آخر ارتدادات الأزمات.. مشكلة حملة “التحصين” للثروة الحيوانية

كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:

آخر ارتدادات الأزمات الاقتصادية وارتفاع سعر الصرف، وانقطاع المحروقات واستحالة تأمينها من قبل موظفي القطاع العام تكشفت مشكلة حملة “التحصين” للثروة الحيوانية، بعدم قدرة الموظفين والاطباء البيطريين على القيام بواجباتهم للكشف على مزارع تربية الابقار والمواشي لتلقيح أكبر عدد ممكن منها قبل انتهاء مدة صلاحية اللقاح.

لأن وزارة الزراعة تلقت هبة مقدمة من السفارة الفرنسية بعد “تفجير المرفأ” ودخول لبنان في نفق الفراغ الحكومي الطويل، تقدر بـ 125الف دوز، من لقاح “حمى القلاعية” المعروفة شعبياً بـ”الجليخ” أو “الطباق”، والذي يفترض أنه يقدم 250الف جرعة لـ 250الف رأس بقر، مخصصة لمكافحة انتشار هذا الفيروس السريع الانتشار، والذي يتسبب بهلاك الثروة الحيوانية ويترك آثاره السلبية على انتاج الابقار والمواشي والخنازير وغيرها، فاللقاح مفترض أن يكون صالحاً لسنة ونصف، واذ يصل الى لبنان متأخراً عمره لا يزيد عن 5 اشهر ومع بدء العمل فيه في الشهر الثامن أصبحت صلاحيته لشهرين فقط.

هذا ما يسبب تأففاً لدى موظفي مصالح وزارة الزراعة في المناطق من آلية عملهم ما يجعل البعض أشبه بمن يطلب حسنة او رشوة من المزارع لتقديم اللقاح لبقراته، مما تسبب بتراجع نسبة اعطاء الجرعات بشكل ملحوظ.

الا أن وصول اللقاح الى المزارعين ما زال امامه عقبات في عدم قدرة الموظفين على التنقل وتأمين البنزين، في المقابل عدم استطاعة أصحاب مزارع تربية الابقار والمواشي الصغيرة والمتوسطة لتأمين هذا اللقاح لكون كلفته مرتفعة تصل الى 160دولاراً اميركياً.

يشكك طبيب بيطري يعمل في وزارة الزراعة بالكمية وبالتواريخ انطلاقاً من اعتباراته ان السفارة لا يمكن ان تقدم لقاحاً مدة صلاحيته قريبة، ليضع علامات استفهام حولها على اعتبار ان تاريخ صلاحيتها لا يتجاوز الشهرين حتى نهاية شهر تشرين الأول، وقال: في العادة مثل هذه اللقاحات تأتي معها فترات زمنية سنة ونصف بعيدة عن انتهاء صلاحيتها، لان اللقاح يستمر في حماية الحيوان مدة ستة اشهر، وقال “هذا مرض فيروسي سريع الانتشار، يصيب الحيوانات ذات الظلف المشقوق مثل الأبقار والأغنام والماعز والخنازير”، يتابع “نواجه مشكلة عدم قدرة الموظفين والاطباء على التنقل بسبب ازمة المحروقات”، لذا كميات من هذا اللقاح مهددة بالتلف ما لم يتم توزيعها وفق الاصول باشراف موظفي الوزارة.

وكشف مصدر في الوزارة لـ”نداء الوطن” أن الهبة قدمت بناء لمجموعة رسائل تقدمت بها الوزارة بعد تفجير مرفأ بيروت، فكانت اول موافقة على الهبة من السفارة الفرنسية وهناك موافقات من سفارات اوروبية قد تأتي في الايام المقبلة بهدف تحصين الثروة الحيوانية.

أما الطبيب البيطري وصاحب شركة خزعل جمال خزعل، أكد لـ”نداء الوطن” أن الوزارة استقدمت لديه كامل كميات اللقاح المقدم من فرنسا وكلفته بتخزينها كونها تحتاج الى تبريد، وبالتالي تحتاج الى كهرباء 24 / 24، ولفت خزعل الى أن هذا “الطعم يعتبر من أفضل اللقاحات عالمياً، ويحمل المواصفات المحددة من قبل المختبرات اللبنانية”، محذراً “من استعمال لقاحات دخلت لبنان بطرق غير شرعية مهربة”، ووجد أن المزارع التي تُحصن ماشيتها تحصيناً استباقيّاً تُحقق مكاسب اجتماعية وصحية واقتصادية، مناشداً الدولة أن تتبنّى تزويد المزارع بشكل دوري بلقاحات عالية الجودة.

مدير الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة الياس ابراهيم أكد لـ”نداء الوطن” أن اللقاح هبة فرنسية وصلت الى الوزارة في الشهر الرابع فيما اللقاح صلاحيته حتى نهاية الشهر العاشر اي معه فترة ستة اشهر، من أصل سنة ونصف، فور ابلاغنا من قبل السفارة بالموافقة على تقديم اللقاح اخذت موافقة الوزير باستقبالها وتأمين كافة الاجراءات للمحافظة على سلامتها وتأمين القدرة اللوجستية لتوزيعها على المزارع، فتم التواصل مع وكيل هذه اللقاحات في لبنان “شركة الخزعل” لأخذ موافقته لتأمينها في مخازنه لانها تحتاج الى تبريد. وقال “بسبب الأزمة الاقتصادية وشح المحروقات وعدم قدرة الموظفين على التنقل، ازدادت مشكلة الامكانات اللوجستية المحدودة، ومن أجل تسريع عملية تلقيح أكبر عدد ممكن من الابقار وفق جدول مخصص لهذه الغاية ضمن شروط اشراف ومعاينة ورد العبوة الفارغة طلبنا من المزارعين الحضور الى مراكز الوزارة في المناطق لنقل الموظفين والاطباء من مراكز العمل الى المزرعة لتلقيح الابقار فيها”. واردف أن نسبة التلقيح تجاوزت الـ50 في المئة، وذلك بسبب ان غالبية هذه اللقاحات تعطى في فصلي الربيع والخريف اي في فترات البرودة، وكشف أن مثل هذه الهبات التي تشارف على انتهاء صلاحيتها تعتبر بمثابة معالجة للقاحات التي تتحول لدى الشركات الى نفايات خلال اشهر قصيرة، وبالتالي تصبح معالجتها باستفادة مزارعي لبنان منها في ظل ظروف ضاغطة.

وختم أن صندوق النقد الدولي بصدد تقديم لقاحات لامراض مختلفة للمساهمة في حماية الثروة الحيوانية، وشكر تفهم المزارعين في تغطية تنقل الموظفين الى مزارعهم ليتسنى لهم القيام بواجب تلقيح الابقار والمواشي، باعتباره “ان العمل يحتاج الى تضافر الجهود بين الموظفين والمزارعين”.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …