كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
بدا واضحاً من موقف المملكة العربية السعودية حول لبنان انها لا تريد تركه ولا الشعب اللبناني وحيداً، وهي مستعدة للتعاون،جاء هذا بعد لقاءٍ جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد محمد بن سلمان في الرياض علماً انّ الاول وضع كل ثقله لإعادة اللُحمة بين البلدين،خصوصا وأنّ المملكة كانت مستعدة سابقاً لتوقيع اتفاقيات حول مشاريع استثمارية، لكن لبنان هو الذي تخلف عنها. وفي المقابل، اكد السعوديون أنّ المسؤولين اللبنانيين يجب أنّ يكونوا على قدر مسؤولية الإصلاح السياسي والإقتصادي والمالي للحصول على ثقة المجتمع الدولي والمستثمرين.
النتيجة جهود ماكرون المتعلقة بالازمة المحلية، كانت أن “الثقب في الباب” الذي يعيد العلاقات اللبنانية – السعودية هو استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، من ثم البحث في قدرة السلطة اللبنانية على ترجمة الأقوال إلى أفعال حتى لا يبقى “حزب الله” مختبئاً خلف التغطية اللبنانية الرسمية في استخدامه الساحة اللبنانية كمنصة لتصدير الضرر إلى المملكة.
على مدار سنواتٍ طويلة لم تصل علاقة لبنان مع دول الخليج إلى هذا المستوى من التراجع، وصولاً إلى سحب السفراء من بيروت، ما شكل منعطفاً خطيراً في تاريخ العلاقات بين الجانبين، الامر الذي ترتب عليه تداعيات سياسية واقتصادية إضافية على بيروت المثقلة بالأزمات على أنواعها.
علما ان مؤشرات الانفراج تتبدى في خطوة اعادة السفير السعودي وليد البخاري الى لبنان والرئيس ماكرون تلقى وعداً بذلك من ولي العهد السعودي بإعادة السفير اللبناني الى الرياض. وهنا لا يستبعد العارفون انّ تُستتبع ايجابيات هذا التواصل، بزيارة يقوم بها الرئيس نجيب ميقاتي الى السعودية في وقت لاحق خصوصاً انّ هذه النقطة أثيرت بنفس إيجابي.
وقال مراقبون لبنانيون، انّ هناك تحركاً عربياً تقوده القاهرة والاردن على هذا الصعيد، يصب في إحتمال عقد مؤتمر عربي ترعاه السعودية من باب حضورها التاريخي في الساحة السياسية اللبنانية. وهو -اذا حصل- سيشكل ضغطاً على المسؤولين اللبنانيين من أجل الإسراع بإصلاحات عاجلة وتمكين لبنان بمساعدات استثنائية هو بأمّس الحاجة إليها في ظل إنهيار مالي واقتصادي غير مسبوق تشهده البلاد في تاريخها.
امّا السؤال المركزي هنا، هل يمكن التعويل على هكذا مؤتمر، بمعزل عن مستوى التمثيل، في إنتاج تعاون وشراكة في سياق صراع الخنادق الذي يحكم المنطقة، وسياق التقاطعات الحادة بين دول الاقليم حول القضايا المختلفة، أم انّ المؤتمر لن يكون سوى حفلة “علاقات عامة” لن يتعدى كونه اكثر من مجموعة من الصور والأخبار والآمال الزائفة، خاصة وانّ عمر الحكومة الميقاتية لن يتجاوز بضعة أشهر على أبعد تقدير، سواء جرت الانتخابات النيابية المفترضة في موعدها المقرر، أمّ تأجلت الى موعد آخر؟
لكن كيف ننجح في إعادة لبنان الى دوره العربي مع إصرار المكون السياسي الشيعي على استمرار تبعية الموقف اللبناني للموقف الإيراني. فعندما تعجز الدولة عن فرض سلطتها، وتسمح لدولة موازية أو سلاح مواز يرتبط عضوياً بدولة أخرى، بأنّ ينازعها على سلطاتها، فمن الطبيعي أنّ هكذا دولة لا يمكنها ان تنتج علاقات خارجية ذات طبيعة استراتيجية أو تشارك في حل الصراعات التي تؤرق المنطقة!