جاء في “المركزية”:
تحوّل بيان جدة الذي صدر اثر لقاء ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الى وثيقة خليجية تبنّتها دول مجلس التعاون قاطبة. بعد ان جال الامير الشاب على كل من الامارات والبحرين والكويت وقطر، التي أصدرت في ختام المحادثات التي اجراها الرجل على اراضيها، مواقف اعتنقت المطالبَ السعودية، وتُوّج هذا المسار، في القمة الـ42 للمجلس التي التأمت في الرياض الثلاثاء.
فقد اعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب انتهاء أعمال القمة، ان الاجتماع قرر مطالبة “لبنان باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالإصلاحات الشاملة ومكافحة الفساد وبسط السيطرة على سيادته وكافة مؤسساته ومنع حزب الله الإرهابي من ممارسة نشاطاته الإرهابية واحتضانه ودعمه للتنظيمات والمليشيات الإرهابية المزعزعة للأمن والاستقرار في الدول العربية لتنفيذ أجندات دولية وإقليمية”. وشددت القمة “على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني وضرورة حصر السلاح على مؤسسات الدولة الشرعية والتشديد على مراقبة الحدود واتخاذ الإجراءات الكفيلة لردع استمرار تهريب المخدرات من خلال الصادرات اللبنانية تجاه المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون”. واستنكرت القمة في الوقت ذاته “استمرار التصريحات المسيئة تجاه دول مجلس التعاون وشعوبها وإقامة مؤتمر صحفي في بيروت تعرض لمملكة البحرين”.
وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن هذا الموقف الجامع يشكّل منعطفا في مسار العلاقات اللبنانية – الخليجية، لن يكون ما بعده كما ما قبله. “لبنان الرسمي” كان يمنّن النفس بتحسّن المناخات بين الجانبين وقد وضع آمالا كبيرة على الاتصال الذي أجراه بن سلمان برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكن تبيّن له، ان دون اعادة المياه الى مجاريها بين بيروت والرياض، دربا طويلا، وأجندة “صعبة”، على الدولة تطبيقُها. حتى انه، وفي ضوء سقف البيانات الخليجية العالي هذا، يمكن اعتبار ان الرياح ذهبت في الاتجاه المعاكس تماما، لما كانت تشتهيه سفن ميقاتي خصوصا و”المنظومة” عموما.
صحيح ان بعض الاتصالات حصل بين وزراء لبنانيين وآخرين خليجيين بعد اجتماع جدة، الا ان هذا الخرق لا يعني ان الأزمة انتهت وان التعاون اللبناني – الخليجي والدعم الخليجي للبنان سيُستأنف و”يا دار ما دخلك شرّ”!
حتى انه وبعد ان راحت “سكرة” مكالمة بن سلمان – ميقاتي، تبيّن ان الاول تمكّن من جرّ ماكرون الى “ملعبه”، فكسِبَ دعم باريس لمطالبه في مسألة “حزب الله”، وتبيّن ايضا لـ”المزهوّين” بالاتصال – الانجاز، ان موجة الضغط العربي والدولي والاممي على بيروت لتطبيق القرارات الاممية واولها الـ1559، آخذة في الارتفاع.
شرط الرياض والخليجيين والعالم ككل، الاساسيّ اذا لدعم لبنان “الدولة” و”التطبيع معها” هو “لجمُ حزب الله” خاصة على المستوى الاقليمي… فهل المنظومة قادرة على ذلك، أقلّه من حيث “الموقف”؟
بعض الخطوات “النوعية” لكن “النظرية” التي اتخذها بعض الوزارات، كقرار ترحيل المعارضين البحرينيين من لبنان امس، او توقيف مهربي كبتاغون، جيد، وقد يُنتج انفتاحا بين بيروت والخليجيين، على شكل مشاركات وزارية في مؤتمرات تُعقد في عواصم دول مجلس التعاون، لكن هذه حدود مفاعيلها، ذلك ان هذه “النتعات الدولتيّة”، موضعية، وتطال متفرعات الازمة لا جوهرها… عليه، اعادة مد الجسور مرهونة بالانتخابات النيابية وافرازها غالبية جديدة تقول “لا لحزب الله”.