل الجيش اللبناني ويحتوي على كميات كبيرة من الوقود التي حرم منها الشعب اللبناني سيما أهالي عكار والتي أقفلت محطاتها منذ بدء أزمة المحروقات وسقط أبرياء وجرحى عند بعض المحطات التي اتخذت القرار بتعبئة الوقود لأبناء المنطقة، لكن وبسبب الفوضى والفلتان الأمني الذي لم يقابله أي رقابة من قبل القوى الأمنية مجتمعة فان أصحاب هذه المحطات فضل الاقفال التام لحين انتهاء الأزمة وبدأت رحلة المواطنين مع القهر بهدف تأمين المادة، الى أن كان يوم 15 آب يوم الفاجعة لأهل عكار حيث تم الإعلان عن وجود كميات من البنزين وبامكان من يريد الحصول عليه مجانا، فهب الشباب من أبناء منطقة التليل والقرى المجاورة وجرت الاتصالات فيما بينهم ليذهب الشقيق وشقيقه كما جرى مع آل شريتح حيث سقط الأشقاء الأربعة في هذه المجزرة وغيرهم كثر ما زال الأهالي يبحثون عنهم في المكان أو ربما يجدونهم في أماكن أخرى أبعد مما يتصور العقل نتيجة قوة الانفجار.
حتى الساعة أهالي عكار شيعوا بعضا من شهدائهم، وأجواء الحزن لا زالت تلف المنطقة بكاملها، أحزان لن تنتهي أمام هول الأزمات التي يتخبط بها المواطن اللبناني وما جرى في عكار قد يقع في أي منطقة أخرى وقد رأينا بالأمس غضب المواطنين في الشوارع واطلاق الرصاص والقنابل على محطات الوقود لكن العناية الالهية حالت دون وقوع الكوارث فهل يسلم لبنان من حالات الغضب المتنقلة والمتمددة ؟!
وعن الأسماء التي باتت معروفة حتى الآن حسين شريتح، فياض شريتح، خالد شريتح،جلال شريتح، محمد الكردي، ناجي العبدالله، أحمد عثمان، شعبان محمد، علي الوعري، خالد حاويك، علي حاويك، ابراهيم حاويك، أحمد مرعي، محمد أسعد، وليد كوجا، فادي الشيخ، محمود أسعد، ليبقى 12 اسم في عداد المفقودين والبعض منهم بانتظار نتائج التحاليل المخبرية ليتم تسليمهم الى ذويهم.
أما داخل المستشفيات فهناك عدد كبير من المصابين البعض منهم حالته حرجة جدا بفعل الحروق التي نالت من أجسادهم بنسبة 60% و 70% وحياتهم مهددة بالخطر، فضلا على أن الحروق تحتاج حتى بعد الشفاء لعناية تامة في المنازل ورحلة طويلة مع أدوية95% منها غير متوفر في لبنان كما يشير أحد الأطباء مما يعني بأن هناك امتحان آخر للمصاب بعد خروجه من المستشفى، فاما يحالفه الحظ بتأمين الدواء وأما يبقى عرضة لتفاعل الجروح واحداث الاشتراكات في الجسد وهي أخطر بكثير من الحروق نفسها.
عكار باتت الحدث اليوم بعد إنفجار المرفأ، فالى أين ستتجه الأنظار لاحقا ويبدو بأن لبنان يصارع خطر البقاء وتحديد المصير.
المصدر: اللواء