كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
بينما لا تزال المحاولات جارية لإيجاد المخارج والحلول للأزمات المتتالية التي تشهدها البلاد، وليس آخرها ربما “مشهدية الخميس الدموي الأسود” في الطيونة، من المقرر أن يلتئم مجلس النواب قبل ظهر اليوم في قصر الأونيسكو، في جلستين متتاليتين، بناء لدعوة رئيسه نبيه بري.
الجلسة الأولى وهي جلسة دستورية إلزامية في أول يوم ثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول وتُخصص لإنتخاب أميني سر وثلاثة مفوضين، عملاً بأحكام الفقرة الثانية من المادة 44 من الدستور التي تقول: “وفي كل مرة يجدد المجلس إنتخابه، وعند افتتاح عقد تشرين الأول من كل عام، يعمد المجلس إلى انتخاب أمينين بالإقتراع السري وفقاً للغالبية المنصوص عنها في الفقرة الأولى من هذه المادة”.
وكذلك عملاً بنص المادة 3 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تقول: “… وفي كل مرة يجدد المجلس إنتخابه، وعند إفتتاح عقد تشرين الأول من كل عام، يعمد المجلس إلى إنتخاب أميني سر وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة. ثم يجري إنتخاب ثلاثة مفوضين بورقة واحدة بالغالبية النسبية. وإذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سناً منتخباً”. وهذه الجلسة عادة تكون روتينية، ولا تأخذ أكثر من ربع ساعة من الوقت خصوصاً وأن لا تغييرات ستحصل على المواقع بالنسبة لأميني السر، وهما حالياً النائبان ألان عون وهادي أبو الحسن، وكذلك الأمر بالنسبة للمفوضين الثلاثة وهم النواب: ميشال موسى، سمير الجسر وأغوب بقرادونيان.
أما الجلسة الثانية فستكون جلسة تشريعية وفقاً للدعوة التي وجهها الرئيس بري وحدد جدول أعمالها بدرس إقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون الإنتخابات النيابية وإقتراح الكوتا النسائية، وهذا طبعاً كان قد حصل قبل أحداث الطيونة الدامية.
وبينما جرى الحديث عن إقتراح قانون حول تشكيل هيئة إتهامية عدلية للنظر في قرارات المحقق العدلي، وهو ما نفاه عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم مؤكداً أنه غير مدرج على جدول أعمال الجلسة حتى الآن، لكن يمكن أن يناقش إذا تم إقتراحه خلال الجلسة من قبل أي نائب أو كتلة، سيتم التركيز والنقاش حول تعديلات قانون الإنتخاب ولا سيما في موضوعي مشاركة المغتربين والكوتا النسائية.
وتشير المعلومات المتوفرة لـ”نداء الوطن” إلى أنه من الغباء أن يفكر أحدهم في تطيير الإنتخابات أو تأجيلها لعدة أسباب، أهمها أن المجتمع الدولي إشترط تقديم أي مساعدة للبنان بعد إجراء الإنتخابات، وبالتالي فهذا مطلب دولي كما كان مطلب تشكيل الحكومة لا يمكن الهروب منه، كذلك من الضروري إجراء هذا الإستحقاق لكي يأخذ كل طرف وفريق حقه وحجمه التمثيلي وتتوقف معزوفة سقوط شرعية المجلس النيابي”.
وتؤكد مصادر متقاطعة أن تأجيل الإنتخابات أمر معقّد وصعب ويحتاج إلى مبررات غير متوفرة حتى الآن أقله، إلا إذا إستمر تأزّم الوضع السياسي وارتفعت وتيرة المواجهة بين الأطراف وتكررت الحوادث المؤلمة في أكثر من مكان، فعندها لا حول ولا قوة، وقد يصبح مصير الإنتخابات مهدداً.
المغتربون والكوتا
وبالعودة إلى وقائع جلسة اليوم، ففي ملف الكوتا النسائية، هناك دعم وتأييد علني من غالبية الكتل ولو بطرق مختلفة، فالرئيس بري أكد خلال إستقباله التحالف المدني لإقرار الكوتا النسائية، والذي يضم أكثر من خمسين جمعية، على أن “إقرار الكوتا النسائية لا يخلّ بالتوازن الطائفي ولا يمثل خرقاً للطائف بل على العكس يخلّ بالتوازن الإنساني، وأنه لا يعقل لأي دولة ولا لأي مجتمع في العالم أن يهمل نصفه الإنساني، ولا يمكن أن يُفهم هذا التمادي في الظلم للمرأة وإنكار حقها في المشاركة في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع، مجدداً التأكيد على أن كتلة “التنمية والتحرير” النيابية متمسكة بإقتراح القانون المتعلق بإقرار الكوتا النسائية. ويتضمّن الإقتراح الذي تبنّته وتقدّمت به النائبة عناية عزالدين توزيع 26 مقعداً في الدوائر الخمس عشرة التي تمثل كل لبنان على مبدأ 13مقعداً للمسلمات و13مقعداً للمسيحيات، وكتلة للترشّح على اللوائح لا تقل عن 40 بالمئة لكلا الجنسين.
وهناك أيضاً إقتراح مقدّم من عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله، ويحدد 30% كوتا نسائية في أيّ لائحة تترشح للإنتخابات النيابية.
كذلك هناك صيغة تقدّمت بها “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية” للرئيس بري ولعدد من رؤساء الكتل تتضمن تعديلات إضافية.
وترى مصادر متابعة أن هذا التعدّد في الإقتراحات بشأن الكوتا قد يفتح باباً لإقتراحات أخرى في متن قانون الإنتخاب غير توافقية، وبالتالي قد يتم تأجيل بتّ موضوع الكوتا النسائية نظراً لتعقيداته. أما التعديلات المتفق عليها فهي تقريب موعد إجراء الإنتخابات إلى 27 آذار 2022 رغم إستمرار إعتراض تكتل “لبنان القوي”، إضافة إلى تثبيت تعديل المهل المتعلقة بنشر وتصحيح القوائم الإنتخابية، وزيادة رسم الترشح من 8 ملايين ليرة إلى نحو 30 مليون ليرة وزيادة الإنفاق الإنتخابي إلى حدود 750 مليون ليرة.
إلا أن هذا لن يمنع من النقاش في موضوع مشاركة المغتربين الذي لا يزال محط خلاف لجهة التخلي عن النواب الستة للمغتربين، أو التمسك بهذا الطرح الغريب العجيب برأي البعض، او لجهة حسم مشاركتهم كما حصل عام 2018 في إنتخاب الـ128 نائباً وكل حسب دائرته، وهذا توجه غالبية الكتل البرلمانية. وسيطال النقاش إلغاء البطاقة الممغنطة نظراً لكلفتها المالية ومسألة “الميغاسنتر” التي يعتبرها البعض أساسية في تسهيل العملية الإنتخابية.
ومن العناوين التي ستطرح في الجلسة أيضاً مسألة خفض سن الإقتراع إلى 18عاماً بعدما دخل مجلس النواب في عقده العادي، وكان سبق وتم تقديم إقتراح قانون تعديل دستوري بهذا الأمر.
في الخلاصة، تبقى كل الإحتمالات مفتوحة سيما وأن الإتصالات لم ولن تتوقف بين مختلف الجهات المعنية، وفي لبنان كل ساعة ولها ملائكتها.