كلامٌ حاسم.. هذا ما يريده نصرالله من “الوطني الحر”

كتب محمد الجنون في لبنان24

لم يكن الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بعيداً عن إسداء رسائل عديدة باتجاه الحلفاء قبل الخصوم، وتحديداً التيار “الوطني الحر”. فإلى جانب دعمه لمسار الحكومة وتعويله على دورها لسلوك طريق الإنقاذ، كان نصرالله واضحاً بمطالبته منح الثقة للحكومة الجديدة التي يترأسها الرئيس نجيب ميقاتي. وبشكل أو بآخر، تضمن هذا الكلام الذي أصرّ عليه نصرالله رسالة واضحة إلى “تكتل لبنان القوي” الذي أعلن صراحة في اجتماعه الدوري، أمس الثلاثاء، دعمه للحكومة الجديدة، وتأكيده أنه “سيكون الى جانبها وداعماً لها في كل اجراءاتها الاصلاحية الانقاذية وسيكون معارضاً شرساً لها في حال التلكّؤ او التقاعس والتقصير”.

كذلك، حسم التكتل موقفه بشأن الثقة، وقال: “منح الثقة للحكومة مرتبط بما سيتضمّنه بيانها الوزاري”. وبالتركيز على هذه النقطة، ومن دون أدنى شك، فإن حرمان الحكومة الثقة من قبل “تكتل لبنان القوي” قد يساهم في سلبِها الغطاء المسيحي الأكبر ضمن مجلس النواب، لكن ما لا يجب اغفاله أيضاً هو أن حدوث هذه الخطوة قد يعدّ نقضاً للتعهد الذي قدمه رئيس الجمهورية ميشال عون للرئيس ميقاتي بشأن منح الثقة، وذلك خلال عملية إصدار مراسيم تشكيل الحكومة يوم الجمعة الفائت. ووسط ذلك، تقول مصادر “لبنان القوي” لـ”لبنان24″ أنّه “من حق نواب التكتل بناء خيارهم بمنح الثقة للحكومة بناء على البيان الوزاري ومضمونه خصوصاً أن هناك بنوداً عديدة يجب على الحكومة تبنيها منها الاصرار على التدقيق الجنائي بالدرجة الأولى وإقرار قانون الكابيتال كونترول”.

التنمية والتحرير: سمينا ميقاتي وتمنينا على رئيس الجمهورية أن يكون عونا له
قرار الساعات الأخيرة.. هل سيمنح “الوطني الحر” الثقة للحكومة؟

في المقابل، ترى مصادر سياسية مُقربة من “حزب الله” أنّ “الكلام عن الثقة ضروري في هذه المرحلة لأنّ الحكومة تحتاج إلى العمل من دون عراقيل”، وتضيف: “نصرالله كان واضحاً في دعم مسار الحكومة والاتفاق يجب أن يكون على ذلك”.
وفعلياً، فإنّ الاختلاف بين الحليفين (حزب الله والوطني الحر) في التصريحات بشأن الثقة والإصرار عليها، يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة أوّلها حول قدرة “حزب الله” في المَوْن على “الوطني الحر” بهذا الشأن حتى النهاية، باعتبار أن الأخير يجب أن يكون شريكاً في الحل، وإلا سيجري تصويره على أنّه معطل لعملية الانقاذ. ولكن مما لا شكّ فيه هو أنّ رئيس الجمهورية أكّد في رسالته الأخيرة خلال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء على ضرورة تفعيل دور الحكومة، وهو يعي تماماً أنه من خلال ذلك سيكون عهده قد سلك الطريق نحو التسويات الشاملة للأوضاع القائمة بعد المخاض الطويل والعسير.

وبشكل أكيد، فإنه ليس من مصلحة “حزب الله” أن يمتنع “الوطني الحر” عن منح الحكومة الثقة، لأن ذلك سيرتدّ عليه بالدرجة الأولى، وقد يزيد من الضغوط عليه في شارعه أولاً، باعتبار أن الأخير يتعطّش للحلول الإنقاذية قبل أي شيء. إلا أنه في المقابل، فإنّ ما تبين خلال مرحلة التشكيل أن “حزب الله” لم يكسر حليفَه ولم يسلبه إمكانية تحقيق بعض شروطه في الحكومة، لكنه في الوقت نفسه لم يُجاريه حتى النهاية، وأكبر دليل على ذلك هو عدم حصول “الوطني الحر” على ثلث معطل بشكل مباشر أو مقنّع. وإضافة إلى ذلك، تقول مصادر سياسية متابعة للملف الحكومي إن “حزب الله” كان يرفض بشكل غير مباشر التكتلات داخل الحكومة من خلال منح “الوطني الحر” ثلثاً معطلاً ، وذلك من خلال التفاف الوزراء المحسوبين على الطرفين معاً من أجل تعطيل الحكومة. وعملياً، فإنّ هذا الأمر، وإن حدث، سيكون ضرباً للاتفاق وتطييراً لمهمة إنقاذ حتمية، إلا أن رئيس الجمهورية كان حاسماً في دعم الحكومة حتى النهاية، كما أنه يقول أمام المقربين منه أن هناك فرصة للانقاذ يجب استغلالها من دون أي مواربة.

وبشكل أوضح، فإن من مصلحة “حزب الله” أيضاً أن يكون “الوطني الحر” لاعباً مهما في دعم الحكومة وذلك لقطعِ الطريق أمام الخصوم الذين يصورون رئيس الجمهورية على أنه المُعطل والمعرقل. ولهذا، فإن الثقة من “التيار البرتقالي” قد تكون محسومة وسيكون هناك إصرارٌ على دعم الحكومة بطريقة أو بأخرى في سبيل صدّ كل العراقيل باتجاه الاصلاح.

وفي ما خصّ الرئيس نجيب ميقاتي، فإنّ الأكيد والمؤكّد إصراره التام على التعاون مع كافة الكتل السياسية لتفعيل خطة الانقاذ، كما أنه مصرّ على التعاون مع رئيس الجمهورية إلى أقصى الدرجات من دون أي تلكؤ. كما أن الثقة الممنوحة من “لبنان القوي” تعطي زخماً لحكومة ميقاتي ويقطع الباب أمام المتسللين الساعين لضرب الحكومة بشعارات “فقدانها للميثاقية المسيحية”.

وكما هو معروف، فإنّ ميقاتي لم يعادِ أي جبهة مسيحية رغم أن بعض الكتل لم تسمّه خلال مرحلة التكليف. ومع هذا، بالنسبة لميقاتي، فإن الثقة من مجلس النواب تشكل أرضية أساسية له ولفريق عمله، وتعتبرُ الباب الأساس لتنفيذ الخطة من خلال التكامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ووسط كل ذلك، فإن ميقاتي لا يرى انقلاباً من أي جهة، وما يتبين من خلال الممارسات الفعلية أن رئيس الحكومة مصرّ على التعاطي الإيجابي مع مختلف الأفرقاء باعتبار أن الكيدية السياسية والمهاترات ليست من ادبياته ويعتبر انها تضرّ أكثر مما تنفع.

رسالة ثانية من نصرالله

وفي ما خص الرسالة الثانية من نصرالله، فكانت تتعلق بالبطاقة التمويلية التي ستكون وزارة الشؤون الاجتماعية رأس حربة فيها. وكما هو معلوم، فإن عون هو الذي سمّى الوزير هيكتور الحجار لتولي تلك الحقيبة، وتقع على عاتق الأخير مسؤولية ضمان وصول التمويل إلى الفئات المحدّدة. وبشكل واضح، أكد نصرالله على وجوب الانتباه لعدم تحول البطاقة التمويلية إلى باب فساد جديد أو لاستغلالها لمآرب انتخابية. وضمنياً، قد يكون هذا الكلام رسالة إلى “الوطني الحر” تؤكد على وجوب التعاطي مع هذا الملف بشفافية ورقابة عالية ومنع حصول أي ثغرات فيه قد تنقلبُ عليه لاحقاً.

وفي المحصلة، فإن “حزب الله” يسعى إلى تحصين حليفه بشكل أو بآخر، لكن من دون أن يعطيه هامشاً كبيراً في التحرك على حساب مصلحته أمام بيئته الحاضنة. كذلك، فإن “حزب الله” سيكون واضحاً في الاستحقاقات المقبلة وسيُراعي التوازنات التي ستضمن له غطاءً مسيحياً يوفره “الوطني الحر” بشكل كبير.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …