شارك وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض في افتتاح مؤتمر “البيئة السلِيمة والإنماء المُستدام” في عمان، برعاية رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، في حضور عربي ضخم.
وكانت آخر الجلسات تحت عنوان “التشغيل الفعّال لمرافق المياه من خلال الطاقة الخضراء”.
وكان لفيّاض كلمة جاء فيها: “أودّ في البداية ان أعرب عن شكري وتقديري للدعوة الموجهة لي للمشاركة في أعمال هذا المؤتمر تحت رعاية حضرة رئيس مجلس الأعيان الأستاذ فيصل الفايز، وأن أهنىء اللجنة المنظمة على التحضير المتقَن لهذا المؤتمر”.
وأضاف, “نعلم أن موضوع المياه لم يصبح على أجندات مؤتمرات المناخ الا حديثاً، وذلك بعد أن تكوّنت قناعةٌ لدى المسؤولين والخبراء والمعنيين أن المتضرّر الأكبر من ظاهرة التغيّر المناخي هو قطاع المياه، إذ أصبحت ندرة المياه وتضاؤل حجم المتساقطات وتراجع مستوى الثلوج وتدني مستويات المياه الجوفية تشكل تحديات كبيرة لدى الحكومات والشعوب”.
وتابع, “إذاً التغيرات المناخية تؤثّر على المياه ما يؤدي الى الإعتماد أكثر فاكثر على الطاقة ما يزيد من الإضافات الكربونية في حال كانت هذه الطاقة تقليديّة… للخروج من هذه الحلقة المفرغة لا بدّ من إدخال الطاقة المتجدّدة كمكوّن أساسي في منظومات إنتاج ونقل وتوزيع المياه وهذا ما بدأنا نلمسه كتوجّه اساسي في جميع أنحاء العالم”.
وتبع فياض, “أما في لبنان فالوضع أكثر تعقيداً، إذ أنه نتاج تراكم عدة أزمات بدأت مع النزوح السوري وزيادة الضغوط بشكل هائل على البنى التحتية المائية، وتفاقمت مع الأزمة المالية غير المسبوقة في تاريخ البلاد، لتصل الى تدني التغذية الكهربائية حتى مستوى الصفر قبل أن تعود وترتفع قليلاً مترافقةً مع إلغاء الدعم عن المحروقات وعن تعرفة الكهرباء التي وصلت الى 27 سنت للكيلواط ساعة”.
واستكمل, “أصابت هذه الأزمات من قطاع المياه مقتلاً وأصبحت المؤسسات الإستثمارية للمياه في كافة المناطق على شفير الإنهيار. وكان اللجوء الى الإعتماد على الطاقة المتجددة حاجةً وضرورةً لتأمين الخدمة أكثر منه مساهمةً في التقليل من الإنبعاثات مع أنه خدم الهدفين معاً”.
ولفت فياض الى ان, “لقد عملت وزارة الطاقة والمياه مع الجهات الدولية المانحة على تخصيص قسمٍ كبيرٍ من الهبات من أجل تجهيز المنشآت المائية الحيوية بمنظومات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وهذا ما رفع نسبة إعتماد قطاع المياه على الطاقة النظيفة حيث تفاوتت هذه النسبة بحسب المؤسسات الاستثمارية للمياه”.
وأردف: “ففي حين أصبحت تشكل حوالي 30% من القدرة المطلوبة لدى مؤسسة مياه لبنان الجنوبي (15 ميغاواط من أصل 50 ميغاواط أي 120 منشأة مجهزة من أصل 300) ما زالت هذه النسبة حوالي 5% لدى مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان (3 ميغاواط من أصل 60 ميغاواط أي 33 منشأة من أصل 794)، لكن الرقم مرشّحٌ للإرتفاع مع دخول عدة مشاريع قيد التنفيذ حالياً. من شأن ذلك خفض قيمة فاتورة الطاقة المترتبة على مؤسسات المياه والتي كانت تشكّل حوالي 80% من موازنات هذه المؤسسات”.
وقال فياض, “إن الإستراتيجية الوطنية الجديدة لقطاع المياه التي عملت عليها الوزارة والتي سوف تصدرها قريباً ترتكز اساساً على عنصر الكفاءة في بناء قطاع المياه والصرف الصحي عبر الإعتماد على الطاقة المتجددة”.
وتابع, “بالتوازي مع ذلك تعمل الوزارة على إعادة إحياء مشاريع إنشاء مزارع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ومن طاقة الرياح بقدرة إجمالية تقدّر بحوالي 350 ميغاواط، بالإضافة الى تطوير قدرات المعامل الكهرومائية الموجودة وإضافة منشآت جديدة، ولكن العقبة الكبيرة تبقى بتأمين التمويل اللازم”.
واضاف فياض: “هذه العقبة نفسها ساهمت بإيقاف مشاريع مائية استراتيجية كبرى كانت قيد التنفيذ، أي مشاريع السدود التي كانت خفّفت، لو أنجزت، من الإعتماد على ضخ المياه الجوفيّة العميقة وبالتالي ساهمت بشكل كبير بتخفيض الفاتورة الطاقوية كونها تؤمن المياه بالجاذبية”.
وختم: “لقد عانى لبنان خلال أشهر الحرب الدائرة من الإعتداءات الإسرائيلية على شعبه وبُناه التحتية وخاصةً قطاع المياه إذ إستهدف الجيش الإسرائيلي منشآت حيوية عدة في جنوب لبنان تغذي أكثر من 100،000 مواطن بمياه الشفة كما دمّر منظومات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الملحقة بهذه المنشآت في استمرار لنهج يمنع فيه لبنان من الاستفادة من ثروته المائية عبر تدمير مشروع إنشاء سد العاصي خلال حرب تموز 2006 أو مهاجمة المنشآت المائية على نهري الوزاني والحاصباني”.