كتب رضوان مرتضى في الاخبار:
أقرّ أحد الموقوفين في ملف نيترات بعلبك بأنّ مصدر البضاعة المحظورة هو مرفأ طرابلس. لكنّ مارون الصقر، المتّهم الرئيسي باستقدامها، لا يزال يُصرّ على نفي علاقته بها. «الأخبار» حصلت على تفاصيل جديدة بشأن ملف التحقيق الذي أحيل من مديرية المخابرات إلى القضاء العسكري بعد قرار قضائي بتوقيف «الشاهد الملك» بتهم التهريب!
لم تتمكّن مديرية المخابرات في الجيش من تحديد مصدر نيترات الأمونيوم، المضبوطة في مستودع الصلح في بلدة إيعات، بشكل حاسم. إفادة «يتيمة» قدّمها أحد الموقوفين تقول إنّ البضاعة هُرِّبت عبر مرفأ طرابلس. تقاطعت هذه الإفادة جزئياً مع ما أدلى به كل من سعد الله الصلح ومدير المشتريات لديه أحمد الزين اللذين أكدا أنّ الصقر يُهرّب النيترات عبر أحد المرافئ، علماً بأنه تم حتى الآن استجواب 15 شخصاً في هذا الملف، أكّد معظمهم أنّهم نقلوا عشرين طناً من نيترات الأمونيوم من مستودعات مارون الصقر، إلا أنّ الأخير لا يزال يتمسّك بإنكاره، نافياً أي علاقة له بشحنة النيترات ذات العيار 34,7 من الآزوت.
كذلك علمت «الأخبار» أن ابن صاحب المستودع محمد الصلح أبلغ العمّال لدى والده بوجوب نقل النيترات من المستودعات لتلفها عبر نثرها في الحقول القريبة، إلا أن القوى الأمنية دهمت المستودع وضبطت الشاحنة قبل إخراج النيترات. وسألت «الأخبار» الصلح الابن، الذي اعتبر أنّ والده أخطأ بشرائه النيترات طمعاً بالربح المادي، كاشفاً أنّ الصقر عرض على والده طنّ النيترات بمئتي دولار، في حين أنّ سعره في السوق يتراوح بين 500 و600 دولار أميركي. ونفى محمد أن يكون الهدف من شراء النيترات أي عمل إرهابي، وأكّد أنّ هذه النيترات تُباع لأصحاب مقالع الصخر والكسارات، مشيراً إلى أن معظم كسارات لبنان تستخدم النيترات في التفجير.
وردّاً على سؤال حول سبب اتخاذه قرار إتلاف النيترات، قال محمد الصلح إنّ أحمد الزين، الذي كان يعمل موظفاً لدى والده، حاول ابتزازه بمبلغ 150 ألف دولار، متّهماً الزين بأنه هو من أقنع والده بشراء النيترات. ويشير الصلح إلى امتلاكه توثيقاً بالصوت حول ما دار بينه وبين الزين في منزل الأخير، وأنه حاول إقناعه بالتراجع عن ابتزاز والده. وكرّر الصلح اتهام الزين بأنه أصرّ على طلب المال.
وقد عرض الصلح على «الأخبار» تسجيلات صوتية تظهر مطالبة الزين له بمبالغ مالية أو إبلاغ القوى الأمنية. وبحسب مضمون التسجيلات، فإن الزين كان على علم بوجود النيترات منذ مدة. كما يوجد تسجيل صوتي منسوب إلى الزين يطلب فيه، بلغة التهديد، إلى أحد السائقين لدى الصلح دفع مبالغ مالية.
تنفي زوجة الزين، داليدا الزين، الاتهامات التي تساق بحقّها وحقّ زوجها الموقوف، وتعتبر أن زوجها «شاهد ملك» في قضية كبيرة، وأنّ حياتها وحياة زوجها وعائلتها مهدّدة. لكنها تقول إن المبالغ المالية التي كان زوجها يطلبها من الصلح هي حق له وجزء من أتعاب عمله معه.
على صعيد التحقيقات، عُلم أنّ مخابرات الجيش أحالت ملف التحقيق مع الموقوفين إلى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة فادي عقيقي. إلا أن الملف لم يشمل أحمد الزين الذي تؤكّد المعطيات أنه «المخبر» الذي أبلغ القوى الأمنية بشأن النيترات. وفيما أظهرت التحقيقات أنّ الزين كان على علم بوجود النيترات منذ مدة، لكنه لم يُبلغ القوى الأمنية، فإن ذلك لا يمنع حمايته كمخبر، إذ يجري عرفاً التعامل مع خطوة إبلاغ الأجهزة الأمنية عن جريمة ما حاصلة أو متوقعة أن يتم إسقاط تهمة التستّر على الجريمة ليتحوّل المخبر بعدها إلى شاهد. لكن اللافت أن المحقق أبقى على الزين موقوفاً، وذلك وفق مصادر على خلفية ملف آخر يتعلّق بالتهريب.
كذلك عُلم أنه لم يصر إلى ضم ملف نيترات بعلبك إلى ملف انفجار مرفأ بيروت وإحالته على المحقق العدلي طارق البيطار، سنداً إلى كون المحققين لم يعثروا على أي دليل يربط بين الجريمتين. وقد خلصت نتائج الفحوصات المخبرية بشكل لا يرقى إليه الشكّ إلى أنّ النيترات التي ضُبطت في البقاع حديثة العهد ولا صلة لها بالنيترات التي كانت مخزنة في العنبر الرقم 12.