جاء في “المركزية”:
لم يكن هناك من دافع الى ارتفاع نسبة القلق على مصير الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة اقوى من صدمة الخلاف المفاجئ الذي انفجر بعد ظهر أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب حول الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء للبحث في الوضع الناجم عن فقدان المشتقات النفطية وما تسبب به قرار رفع الدعم الذي أصدره البنك المركزي ورفض دياب. فقد ألقت تداعياته بظلال سوداء على الجهود الحكومية التي يؤمل ان تؤدي إلى البحث الجدي في موعد تشكيل الحكومة قياسا على حجم التقدم الذي تحقق في عملية التاليف في آخر لقاء بين عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي.
وعلى هذه الخلفيات كشفت مصادر سياسية لـ”المركزية” ان الخطوة التي اقدم عليها رئيس الجمهورية في شكلها ومضمونها شكلت شرارة الخلاف بين عون ودياب لم يكن يحتسبه احد في الفترة السابقة ولم يكن بعد قد انتهى المراقبون من التثبت ان ما قاد الى مقاطعته اجتماع المجلس الاعلى للدفاع في جلسته الاخيرة بسبب حالة الحجر الصحي التي كان يعيشها قبل إجراء الفحص الذي جاء سلبيا أو انه بدأ يقاطع مثل هذه الإجتماعات التي عدت ليس بنظر دياب وحسب انما في حسابات مجموعة رؤساء الحكومات السابقين بديلا من جلسة لمجلس الوزراء رغم انه تناول وجوها من الازمة المعيشية التي يلتقي عون ودياب على موقف شبه موحد منها وخصوصا ان كانت المواجهة مع حاكم مصرف لبنان.
وفي المعلومات المتداولة أن عون يدرك جيدا ان دياب ليس في وارد التجاوب مع الدعوة الى عقد اي جلسة للحكومة مهما بلغت المخاطر التي تدفع إليها. وان مجرد تذكير أوساط بعبدا بالجلسات التي عقدتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في العام 2013 للبحث في سلسلة من القضايا الطارئة تحيي التذكير بمواقف دياب الثابتة الذي قال أكثر من مرة انه ليس على استعداد للقيام بما قام به ميقاتي. فهو في حينه – قال دياب اكثر من مرة – خرق فاضح للدستور وهو موقف سجل لدياب مرات عدة وفي مناسبات عدة بعدما عبرت حكومة تصريف الاعمال السنة الأولى على استقالتها ولم يتردد في رفض مثل هذه الدعوات.
وفي الإطار عينه، عبّرت هذه المصادر عن خشيتها من انعكاسات مضمون الكتاب الذي رفعه المدير العام للقصر الجمهوري الدكتور انطوان شقير الى الامانة العامة لمجلس الوزراء من أكبر الدوافع والأسباب الموجبة لدعوة رئيس الجمهورية بعدما أحيا نقاشا واسعا حول مفهوم الطرفين في بعبدا والسرايا لمضمون المواد الدستورية التي استند إليها بدليل ان دياب لم يبق وحيدا في المواجهة بعد صدور بيان تيار “المستقبل” بداية ليل أمس وما كاله من اتهامات إلى رئيس الجمهورية وفريقه بالامعان في خرق الدستور علما ان ملاحظات التيار الازرق لا تقف عند حدود الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء بل هي تنتقد لجوء رئيس الجمهورية الى بدائل الحكومة ومهامها طيلة السنة المنصرمة ومنها مسلسل جلسات المجلس الاعلى للدفاع التي عدتها بعبدا من عدة الشغل البديلة لعدم تجاوب دياب مع الدعوات الى عقد جلسات حكومية.
ولا تستبعد المصادر ان تتطور المواقف من هذه الخطوة في الساعات المقبلة لتنعكس على المساعي الحكومية ما لم تتجاهلها المراجع الرسمية ولا سيما الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الذي يستعد لزيارة بعبدا مطلع الأسبوع المقبل حاملا تشكيلة جديدة لمقاربة الأسماء المطروحة للحقائب العادية من لائحة محدودة تم التفاهم بشأنها مع رئيس الجمهورية – كما قالت مصادر بعبدا مساء الجمعة الماضي- قبل البحث في الأسماء العائدة للحقائب السيادية والتي باتت محصورة بلائحة صغيرة لا تتعدى الأسماء المطروحة فيها عدد أصابع اليد الواحدة لحقيبتي العدلية والداخلية وبعدد أقل لحقيبتي المالية والدفاع.
كل ما هو ثابت حتى هذه اللحظة ان المواجهة المفتوحة بين عون ودياب لا تقل سخونة من تلك التي فتحت بين بعبدا والمصرف المركزي وإن خفتت تردداتها على جبهة السرايا، عندما دعا رئيس الحكومة الى استيعاب قرار المركزي والبحث في آلية تطبيقه بطريقة لم تنسجم مع مواقف بعبدا التي لم تستوعب بعد طروحات المركزي رغم تأكيدات حاكمه رياض سلامه بان القرار متخذ من مجموعة تمثل بعبدا والضاحية الجنوبية وعين التينة والسراي.
وفي الحالتين، فان المراجع المعنية في السلطتين التنفيذية والتشريعية ليست على استعداد بعد لإطلاق برامج الدعم الاجتماعي لتكون خطوة موازية لتلك المقررة على مستوى رفع الدعم وان البطاقة التموينية تعاني من عدم توفر ما يقود الى استخدامها في الوقت الراهن وعلى من ينتظرها ان يتقن فن الصبر والجلد على موعد صدورها وطريقة تطبيقها قبل ان تتحول الى “بطاقة انتخابية” ان بقيت الأمور على ما هي عليه دون حسم التشكيلة الحكومية لتنطلق في وقت قريب.
وفي الختام، لا بد من انتظار تطورات الساعات المقبلة الفاصلة عن اللقاء المنتظر الإثنين المقبل بين عون وميقاتي لمعرفة اتجاه الريح وإن كانت التوافقات السابقة ما زالت صالحة وسط سؤال كبير عن توقيت الدعوة الرئاسية الى رئيس الحكومة وعما إذا كانت رسالة موجهة الى مساعي التشكيل وانعكاساتها على الجو السني وهل سيكون ميقاتي بعيدا من توجهات بيت الوسط والتيار الازرق ام انهم جميعا باتوا في خندق واحد لتحتسب الدعوة مشروعا متقدما لنسف التشكيلة الجديدة وتعطيل آلية البحث عنها؟