نواب يفتتحون معاركهم الإنتخابية برائحة المازوت

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: 

هي منجم ذهب لكثيرين، أو مغارة علي بابا التي ما إن دخلها بعض العاملين على خط المازوت وتأمينه اليوم إلا وصارت أحوالهم فوق الريح. إنها مصفاة النفط في “البداوي – طرابلس” ومازوتها الذي تحتاجه كل القطاعات فيما بات توزيعه مع الأسف بالمحسوبية والمناطقية والزبائنية السياسية.

يبدو أن نواباً وطامحين إلى دخول الندوة من الشمال قد بدأوا معاركهم الإنتخابية باكراً باسترضاء المحسوبين عليهم بالمازوت ومن جيبهم، فصعوبة تأمينه تجعل المواطن يقبل شراء الصفيحة وبأي سعر كان. وفي معلومات حصلت عليها “نداء الوطن” من مصدر مطلع على ما يجري داخل المصفاة، فإن شركتين لم تعد تحصلان على حصص مازوت من المصفاة في الشمال كما في السابق، وان مصفاة طرابلس التي كانت تفتح أبوابها وتضخ كل يوم 6 ملايين ليتر مازوت، أصبحت تعتمد سياسة التسليم كل 15 يوماً مرة تقريباً، وبمعدل 4 ملايين ليتر مازوت. ويضيف المصدر ان”المشكلة الأكبر هي في طريقة توزيع هذه الكميات، إذ وبعد أن يتم تأمين حصة الجيش والقوى الأمنية والقطاعات الحيوية في الشمال والمقدّرة بحوالى المليون ليتر، يتم توزيع باقي الكمية على عدد من النواب في الشمال والشخصيات النافذة؛ أو استرضاء بعض المناطق في حال شهدت أي إعتراض شعبي واسع على انقطاع مادة المازوت. على أن المحسوبين على “التيار الوطني الحر” يحظون بالكميات والحصص الأكبر، وبعضهم يحصل عليها بإسمه الشخصي والبعض الآخر بأسماء شركات جديدة دخلت على الخط في الآونة الأخيرة ولا أحد يعرف عنها شيئاً وهل هي نظامية وتملك الكفالات المالية والتجارية أم لا؟ كما أن نائبين طرابلسيين وأحد نواب الضنية، وشخصية طرابلسية طامحة لدخول المعترك، هم من المحظيين أيضاً بكميات كبيرة يتم بيعها للمحسوبين عليهم في السياسة. وعليه، فقد تم تخفيض حصص شركات أخرى كانت تمسك السوق منذ زمن؛ وذلك كله يحصل بتسهيل مباشر من موظف كبير محسوب على جهة سياسية معلومة في وزارة الطاقة والمياه”.

في هذا الوقت، تعاني مناطق جوار المصفاة في طرابلس والمنية وعكار من شحّ المازوت، وهي المناطق التي تدفع الفاتورة الأكبر من هذه المصفاة ومن دخانها لا سيما المنية. فمنطقة مثل عكار مثلاً تحتاج إلى مليون ليتر مازوت في الأسبوع كمعدل وسط، تعطى في الأسبوع 100 ألف ليتر فقط. ولذلك، فإن كل القطاعات في عكار سائرة نحو التوقف والخروج عن الخدمة بسبب انقطاع مادة المازوت. بالأمس أعلنت “أوجيرو” عن توقف عدد من محطات الإرسال عن العمل، كما أن هناك ملايين طيور الدجاج مهددة بالنفوق لنفس السبب، والأهم أن لا مولدات “شغّالة” والناس تنام على العتمة. تشاهد عند كل فتحة للمصفاة عشرات الصهاريج تدخل وتخرج محمّلة بالمازوت؛ فيما مناطق الشمال تئن من انقطاعه. وعلمت “نداء الوطن” في هذا الشأن أن نائبين محسوبين على “التيار الوطني الحر” في الشمال قد خُصص لكل منهما كمية 100 ألف ليتر مازوت اخيراً وجرى توزيعها وبيعها على المحسوبين عليهما وبأسعار تفوق السعر الرسمي، وأن كوادر في “التيار” تسهّل لكوادر في التيارات والأحزاب الأخرى في الشمال الحصول على المازوت أيضاً لاسترضاء المحازبين والأنصار والمحسوبين.

ويأسف صاحب شركة توزيع لـ”ما نراه اليوم بأمّ العين في مصفاة طرابلس التي تعمل على الواسطة والمحسوبية، وعلى عينك يا تاجر، أما من لا يملك الظهر السياسي فلا مكان له لا في المصفاة ولا بين المحظيين بمازوتها… على أن الظهر السياسي الأقوى فيها هو لـ”التيار الوطني الحر” والقريبين إليه، ومن كان من تيار “المستقبل” أو غيره من الأحزاب البعيدة اليوم من العونيين في الفكر السياسي فعليهم بوساطة أحد النافذين في “التيار” لكي تمشي أموره”.

ومن داخل المصفاة إلى خارجها، فقد حوّل أصحاب المحطات والمهرّبون وتجار السوق السوداء قضية المازوت من أزمة شح وانقطاع إلى أزمة ضمير لم يعد بالإمكان الخروج منها إن لم تعد الناس إلى ضمائرها. فأصحاب المولدات الخاصة ولو حصلوا على حصص من المازوت فإنهم اليوم متهمون من أكثرية الناس بأنهم يبيعون ما يحصلوا عليه في السوق السوداء لأنه أربح بكثير فيما المولدات مطفأة والفواتير شغّالة. وأصحاب المحطات أو أغلبهم يفتعل هو إشكالاً ما أمام محطته بعد فتحها بدقائق لتكون هناك حجة للإقفال وبيع ما تسلّمه لاحقاً للمهربين وتجّار السوق السوداء.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …