كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
تحاصر الأزمات اللبنانيين من كل حدبٍ وصوب وكأنها أشبه بخط نار يحيط بهم وهم في وسطه، لا يستطيعون الخروج من دائرة جهنم، ويعجزون عن إطفاء اللهيب الذي لامس أجسادهم، وتحت ضغط النار تتشتت أفكارهم ويعجزون عن إيجاد المخرج بإنتظار الحلّ الإلهي.
لا حلول على الأرض تبتكرها الحكومة الجديدة التي مضى على تشكيلها قرابة الشهر، وحدهما الظلام والمصير المجهول عنوان الأيام المقبلة، وفي دوامة الخروج من أزمة والوقوع في أخرى يعيش المواطن يومياته، يتجرّع كؤوس الذّل والهوان على الطبقة السياسية بعد إمعانها في إفقار اللبنانيين الذين نفد صبرهم من كثرة الإنتظار والأمل بتحسن الأحوال، تأقلموا مع كل شيء واوجدوا البدائل التي ظنوا أنها أصبحت من الزمن الماضي وإلى غير رجعة.
أكثر من أسبوع والكهرباء في بعلبك الهرمل مقطوعة جراء سياسة الكيد التي تتعاطى بها المؤسسة مع مواطني المنطقة، لم تفلح كل الإتصالات والوساطات في إعادة التيار الكهربائي إلى المحافظة، ورغم عودة معملي دير عمار والزهراني إلى العمل بعد نفاد الفيول وربطهما على الشبكة مجدداً لا يزال الوضع على حاله في البقاع الشمالي وما قبل أزمة المعملين. وفي المعلومات التي حصلت عليها “نداء الوطن” أن إدارة مؤسسة كهرباء لبنان وعدت نواب المنطقة يوم الأحد بأن يعود التيار الكهربائي إلى البقاع الشمالي عند السادسة مساءً وحتى الساعة لم يتحقق الوعد، لتبدأ عملية التفاوض على تزويد المنطقة بالتيار بقوة 20 ميغاوات، ما يعادل 15 بالمئة من حاجة المنطقة ونصف قدرة المعمل الذي يتوفر فيه الفيول لأكثر من اسبوع، إذا عملت محطة بعلبك على مدار أربعٍ وعشرين ساعة ولمدة شهر إذا ما اعتمدت سياسة التقنين التي تسود كافة المحافظات بمعدل ست ساعات تغذية يومية.
معاناة البقاعيين مع إنقطاع الكهرباء بشكل مستمر وعجزهم عن تسديد فاتورة الإشتراك دفع بالعديد منهم إلى الإستغناء عنه وعودتهم إلى الطرق البدائية في الإضاءة التي تعتمد على الشمع، فـ”اللوكس” الذي يعمل على الغاز بات يكلف أيضاً سيما أن قارورة الغاز وصل ثمنها في بعلبك إلى 300 ألف في السوق السوداء، بعدما أقفلت محطات التعبئة أبوابها وامتنعت بعض المحال عن تزويد المواطنين بالمادة. أما تعبئة قارورة الغاز الصغيرة فوصلت إلى مئة ألف ليرة لبنانية ولا تكفي إضاءة لأسبوع، ناهيك عن توقف عدد من المولدات وإطفاء محركاتها أول الشهر الحالي بعد فقدان المازوت وامتناع اصحابها عن تسلم المازوت الإيراني.
خسائر بالجملة يتكبدها المواطنون وأصحاب المحال التجارية الذين تعرضت منتوجاتهم من ألبان وأجبان ولحوم وغيرها إلى التلف بعد إنخفاض تغذية مولدات الإشتراك إلى عشر ساعات موزعة على اليوم كله. وأمام هذا الواقع دعت بلدية بعلبك المواطنين إلى الإستعداد للنزول إلى الشارع إذا لم تحل مشكلة الكهرباء وتعامل المنطقة أسوة بباقي المناطق لجهة عدد ساعات التغذية، وخصوصاً أن مختلف أحياء المدينة تعاني منذ ثلاثة أيام صعوبةً في تأمين المياه.