Macario21 _ من المؤسف، بل من المُخجل، أن نرى في زمن العدوان والدمار، بعض الأصوات النسائية ترتفع لا لتواسي أمًّا ثكلى، أو تحتضن طفلًا نازحًا، بل لتوجّه رسائل ودّ إلى العدو الإسرائيلي، العدو الذي لا يزال يقتل أبناءنا ويهدم بيوتنا ويحتل أرضنا. نعم، وصلنا إلى زمن باتت فيه بعض “الشهيرات” يطالبن العدو بتحديد الشارع والحي كي لا يُمسّ “الموسم السياحي”! أي ابتذال هذا؟ وأي سقوط أخلاقي أعمق من ذلك؟
نادين الراسي، التي لم تجد دور بطولة حقيقيًا في الفن، قررت أن تصنعه في وجع الوطن، فظهرت بموقف غريب، معترضة على تسمية سكان الجنوب والضاحية بـ”سكان لبنان”، وكأن هؤلاء لا ينتمون للوطن نفسه الذي تنتمي إليه. أي استعلاء هذا؟ وهل أصبحتِ تقيسين الوطنية بنظافة الشارع، وعدد الفنادق، وأسماء السائحين؟
والأدهى، أن المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، لم يتأخر في الرد. لبّى النداء، وصاغ كلماته بكامل وقاحته المعهودة، ليتحدث عن “الشعب اللبناني الكريم” وهو نفسه من يقتله كل يوم، ويغتال مستقبله، ويمزق أوصال بلده. هل هذا هو “المجد” الذي تطمح إليه بعض النساء اليوم؟ أن يصبحن ملفات تطبّع، وواجهات ناعمة لتبييض وجه القتلة؟
اللبنانيات الحقيقيات لا يطلبن ضمانًا من القاتل، ولا يساومن على دم الشهداء. من تحمل اسم هذه الأرض، يجب أن تحمل همّها. وأن ترفض الذلّ، لا أن تُلبسه كعبًا عاليًا وتتغنّى به تحت عنوان “العقلانية” و”السياحة”.
هذا الوطن ليس حقيبة سفر، ولا صورة على إنستغرام. هذا وطن يُحمل في القلب، ويُدافع عنه بالموقف قبل الدم. وكل امرأة تنحني أمام العدو، لا تمثل نساء لبنان، ولا تشبه أمهات الشهداء، ولا تعرف شيئًا عن الكرامة التي لا تتجزأ.