أحمد قبلان: من يقول هيهات منا الذلة لا يهاب المعركة بل يهجم عليها بكل إمكاناته

أحيا المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الليلة السادسة من مراسم عاشوراء في مقر المجلس، برعاية رئيسه الامام الشيخ عبد الامير قبلان، في حضور نائبه العلامة الشيخ علي الخطيب، والقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان قال فيها: “عادة أي معركة لها خطاب، خطاب فكري، خطاب تظلم، خطاب رؤية، وهو ما بدا واضحا بين عسكر يزيد ومعسكر الإمام الحسين، الخلاصة الأموية عرضت حجتها على الطريقة التالية: يزيد كسلطان له أن يفعل ما يشاء، لذا له ملكية الدولة، له الإعلام، له بيت المال، ولا شيء يحكمه أبدا حتى القرآن، والتاريخ بهذا المجال صريح وواضح، فلا حق ولا حقيقة ولا قيمة أو مرجعيات تحكم وظيفة الدولة سوى ما يراه السلطان الأموي. وهنا صميم اعتراض الإمام الحسين، فالإمام الحسين كجده يرى أن السلطة ليست مجرد قوة، بل قيمة حقوقية لها علاقة بالإنسان وحقيقة وجوده وضرورة أدواره، لذا عليها أن تخدم هذا الدور وتلك الوظيفة، وبذلك يصبح الحاكم ضامن مصالح وليس سلطانا مستبدا. وقصة أنا السلطان والمال لي وملكية الدولة لي والإعلام يجب أن يخدمني والقضاء يجب أن يدور مدار مشيئتي أمر ممنوع جدا بالمنطق القرآني ومنطق أهل البيت، لدرجة أن طلحة وقف أمام الإمام علي فقال له أتساويني مع عبدي وأنا أنا وهو هو، فقال الإمام علي: وأنا آخذ ما يأخذه قنبر وأنا أنا وهو وهو، ثم قال له قرأت هذا القرآن فلم أجد فضلا لبني إسماعيل على بني إسحاق، وهو صاحب شعار: والله لأردن هذا المال (أي مال الدولة المنهوب)”.

أضاف: “من هنا كانت المعركة زمن الإمام الحسين. معركة كلمة ورؤية ومنطق وجود يتقاطع وظيفة الإنسان ولا ينفك عن حقوقه وواقع حياته وهي بذلك لا تنفصل عن رغيف الخبز وحاجات أي إنسان الأساسية، إلا أنها تبدأ من حقيقة السلطة ومفهومها، وخير مثال ما يجري بالبلد، فالمشكلة ليست مشكلة مال لأنه دخل للبلد منذ العام 1992 ألف مليار دولار (تريليون دولار)، بل مشكلة سلطة مزرعة وفريق حاكم بلا قواعد وقوانين ضامنة، لذا تحول البلد مزرعة صفقات، ومعها تحول البلد فريسة والآن الناس تعيش بكابوس أسوأ انهيار يعد بين أكبر أزمات الدول بالعالم، فبمنطق الإمام الحسين لا بد من مفهوم دولة يضبط السلطة حتى لا تتحول السلطة مغارة لصوص، ولا بد من مؤسسات تمنع الحاكم من الإستبداد والنفوذ الشخصي حتى لا تتحول السلطة والإدارات والمؤسسات العامة ملكية شخصية لعائلة من يحكم. خرج الإمام الحسين ليكون ركيزة معركة حماية السلطة من الفريق الحاكم، وبيت المال من موظفي السلطان ورعايا الدولة من حاكمها، وهذا معنى إن دولتكم هذه لا تساوي عندي عفطة عنز إلا أن أقيم حق وأبطل باطلا، ومعنى: إن نمت في الليل ضيعت نفسي وإن نمت في النهار ضيعت رعيتي، ومنطق: إياكم والسكوت عن الباطل فإنه مدعاة للخراب، والأهم ما أسس له أهل البيت من حرمة الإنقياد لفاسد أو تعزيز وجوده أو تركه وشأنه، بل أسسوا لمراقبة العادل وضبطه على الموازين وثبتوا عليه الرقابة، لأن من يمكن بحقه الخطأ يجب أن يصان عن الخطأ، وهذه تشكل اليوم أكبر مبادئ العالم لحماية السلطة من فساد الفريق الحاكم.
واليوم معركتنا على هدي الإمام الحسين تبدأ من هذه النقطة، من مفهوم السلطة ومشروعها والقواعد التي تحكم الفريق الحاكم فيها، لأن فساد السلطة يفسد كل شيء، وصلاحها أساس لصلاح كل شيء”.

تابع: “التجربة مرة جدا، ومن يراجع تاريخ لبنان يجد أن الإنتداب الفرنسي سلم البلد لفريق مالي أعاد تكوين السلطة بما يخدم مصالحه المالية فضلا عن ضرورات التبعية السياسية، والأمر كذلك اليوم، حتى الحرب الأهلية كانت تجري تحت شعار، فيما كواليس المصالح الشخصية كانت تتحكم بمفاصلها.
والمشهد اليوم: البلد ملعب، والصراع عليه بلغ الذروة، والجمعيات التي تشكل الأقنعة الناعمة والفاعلة جدا للعمل الإستخباري المعادي تعمل بخلفية خرائط كانتونات ومتاريس طوائف ومشاريع إنهاك، والمخاطر كبيرة، ونحن الآن بقلب أزمة كبيرة تُستعمل فيها كل أدوات الضغط والإنهاك، والمطلوب أن نلتف حول بعضنا عبر أطر وهياكل مضمونة وقادرة على المواجهة، لأن الأزمة طويلة. لذلك ألله ألله بنظم أمركم، لأنه أكبر ضرورات الإنتصار بهذه الحرب الأخطر على الإطلاق، والتنظيم بحاجة لأطر وهياكل وأولويات وتكوين وحدة حال وفق نماذج قوية وفاعلة وقابلة للتطوير، وبهذا المجال يجب أن نشبع معا، ونجوع معا، ونأمن معا، وأن يكون مصيرنا واحدا، وكما كان المفهوم الحسيني زمن الإمام الحسين: الدم واحد والعطش واحد والخيمة واحدة والمصير واحد، فإن المفهوم الحسيني اليوم يمر بالرغيف واحد والضمانة الواحدة والمعركة الواحدة، بخلفية أن الجميع بما نحن فيه سواء، وأي خطأ بالتقدير سيعني كارثة بمقدارها، ومن يقول هيهات منا الذلة لا يهاب المعركة بل يهجم عليها بكل إمكاناته لكن بالقدرات التنظيمية التي تحقق الهدف، وأول الإنتصار يبدأ بالوعي كقيمة للفكر وأساس للكلمة، فمن خسر معركة الكلمة خسر المعركة، ومن يربح وعي شعبه وناسه وبيئته يربح أكبر المعارك، وأهم ما بهذه المعركة اليقين كنتيجة للوعي، لأن أهل اليقين أكثر بذلا وصبرا ووعيا وثباتا، وهو عين مراد علي الأكبر من قوله لأبيه الحسين: أولسنا على الحق.؟! قال: بلى. قال: لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا. كتبنا الله ممن عاش الحسين عقلا وفكرا وتطبيقا وأولويات وسلوك.. وتلك أكبر كرامات الدينا والآخرة.

هذا، وتم إحياء الليلة الخامسة بتلاوة ايات من الذكر الحكيم للقارئ الدولي أنور مهدي، وتلا الشيح حسين نجدي مجلس عزاء حسيني، وموسى الغول زيارة الحسين، وقدم للحفل الشيخ علي الغول.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …