كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
رغم الخلافات الكثيرة بين الزعيمين اللدودين رئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فقد جمعهما حاليّاً موقف رافض لما يعرف بـ “وحدة الساحات” وربط مصير لبنان بمجريات الأحداث في غزة، وانتقادهما استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأعمال حربية، وكان قد جدد باسيل خلال العشاء السنوي لهيئة قضاء الشوف في التيار يوم الجمعة الفائت موقفه حين توجه الى حزب الله قائلا: يسألون عن موقفنا من الحزب ويتهموننا بالتناقض، امّا نحن فنقول للحزب: نحن معكم بالدفاع عن لبنان لكن لسنا معكم عندما تفتحون حرباً، فنحن مع استراتيجية دفاعية لا استراتيجية هجومية.
إلّا أنّ الحدث الابرز كان أمس في معراب، خلال ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، بحيث كان رفض الحرب محور خطاب جعجع، حين أكد أن المجموعة الدولية لن تفاوض “حزب الله” في اليوم التالي للحرب، وبطبيعة الحال لن تسلمه إدارة لبنان، لأنّ التجربة أثبتت أنّ مشاريعه تتعلق بالموت والفقر والبؤس والحروب المستمرة ولا يصلح لبناء دولة واقتصاد وازدهار.
لكن رغم هذين الموقفين المتقاربين في الشكل، الا أنّ مصدراً سياسياً مطلعاً يستبعد أنّ يؤدي موضوع إنخراط الحزب في الحرب الى التقريب بين باسيل وجعجع من بعضهما مرة أخرى، وأنّ يجتمعا في ساحةٍ موحدة مناهضة لمنطق “وحدة الساحات”، ففي السياسة هناك الكثير من الخلافات بينهما، بحيث لا يزال سلاح الحزب هو أبرز عائق أمام قيام إتفاق جديد بين الرجلين، لكنّ هذا لا يعني أنّ الأمر لا يُحتّم عليهما التعاون بينهما ومع فرقاء آخرين، لتوحيد الرؤى حيال تمادي الحزب المهيمن على قرار الحرب والسلم، واستئثاره بالقرار السياسي عبر الاستمرار في النهج نفسه.
في الواقع لا ينطلي على أحد، أنّه بعد مضي أكثر من 11 شهرا، على فتح جبهة المشاغلة في الجنوب، يستمر الحزب بربط مصير اللبنانيين بالحرب الدائرة في غزة حتى نهايتها، لا سيما في التدمير الممنهج للقرى الحدودية وتهجير أهلها، فضلاً عن خسائر الحزب المؤلمة، تحديداً بإغتيال مجموعة من أهم قادته الميدانيين وأبرزهم، فيما السؤال الذي يطرح نفسه، هل حققت جبهة مساندة “حماس” أهدافها، حيث وفر “طوفان الاقصى” مشروعية لاسرائيل لتحويل غزة إلى أنقاض بمشهدية بانورامية مأساوية وكارثية، بحجة أنها تتعرض لحروب من جبهات عدة؟