التأم شمل رضيع بأقاربه في كابل، أمس السبت، عقب العثور عليه بعد فقدانه عندما سلمه والده لجندي عبر سياج المطار وسط الفوضى التي سادت عملية الإجلاء الأميركية من أفغانستان. وكان عمر الطفل سهيل أحمدي شهرين فقط عند انفصاله عن الأسرة في 19 آب، حين اندفع الآلاف في محاولة لمغادرة أفغانستان عقب سقوطها في أيدي حركة طالبان.
وعقب تقرير حصري نشرته رويترز في تشرين الثاني مع صور الطفل المفقود، تم تحديد مكانه في كابل حيث عثر عليه سائق سيارة أجرة يدعى حامد صافي في المطار وأخذه إلى بيته لتربيته.
وبعد مفاوضات ومناشدات استمرت أكثر من سبعة أسابيع، بل واعتقال شرطة “طالبان” لصافي لفترة قصيرة وافق سائق سيارة الأجرة في النهاية على إعادة الطفل إلى جده وأقاربه الذين لا يزالون في كابل وسط فرحة عارمة.
وقال أهل الطفل، إنهم “سيعملون الآن من أجل أن يجتمع شمله بوالديه وأشقائه الذين تم إجلاؤهم قبل أشهر إلى الولايات المتحدة”.
وخلال البلبلة التي صاحبت عملية الإجلاء من أفغانستان أثناء الصيف كان ميرزا علي أحمدي والد الطفل الذي عمل حارساً أمنياً بالسفارة الأميركية وزوجته ثريا يخشيان أن ينسحق ابنهم في الزحام أثناء اقترابهم من بوابات المطار في طريقهم لاستقلال طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة.
قال أحمدي لرويترز، في أوائل تشرين الثاني، إنه “سلم سهيل بدافع الشعور باليأس في ذلك اليوم عبر سياج المطار إلى جندي أميركي”. فيما يعتقد وهو يتوقع تماماً أنه سيتمكن من اجتياز الأمتار الخمسة الباقية حتى البوابة لاستعادته. في تلك اللحظة دفعت قوات “طالبان” المتجمهرين إلى الوراء لتمر نصف ساعة أخرى قبل أن يتمكن أحمدي وزوجته وأطفالهما الأربعة الآخرون من الدخول. لكنهم لم يعثروا للطفل الرضيع على أثر.
وأضاف أحمدي، أنه “بحث باستماته عن ابنه داخل المطار، ورجح له المسؤولون أن يكون قد نُقل بالفعل إلى خارج البلاد على رحلة منفصلة ومن الممكن أن يلحق بالأسرة فيما بعد”. وتم إجلاء بقية أفراد الأسرة وانتهى بها الحال في النهاية في قاعدة عسكرية بتكساس. ومرت شهور من دون أن تعرف الأسرة شيئاً عن مصير ابنها.
وتسلط هذه الحالة الضوء على محنة آباء كثيرين انفصلوا عن أطفالهم خلال فوضى عملية الإجلاء العاجلة وانسحاب القوات الأميركية من البلاد بعد حرب استمرت 20 عاماً. ولعدم وجود سفارة أميركية في أفغانستان ولشدة الضغط على المنظمات الدولية واجه اللاجئون الأفغان صعوبة في الحصول على إجابات عن تساؤلاتهم عن توقيت التئام الشمل بأفراد أسرهم أو إمكانيته. ولم ترد وزارات الدفاع والخارجية والأمن الداخلي الأميركية على طلبات للتعليق على هذا التقرير يوم السبت.
كما أنه في اليوم ذاته الذي انفصل فيه أحمدي وأسرته عن الطفل الرضيع تسلل السائق صافي عبر بوابات مطار كابل بعد أن قام بتوصيل أسرة شقيقه التي كان من المقرر إجلاؤها أيضاً.
وقال صافي، إنه “وجد سهيل يبكي وحيداً على الأرض. وبعد أن فشل في محاولة العثور على والدي الطفل داخل المطار قرر العودة به إلى البيت لزوجته وأطفاله”، مضيفاً “إذا ظهرت أسرته فسأعطيه لها. وإذا لم تظهر فسأربيه أنا”. ولصافي ثلاث بنات.
وأطلقت الأسرة على الطفل اسم محمد عابد، ونشرت صوره مع صور أطفالها عبر “فيسبوك”.
وبعد نشر تقرير رويترز عن الطفل المفقود تعرف بعض جيران صافي، الذين لاحظوا عودته من المطار قبل أشهر ومعه رضيع، على الصور ونشروا تعليقات عن مكان وجوده على نسخة مترجمة من التقرير.
وطلب أحمدي من أقاربه المقيمين في أفغانستان، ومنهم والد زوجته محمد قاسم رضوي، البحث عن صافي والمطالبة بإعادة الطفل للأسرة.
وقال رضوي، إنه “سافر على مدى يومين وليلتين إلى العاصمة، حاملاً هدايا من بينها خروف مذبوح وعدة كيلوغرامات من الجوز وبعض الملابس لصافي وأسرته”. لكن صافي رفض التخلي عن سهيل، وأصر أنه يريد أيضاً إجلاءه عن أفغانستان هو وأسرته. وقال شقيق صافي الذي تم إجلاؤه إلى كاليفورنيا إن “صافي وأسرته لم يتقدموا بطلبات لدخول الولايات المتحدة”.
وفي النهاية وبعد الشعور بأن كل الخيارات نفدت اتصل رضوي بشرطة طالبان المحلية للإبلاغ عن خطف الطفل. وقال صافي لرويترز إنه “نفى الاتهامات في أقواله للشرطة وإنه يرعى الطفل ولم يخطفه”.
وحققت الشرطة في البلاغ، ولفت قائد الشرطة المحلية لرويترز الى أنه “ساعد في ترتيب تسوية تضمنت اتفاقاً وقعه الطرفان ببصمات الأصابع”.
وقال رضوي، إن “أسرة الطفل وافقت في النهاية على تعويض صافي بنحو 100 ألف أفغاني (950 دولاراً) عن المصروفات التي أنفقها لرعاية الطفل على مدار خمسة أشهر”.
وفي حضور الشرطة ووسط دموع منهمرة عاد الطفل أخيراً يوم السبت إلى أقاربه.