جاء في “نداء الوطن”:
هل سمع القائد الأعلى للقوات المسلحة بالمجنّد في الجيش اللبناني الذي أطلق النار على رأسه أمس في طرابلس تحت تأثير “جهنّم” المعيشية؟ هل قرأ تقرير “الدولية للمعلومات” عن ارتفاع كلفة السلع الغذائية بنسبة تناهز الـ500%؟ هل ترددت في أروقة “قصر الشعب” أصداء دراسة “Arab youth survey” التي وثّقت رغبة 77% من الشباب اللبناني بمغادرة البلاد؟… الأرجح أنّ الوقت لا يتسع لمواكبة شريط الأحداث “الدرامية” تحت وطأة الانغماس في كواليس “مسرحية” رفع الدعم “الهزلية” التي توزعت فيها البطولة بين “حاكمين” يتبادلان الأدوار على خشبة قهر الناس وإذلالهم.
بسيناريو خبيث وحبكة “ركيكة” أطل العهد العوني وتياره أمس على اللبنانيين ببكائية شعبوية تستغبي العقول وتناقض الوقائع الثابتة والمعطيات الدامغة في التأكيد على أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون “كان يعلم” بقرار حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بوقف الدعم عن المحروقات قبل صدوره، لتنطلق بعدها حفلة “دجل ما بعده دجل” تتراقص فوق أوجاع الناس باستعراضات تقرع طبول حرب عونية على سلامة، استقدمت نهاراً أفواج “رشق البيض” لاستهداف موكبه عند مفرق قصر بعبدا، واستهدفت منزله ليلاً بعراضات “برتقالية”… لا يصح فيها أكثر من تغريدة المستشار العوني السابق جان عزيز الذي كشف فيها أنّ مجلس الدفاع الأعلى برئاسة عون كان قد تبلغ مسبقاً بقرار سلامة ومنحه الضوء الأخضر لرفع الدعم: “هيدا شو؟ أو دجل، أو جهل، أو دجل لتغطية الجهل”. وإذ لم تنطل مناورة التهويل الرئاسية على حاكم المركزي الذي بدا أمس مصراً على وقف الدعم عن المحروقات ما لم تقم السلطة بتشريع قانون يسمح باستخدام الاحتياطي الإلزامي من أموال المودعين، رأت مصادر اقتصادية مواكبة للملف أنّ “مسرحية شد الحبال بين رئاستي الجمهورية والحكومة ومصرف لبنان قد تفضي إلى ابتداع منصة جديدة لدعم المحروقات بحجة انتظار تأمين البديل”، موضحةً أنّ مستوى الدعم قد يصل إلى معدل سعر الصرف المعتمد في منصة “صيرفة” كمرحلة انتقالية وجيزة ريثما يصار إلى إنجاز البطاقة التمويلية لمواكبة قرار رفع الدعم نهائياً.
وفي معرض تنديدها بإصرار السلطة على الاستمرار في سياسة الدعم العشوائي، اعربت المصادر عن ثقتها بأنّ الطبقة الحاكمة شريكة مع “مافيا التهريب والاحتكار” في استنزاف آخر دولار في الخزينة قبل الرضوخ لحتمية رفع الدعم، كاشفةً أنّ ضريبة “التهريب” كلفت في غضون العام 2020 وحده ما لا يقل عن 1.2 مليار دولارمن أصل 4 مليارات دولار ذهبت لاستيراد المحروقات. وفي الوقت عينه انتقدت المصادر “الطريقة التي اتخذ فيها قرار رفع الدعم عن المحروقات بشكل اعتباطي يُشبه كل قرارات السلطة، ولم يكن آخرها “الكابيتال كونترول” وطريقة احتساب الضريبة على القيمة المضافة… وعلى هذا النسق لم يُتخذ قرار رفع الدعم عن المحروقات إلا بعد تفريغه من مضمونه والسير به بشكل مجتزأ بعيداً عن أي حس بالأزمة الإقتصادية بدل أن تكون خطوة تكميلية مترافقة مع خطط ومقترحات عملية”.