كتب محمد الجنون في موقع لبنان24
لم يوفّر رئيس التيار “الوطني الحر” أي ملف إلا وغاص به في خطابه، أمس الأحد، فاتحاً “النيران السياسية” باتجاه أطرافٍ عديدة وأبرزها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اتّهمه بالتعاطي “طائفياً” مع العديد من الملفات.
مع هذا، كان باسيل يوجه الرسائل تلو الرسائل لـ”حزب الله”، وكأنّه يدعو لاحتضانه مجدداً عبر تطوير اتفاق مار مخايل الذي لا يريدُ نقضه، لكنه ألمح إلى إمكانية إنزواء التيار “الوطني الحر” وحيداً عندما تصل الأمور إلى حدود الكرامات.
يوم أمس، كان باسيل واضحاً أيضاً في اعتبار الانتخابات النيابية المقبلة بمثابة معركة لـ”تحجيم تياره”، لكنه في الوقتِ نفسه صوّب السهام في هذا الإطار نحو الداخل والخارج، معلناً عن خصومه المباشرين وهم بري، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي قال باسيل عنه إنه “يسعى للفتنة في لبنان”.
باسيل: “الظاهر انو بري رح يعرقلنا والحزب ما رح يصدّو”
لهذه الاسباب… الطلاق صعب ومكلف جدّاً بين “التيار الوطني الحرّ” و”حزب الله”
في المقابل، شاء باسيل أن يعتمدَ أسلوباً “مُهادناً” مع الأطراف السنيّة في لبنان. ففي خطابه، سلّط الضوء على “الإحباط السني”، مشيراً إلى أنه “يتفّهمه”، كما أوضح أنه “لا يريد اختلالاً آخر بالتوازن في التمثيل لدى السنّة مثلما حصل عند المسيحيين من العام 1990 وحتى العام 2005″، وأضاف: “لذلك، تصدّينا ونتصدى لمحاولة إلغاء الممثلين الفعلين للسنّة ونتمنى مشاركتهم بالانتخابات لأن أصوات السنّة ليست للبيع لأحد، وزعاماتهم تكون نابعة منهم أو لا تكون”.
بشكل مباشر، كان باسيل يوجّه هذه الرسالة إلى رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري الذي تردّد أنه قد لا ينوي الترشّح للانتخابات النيابية. وانطلاقاً من هذا الأمر، يتّضح أن الكلام الذي أطلقه باسيل قد يكون “غزلاً” باتجاه الحريري والأطراف السنيّة الأخرى وعلى رأسها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لم يحسم بعد إمكانية ترشحه للانتخابات من عدمه.
ضمنياً، فإنّ باسيل يمكن أن يكون بهذا الخطاب قد أراد تحقيق بعض الأمور العديدة، وهي: تهدئة الجبهة مع الطائفة السنية بعد صراعٍ سياسي طويل، استمالة الأطراف السنية نحوه وسط الأجواء القاتمة التي تحكم تحالفه مع “حزب الله”، السعي إلى إعادة تفعيل خطوط التواصل مع الحريري خلال المرحلة المُقبلة والاعتراف بدور الطائفة السنيّة المؤثر وعدم ضرب الميثاقيّة والتوازنات.
ما لا شكّ فيه هو أنّ باسيل لا يُمكن الانغماس أكثر ضدّ الجبهات ككل، لكن التقارب مع الحريري والسنّة أقرب إليه من أي تقارب آخر في الشارع المسيحي وتحديداً مع جعجع. وعليه، فإنّ رئيس “الوطني الحر” قد يكون أراد من خلال خطابه، أمس، فتحَ ثغرة في الحائط المسدود مع الحريري، وقد يكون ذلك بمثابة إصرارٍ على بقاء الأخير في الحياة السياسية والاقتراب منه مجدداً، والتأكيد على أهمية بقاء تيار “المستقبل” انتخابياً وسط الحملات التي تروّج لانتهائه سياسياً.
وهنا، فإنّ باسيل، وبشكل أو بآخر، يكون قد اعترف بدورِ الطائفة السنية ككل، كلاعبٍ أساسي في معركة التوازنات. كذلك، فإن باسيل قد يرى في “مغازلة السنّة” باباً للانطلاق نحو معركة الرئاسة المؤجّلة حالياً. وحتماً، فإن هذه الأمور كلها ستنكشف تباعاً ضمن لعبة التحالفات الانتخابية، على أن تتضح التوجهات ككل مع الاستحقاقات المقبلة.