Macario 21 News
مقالات مشابهة
صادر عن هيئة قضاء النبطية في التيار الوطني الحرّ
في الوقت الذي ينتظر فيه أبناء بلدة الكفور – تلك البلدة الجنوبية التي شكّلت لعقود نموذجًا نادرًا في التآخي والتعايش بين مكوّناتها الإسلامية والمسيحية – أن تكون الانتخابات البلدية فرصة لتعزيز الوحدة والسلم الأهلي، فوجئنا بسلسلة ممارسات خطيرة بلغت ذروتها اليوم، حين أقدم بعض الفائزين في الانتخابات على جولة استعراضية بمواكب سيارات رافعين أعلامًا حزبية، وتوّجوها بإطلاق النار الحيّ في الهواء أمام منزل كاهن الرعية الأب يوسف سمعان، في مشهد لا يحمل إلا رسائل استفزازية موجّهة، تمسّ كرامة الرعية المسيحية، وتنتهك حرمة المكان ورمزيته الروحية والإنسانية.
وتأتي هذه الممارسة ضمن سياق مقلق، يتجاوز مجرّد الانفلات الفردي إلى تواطؤ سياسي منظّم، بعد أن تبيّن وجود اتفاق خطي مُسبق، وُقّع عليه بين رئيس البلدية السابق والفائز بالانتخابات، يتضمن شراكة متوازنة ويضمّ أسماء مرشحين من أبناء البلدة من الطائفة المسيحية ضمن اللائحة، إلا أن هذا الاتفاق تمّ التنصّل منه بشكل صادم، فـ”لُحِس التوقيع”، واعتُبر كأنّه لم يكن، في سابقة لا تعبّر إلا عن استخفافٍ صارخٍ بالعهود وضربٍ لمفهوم الشراكة في الصميم.
وإذا أضفنا إلى ذلك ما جرى من إسقاطٍ متعمّد للمختار المسيحي للمرة الأولى في تاريخ البلدة، وتثبيت مختارية أحادية، فإننا أمام نهجٍ يهدف إلى إقصاء مكوّن أصيل من أبناء الكفور، وتحويل التمثيل البلدي إلى سلطة من لون واحد، قائمة على منطق الغلبة لا التفاهم، والإلغاء لا التعدد.
إننا، في هيئة قضاء النبطية في التيار الوطني الحرّ، إذ نستنكر بأشد العبارات هذه الأفعال والانقلابات المعنوية والسياسية، ندق ناقوس الخطر من المحاولات الممنهجة لنسف التوازن الأهلي وتحويل الكفور إلى ساحة مغلقة، تُقصى فيها مكوّنات البلدة الأصيلة لصالح لون واحد وفكر واحد. ونحمّل المسؤولية لكل من وقّع وخان توقيعه، ولكل من ارتضى استبدال الشراكة بالتسلط.
وندعو القوى السياسية والروحية والأمنية إلى التحرّك العاجل، حمايةً لما تبقّى من صورة العيش المشترك، وصونًا لكرامة كل فرد من أبناء البلدة، دون تمييز أو تهميش.
إن النصر الحقيقي لا يكون بإلغاء الشريك، بل بصونه واحترامه، ولا قيمة لسلطة تقوم على الإنكار والإقصاء.
ولن تكون الكفور شاهد زور على اغتيال هويتها التعددية، بعد أن كانت نموذجًا نقيًا للعيش الواحد.
هيئة قضاء النبطية – التيار الوطني الحرّ
25 أيار 2025
