كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
محمد خليفة، الرجل السبعيني؛ يذهب الى عمله في السوق العريض في طرابلس، والأسى من الأوضاع والظروف القاسية التي يمر بها بادية على محياه.
يبيع في محل صغير جداً في إحدى زوايا السوق مستلزمات الأحذية من (رباطات- ضبانات- دهانات) وغيرها. لا تزال الأسعار عند هذا الرجل على حالها وكأن الدولار لم يشهد أي ارتفاع. فشريط ربط الحذاء بـ 5 آلاف ليرة لبنانية، وعلبة الدهان بـ 10 آلاف ليرة لبنانية وهذه أسعار لم يعد لها أثر منذ ما يقارب 3 سنوات.
يشتري محمد خليفة المستلزمات هذه من تجار الأحذية بالجملة في طرابلس ويعرضها في محله الصغير المتواضع المستأجر بالمناسبة، وينتظر الزبائن. عندما تسأل تجار الأحذية والألبسة في السوق العريض داخل طرابلس عن شيء من هذه المستلزمات، سيدلونك فوراً على مكان وجوده.
وعن أوضاعه وحركة البيع عنده يقول خليفة لـ”نداء الوطن”: “لا في بيع ولا شي.. كل شيء تغير ولم يعد على ما يرام لكن ماذا نقول؟ لن أقول إلا الحمد لله على كل شيء.. لا شك أن رجلاً مثلي في هذا السن مكانه ليس هنا. نحن في دولة لا تحترم الإنسان ولا تحترم سنه ووضعه، وأنا بالمقابل ورغم كبر سني ليس أمامي أي خيار آخر سوى العمل، لأن لدي عائلة كبيرة بحاجة إلى مصاريف ومستلزمات وعليّ أن أقوم بواجبي تجاهها”.
ويشير خليفة إلى أن “من يرضى بالقليل يعيش ومن يسعى إلى الكثير يعيش ولكنه يحرم غيره أن يعيش. أنا لا أريد أن أربح إلا في حدود المعقول وبما يرضي الله، وبالنهاية لم يعد هناك في هذا البلد ما نحزن عليه. فلنكن محبين لبعضنا البعض لتمر هذه المرحلة على خير وفي النهاية لا شيء يدوم”.
لدى محمد خليفة عائلة كبيرة وكما يشير إلى أن ما يجمعه أو يوفره من عمله لا يكفي مصاريفها، لكنه بالمقابل يعزي نفسه بنفسه عندما يقول: “هذه الأوضاع الصعبة تمر على كل الناس أو أكثرية الناس. للأسف أوضاع الطرابلسيين بأكثريتهم تراجعت إلى الوراء وأنا أشاهد ذلك يومياً وأنا إبن هذه البيئة. علينا أن نتعاون مع بعضنا ونساعد بعضنا لأن ليس هناك دولة تهتم بنا”.
وكمثل محمد خليفة هناك كثر في هذا البلد كُتب عليهم الشقاء، كما كتب عليهم ألا يرتاحوا مهما تقدّم بهم السن. فأرباب عائلات في طرابلس وغيرها، يعيشون كل يوم بيومه، وإذا ما توقفوا عن العمل ليوم واحد فلن يجدوا في بيوتهم ما يعيلهم ويعيلون به أولادهم وعائلاتهم.