جاء في “المركزية”:
يوم الجمعة الماضي، أي منذ ٣ ايام كاملة، كادت الجبهة الجنوبية تشتعل بعد ضرب “حزب الله” صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، متبنياً إياها بوضوح في بيان أصدرته المقاومة الاسلامية. بغض النظر عن تبريرات ما جرى وخلفياته وأبعاده – حيث كان من حسن حظ لبنان ان ايران والكيان العبري لا يناسبهما تفجير حرب اليوم – فإن ما يستوقف مصادر سياسية معارضة، هو موقف الدولة واهل المنظومة مما جرى.
حتى اللحظة، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يدع الى جلسة للمجلس الاعلى للدفاع، الذي كان في الاشهر الماضية، يجتمع قبيل اي تظاهرة شعبية مطلبية او بعد اعمال شغب تحصل هنا او هناك لاسباب معيشية، وحتى لمواكبة اجراءات كورونا.. لكن فيما كان لبنان قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حرب، بين ليلة وضحاها، لان فصيلا مسلحا قرر تصفية حساباته مع “العدو”، لم يجتمع المجلس، في مفارقة مضحكة مبكية، لكن مع الاسف، مفهومة، تتابع المصادر عبر “المركزية”، ذلك ان العهد موافق تماماً لا بل يغطي افعال “حزب الله” وقراراته، ولو تعارضت مع مصالح اللبنانيين، وهو أي الحزب، على هذا الأساس، انتخبه رئيساً للجمهورية.
لكن تقصير الشرعية في الدفاع عن سيادتها وحقوقها وحدودها وأمن مواطنيها، ملأه المواطنون بسواعدهم، تضيف المصادر. ففي وقت كان يُفترض بالاعلى للدفاع أن يوعز الى الاجهزة الامنية والعسكرية، بالتحرك على الارض سريعاً، للجم وتوقيف كل من يخرق القرارات الدولية وأولها الـ١٧٠١، ولتأمين حماية اللبنانيين في الجنوب ومنع تعريضهم لاي خطر عبر استخدام حقولهم واراضيهم لاطلاق صواريخ الى الاراضي المحتلة، قرر الاهالي بزنودهم تولّي هذه المهمة. فكان ان صادر اهالي شويا في الجنوب راجمة الصواريخ التي استخدمت في عملية حزب الله، قبل ان يسلموها مع أصحابها الى الجيش، ولسانُ حالهم: لا نريد اقحامنا ومناطقنا المأهولة والزراعية، في معارك لا ناقة لنا فيها ولا جمل… لكن المفاجأة كانت في ان الجهات السياسية والروحية التي كان يجب ان تدعم “نخوة” اهالي شويا وهبّتهم للدفاع عن انفسهم وحرمة اراضيهم، وعن الشرعية ايضا، وعما تبقى من صورة لبنان- الدولة، هذه الجهات سارعت الى تطويق ما فعله الاهالي، خوفاً من الفتنة التي ذرت بقرنها من جديد، بعد أن أثارت تطورات شويا غضبا شيعيا (من جمهور “حزب الله”) ضد الدروز في صيدا وفي عاليه… فتسارعت اللقاءات والاتصالات بين القيادات الدرزية والشيعية، مؤكدة ان ما حصل غير مغطى وان المقاومة ضد العدو حق ومحط اجماع.
نعم، تردف المصادر، من جديد وهج السلاح فعل فعله في الداخل، فقمَعَ الصوتَ القائل “لا” لـ “حزب الل”ه وممارساته. غير ان ذلك لا يخفي حقيقة ان هذه الاصوات موجودة وهي آخذة في الارتفاع والتوسع جغرافياً وطائفياً يوماً بعد يوم، حتى داخل البيئة الشيعية، والحزب بات يدرك هذه الحقيقة جيداً، ويعرف أنها بداية نهايته. فالرفض الداخلي له ولفائض قوته، كفيل بإنهائه ولو بعد حين، مهما كانت نتائج المفاوضات الاقليمية والدولية التي تدور اليوم في فيينا وسواها.
في الانتظار، وبما ان جلسة التجديد لليونيفيل ستعقد نهاية الشهر، تقترح المصادر الاستماع أيضاً الى كلمة يلقيها اهالي شويا في مجلس الامن، لانها تعبر خير تعبير عن واقع الارض وعن معاناة اللبنانيين وطموحاتهم…