كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
تتجه الأنظار في لبنان إلى ما ستنتهي إليه الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري الخميس للبحث في جدول أعمال موسّع يتضمن اقتراحات قوانين منها ما يتعلق بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون والقادة الأمنيين.
وفي ظل الاختلافات في مقاربة الموضوع، بين من يدفع باتجاه التمديد وبين من يواجههه وعلى رأسهم رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يطالب الحكومة بتعيين بديل عن عون، أتت دعوة الرئيس نجيب ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء الجمعة لتقلب الأوراق، بحيث بات شبه مؤكد أن تأجيل التسريح لن يحصل في جلسة الخميس البرلمانية، حيث سيقوم رئيس البرلمان نبيه بري بتحديد جلسة ثانية بعد جلسة الحكومة، وفق ما تقول مصادر في كتلته النيابية. وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن بري اتخذ كل الإجراءات لتحصين التمديد، فإذا أخفقت الحكومة بذلك سيقوم البرلمان بالمهمة في الجلسة الثانية.
وفي هذا الوقت استقبل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عصر الأربعاء السفير السعودي وليد بخاري. وقال المسؤول الإعلامي في البطريركية المارونية وليد غياض، إن «بخاري نقل دعم المملكة لمواقف الراعي خصوصاً تلك التي يعبّر عنها في العظات». وأشار إلى أن «بخاري قال إن المملكة واللجنة الخماسيّة قلقتان من الفراغ في سدّة قيادة الجيش، وتأملان أن يقوم النواب بواجباتهم لمنع هذا الفراغ».
كما أفاد غياض بأن «الراعي تحدث عن ضرورة التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون من باب الموقف الوطني، ومن باب الحرص على موقع الرئاسة»، لافتا إلى أن «الراعي يشعر بمؤامرة تُحاك في موضوع التمديد لقائد الجيش، ولديه شكوك، وهو بانتظار اتضاح النيات، وحذر من تصوير الموضوع وكأنه صراع ماروني – ماروني».
ورغم شبه إجماع قوى المعارضة على التمديد للعماد عون، فإنها تختلف لناحية الجهة التي يفترض أن تتخذ القرار. وفي هذا الإطار، كان إعلان رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل عدم المشاركة في الجلسة النيابية على غرار عدد من نواب التغيير، عادّاً أن التمديد من مسؤولية الحكومة بناء لرفضه التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، ورأى أن «الجهة الصالحة لتأجيل التسريح هي مجلس الوزراء عبر وزير الدفاع الذي إذا تلكّأ فيمكن للمجلس أن يقوم عنه بهذه المهمة».
واتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «فريق الممانعة» بعرقلة التمديد، مع تأكيده بأنه سيعمل على التمديد لعون في البرلمان. ولفت جعجع إلى أن رفض «حزب الله» التمديد للعماد عون قديم لأن الأخير مستقلّ ولا يقبل التدخلات، وهذا السبب نفسه ما يمنع باسيل التمديد له.
وكما «القوات» أعلن تكتل «تجدد» أنه سيشارك في الجلسة التشريعية، وقال النائب ميشال معوض بعد اجتماع الأربعاء: «متمسّكون بالثوابت الدستوريّة، وبالقيام بما يلزم للتمديد لقائد الجيش، وسنكون في حرم مجلس النواب لتأمين التمديد».
في المقابل، خرج «حزب الله» عن صمته في هذا الموضوع مؤكدا على لسان النائب حسن فضل الله رفضه الفراغ في قيادة الجيش، ودعا لأن يترك «للمؤسسات الدستورية المعنية وفي طليعتها الحكومة اتخاذ القرار المناسب»، مع تأكيده على «أن من حق البرلمان بل من واجبه أن يشرِّع في جميع الظروف». أما كتلة «التنمية والتحرير» فاكتفت بعد اجتماعها الأسبوعي الذي ترأسه بري بالإشارة إلى أنها «ناقشت جدول أعمال الجلسة التشريعية وشؤوناً تشريعية أخرى، واتخذت القرارات الملائمة بشأنها».
وترفض مصادر «التنمية والتحرير» الحديث عن «أفخاخ» في رد على المعلومات التي تشير إلى أنه لن يتم طرح كل بنود جدول الأعمال ليعود بعدها ويحدد بري جلسة تشريعية جديدة. وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود لا تزال تبذل للتمديد لقائد الجيش عبر الحكومة، أما إذا لم يحصل هذا الأمر فسينجز في البرلمان، مع إقرارها بأنه يبقى محصنا أكثر إذا أنجز في مجلس النواب، مذكرة بأن هناك شبه إجماع مسيحي عليه، إضافة إلى تأييد البطريرك بشارة الراعي والدعم الخارجي له، وليس لتعيين قائد جديد في ظل الفراغ الرئاسي.