كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
تُجري مختلف الأحزاب والشخصيات و”البيوتات” السياسية اللبنانية العريقة، والأرفع شأناً منّا نحن “الشّعب الهردبشت”، تحضيراتها للإنتخابات النيابية، راغبةً بخدماتنا “الإقتراعية”، وذلك على إيقاع صقيع الشتاء الذي بدأ يأكل أطراف أيدي وأرجل الأطفال وكبار السنّ الفقراء، في البلد.
كما تمضي تلك الأحزاب والشخصيات و”البيوتات” في دروب الإكثار من الوعود، مثلها مثل أحزاب وتيارات أخرى تَعِد الناس بكرامة القبور، التي تُطبخهم على نيران الصّواريخ والمسيّرات الحارِقَة للحياة. ولكن الفارق، هو أن وعود الفئة الأولى تصوّر ذاتها “سبع البورومبو”، الذي سيدمّر ما لا يُدمَّر، رغم أنها لا “تمون” ولا حتى على تأمين الأمن لطريق.
مُخجِلٌ ومُعيب أن البلد الذي يعيش أسوأ أزمة إقتصادية ومالية، والذي يعاني شعبه من غلاء المعيشة، ومن تدني مستوى البنى التحتية، وهو لبنان، يحوي نسبة هائلة من الأثرياء، الذين بعضهم “مفضوح” منذ وقت طويل، بينما بعضهم الآخر “مخبّا بثيابو”، الى درجة أن بعض الخبراء يؤكّدون أن لدى لبنان كثافة كبرى على صعيد أصحاب المليارات حول العالم، وهم يمتلكون نسبة تصل الى نحو 73 في المئة تقريباً من ثرواته، بحسب بعض المعطيات.
ولبنان هذا نفسه، هو بلد الظّلم الإجتماعي، لعدد لا بأس به من شعبه، الذين يعدّون الأيام عدّاً، رغم علمهم بأن نهاية “العهد الرئاسي” الحالي لن تشكّل خلاصاً أكيداً لهم، وأن الإنتخابات النيابية المقبلة لن تجدّد السلطة، وذلك لأن أوراق صناديق الإقتراع التي تُمنَح لفاسدين سياسيين، و”مدنيّين”، و”ما وراء حدوديين” بلباس محليّة، ستجعل التغيير “ورقياً”.
في حسابات بسيطة لثروات بعض اللبنانيين الذين يُعتَبَرون من أثرياء العالم، والذين يتمّ التداول بأسمائهم تقليدياً، يتبيّن أن مجموعها “التقريبي” يبلغ نحو 13 مليار دولار.
أما إذا قُمنا بحسابات لثروات غيرهم، “المخبّايين بثيابون”، و”المشرشرين” على شاشاتنا بشكل متواتر، وبثياب الفقر، فيتبيّن لنا أن الـ 13 مليار دولار السابق ذكرها، قد تتجاوز الـ 37 مليار دولار، في تلك الحالة، بحسب بعض الخبراء.
وبالذّهاب أبعَد، على صعيد الحساب “التقديري” لثروات في الخارج، تمتلكها شخصيات من أصول لبنانية، نجد أن الرّقم يصل الى نحو 130 مليار دولار، من دون الـ 37 مليار دولار السابق ذكرها.
نتحدّث في هذا الإطار عن أرقام تقريبية، انطلاقاً من نصيحة أكثر من مصدر خبير في الشؤون المالية، لأن ثروات هؤلاء كلّهم قد تكون زادت خلال كتابة تلك الأسطر، الى ما هو أكبر بكثير ممّا ذكرناه، وذلك نظراً الى زيادة أرباح شركاتهم ومؤسّساتهم بين دقيقة وأخرى، أو ساعة وأخرى، سواء تلك التي تنشط من لبنان، أو في الخارج.
ولن نتحدّث عن اللبنانيين في الخارج، الذين يعلّقون على الشؤون اللبنانية بالنُّصح والإرشاد، والذين تبلغ ثروات بعضهم أرقاماً مُخيفة، بحسب معلومات مصادر موثوقة.
وإذا أضفنا الى ما سبق ذكره، جني الثّروات من بعض الأنشطة “التشبيحية”، المتهرّبة من المراقبة المالية الدولية بنسبة مهمّة، ترتفع الأرقام السابق ذكرها بكثير، وذلك بحسب الخبراء في الشؤون المالية أنفسهم، الذين يؤكّدون أن الفساد “المُمَانِع” لا يقلّ عن “السيادي” بشيء.
لبنان الذي ينتظر الإتّفاق على الأرقام، وإنهاء التفاوُض مع صندوق النّقد الدولي للحصول على برنامج بـ 3 مليار دولار، أو 3.5 مليار دولار، يمتلك ثروات هائلة، فيما نسبة مهمّة من شعبه تموت، فقراً ومرضاً وجوعاً.
لبنان الذي ينتظر، والذي تُصارع فئات واسعة فيه للبقاء على قيد الحياة، صحياً وغذائياً ووجودياً… يسبق دولاً مثل الكويت والإمارات وسلطنة عمان، في عدد أصحاب الثروات الكبيرة فيه.
هذا هو لبنان. وهذه هي الكرامة، والشّعب الكريم.