كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
كان الكل في انتظار حدث اقتصادي استثنائي من شأنه تحسين سعر صرف الليرة من خلال الحكومة الميقاتية الانقاذية، ألا انها لم تقدم حلولاً استثنائية، فهي معطلة من تاريخ تأليفها لغاية اللحظة، خصوصاً أنّ الدولار يتأثر بالوضع السياسي في البلد، كما انّ المضاربين هم من يلعبون بعذه اللعبة.
توازياً مع ذلك، يرى المراقبون أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تكرر تجربة حكومة الرئيس حسان دياب، اي انها عاجزة عن وضع أسس للخروج نحو إصلاح اقتصادي مستدام لا بل أكثر من ذلك، هي غير قادرة على اخذ قرارات في حال سمح لها عقد جلساتها مجدداً.
وبعد الوعود التي اطلقها وزير الاقتصاد امين سلام، في اطلالاته التلفزيونية منذ اكثر من شهر، وتحدث حينها عن سعي لتثبيت سعر صرف الدولار بين 10 آلاف و12 ألف ليرة في الاشهر المقبلة، ارتفع سعر الصرف بشكل كبير وسجل قبل ظهر اليوم 24250 ل.ل. وبالتالي تكون العملة الوطنية قد خسرت 94 في المئة من قيمتها… إنها فعلاً مجزرة “خاسر- خاسر”، التي صاغتها السلطة السياسية “عرفياً”، وتطبقها “همجياً” على المواطنين، ولا سيما وانها عاجزة عن إقفال منصة واحدة غير شرعية او تطبيقا الكترونيا واحدا يحدد السعر في السوق الموازية.
عملياً، حكومة ميقاتي فشلت فشلاً ذريعاً في استيعاب السيناريو الذي دخل فيه لبنان، لا بل انزلقت بسرعة نحو القعر، علماً انها تضمّ عدداً من الوزراء المشهود لهم بكفاءاتهم وخبراتهم، ومعنيين بالملف الاقتصادي، وتحديدا نائب رئيسها الدكتور سعادة الشامي، الذي كان خبيراً في صندوق النقد الدولي، والى جانبه وزير المال يوسف الخليل، بحكم المسؤوليات التي تولّاها في كلّ من المصرف المركزيّ ووزارة المال، لم ينجحا في ايجاد التنسيق اللازم بين السياستين النقدية والمالية.
وفي هذا الاطار، يقول الخبير المالي الدكتور طوني منسّى في حديثه الى وكالة “اخبار اليوم”، دخلنا في مرحلة التضخّم، خصوصاً انّ الضرر يعود، بالدرجة الاولى الى التعطيل السياسي ومنع انعقاد جلسات الحكومة في البلاد، لاخذ إجراءات مع رزمة من الإصلاحات الاقتصاديّة المناسبة تحد من التدهور السريع الحاصل.
ولفت إلى انّ الحكومة لم تضع خطّة متكاملة للتعافي الاقتصادي، فمهمتها اصلاً “الاشراف على الانتخابات”، واثبتت انها غير مؤهّلة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. والالتزام معه بسلسلة تدابير وإصلاحات من أولويّاتها توحيد سعر الصرف.
ورأى منسّى انّ سحب الثقة الدوليّة عن لبنان ومؤسّساته، يكرسه بلداً فاشلاً ومفلساً في آن، الامر الذي فاقم الأوضاع اكثر ووضعنا في موقفٍ حرجٍ للغاية.
في الخلاصة، سأل منسّى أين لبنان من كلّ هذا؟ هل تنجح حكومة ميقاتي في الاجتماع اولاً، يليها انتشال السياسة النقديّة والماليّة من دهاليز القرارات الاعتباطيّة، وإعادة الثقة إلى العملة الوطنيّة؟ ام سيكتفي وزراؤها بمراقبة منصّات الدولار في السوق السوداء وهو يطير صعوداً؟