الدولة “مُغيّبة”.. يتفرّجون من أعلى أعالي كراسيهم!

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:

لم يَعُد جديداً إذا سألنا ماذا يبقى للبنان من حصص في المنطقة مستقبلاً، بعدما فقد كل شيء تقريباً، لا سيّما على المستويات الكبرى؟

ففي مشاريع الطاقة، نحن عاجزون عن إيجاد إطار خاصّ بنا، يُمكّننا من استثمار ما نمتلكه على هذا الصّعيد، بعيداً من الالتزام بالمعايير الدولية المطلوبة على أكثر من مستوى، في هذا الملف. أما في الاقتصاد والمال، فحدّث ولا حرج، إذ لم يَعُد الحديث عن جذب الاستثمارات مُجدياً، قبل وضع الأُطُر الأمنية المُناسِبَة لمستقبل تلك الاستثمارات والمستثمرين معاً.

وبعدما كان من المُنتَظَر أن نكون مركزاً لحوار الحضارات، ها نحن ننتظر تأمين الكهرباء، والدواء ونبحث عن مستقبل التلاعُب بسعر صرف الدولار في السوق السوداء، وبانعكاساته على أسعار المواد الغذائية، وغيرها من السّلع. وهو ما يعني أننا على بُعد سنوات ضوئية من إمكانية أن نُصبح مركز استقطاب في المنطقة.

فأن نكون مركزاً إقليمياً لحوار الحضارات، هذا يحتّم علينا القيام بورشة تشريعية كبرى، تنقلنا الى معايير أقرب الى “الدولية”، في وقت أن بعض من في لبناننا يتحدث عن تغيير النّظام، وعن الدولة المدنية، وعن إلغاء الطائفية السياسية، بشعبويات و”بهلوانيات”، همّها الوحيد ليس أكثر من السيطرة على الحُكم في البلد، ونقله من مجموعة الى أخرى، لن تحكم إلا طائفياً، وبما يتناسب مع إيديولوجيّتها، مع بعض “الروتوشات” الخارجية الكافية للإبهار، وخداع الداخل والخارج معاً.

ماذا يبقى لنا من حصص في المنطقة مستقبلاً؟ نخشى الإجابة، لأنها “اللا شيء”، بحسب ما هو متوفّر حالياً. وهذا ما يتفرّج عليه جميع من في السلطة، ومن أعلى أعالي كراسيهم، التي يكتفون بالتحرّك منها وإليها.

أوضح مصدر سياسي أن “لبنان فقَدَ إمكانيّة أن يكون مركز استقطاب في المنطقة، منذ عام 2018 تحديداً، والى ما بعد سنوات طويلة ربما، نظراً الى غياب الدولة عن أدوارها المطلوبة منها. فالدولة “مُغيَّبَة”، وقدرتها على التحرّك “مخطوفة”، وهذا هو عَصَب المشكلة والحلّ معاً”.

ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “لبنان كان منارة عربية وإقليمية، خلال حقبة “الجمهورية الأولى”. ففي ذلك الوقت، كان متقدّماً في المنطقة، مصرفياً، وتربوياً، وسياحياً، في شكل جعله يستحقّ لقب “سويسرا الشرق”. والسبب في ذلك، هو أن الدولة كانت قويّة فيه آنذاك، بما مكّنها من تحقيق النموّ والازدهار”.

وشدّد المصدر على “استحالة استعادة تلك الحالة، إلا إذا توفّرت دولة، تتوغّل في عوالم التطوُّر، وتضع الشّعب اللبناني ومنفعته، كأولوية لا رجوع عنها”. وأضاف: “ما يُسمّى بقوى “المُمَانَعَة”، هي التي تمنع لبنان من التطوُّر، وذلك تماماً كما تفعل في كل الدول التي تنشط فيها. فإذا توقّف نشاط تلك القوى فيه، يُمكنه استعادة أدواره السابقة، بسرعة أكبر ممّا قد يتخيّله البعض”.

وختم: “لا بدّ من استعادة مقوّمات الدولة، وتحريرها. وهذه هي الطريقة الوحيدة لاسترجاع قيمنا التي نفقدها الواحدة تلو الأخرى”.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …