عقدت الحكومة التي أبصرت النور قبل يومين برئاسة نجيب ميقاتي بعد سنة و3 أشهر من المماطلة، اليوم الاثنين، أول اجتماعاتها لتشكيل لجنة إعداد البيان الوزاري، فيما بدأ الوزراء التسليم والتسلم.
ورغم أن معظم وزراء تلك الحكومة لا ينتمون إلى أي تيار سياسي بشكل علني ورسمي، غير أن تسميتهم جاءت من رؤساء أحزاب وقادة سياسيين بارزين، وهو ما تُرجم “بالمعارك” السياسية على الحصص والحقائب وكان سبباً رئيسياً في تأخير ولادة الحكومة، ما جعل ظاهرها وزراء من أصحاب الاختصاص أما باطنها فسياسي يعكس خريطة توزّع القوى السياسية الحاكمة في البلاد.
وتأتي في السياق مثلاً وزارة الأشغال العامة والنقل التي حجزها حزب الله باكراً (لمصلحة الوزير علي حمية) مع انطلاق المشاورات الحكومية منذ استقالة حكومة حسّان دياب قبل أكثر من عام بعد انفجار مرفأ بيروت مروراً بتكليف السفير مصطفى أديب ثم سعد الحريري ووصولاً إلى تكليف ميقاتي.
حقيبة خدماتية
وتُعتبر وزارة الأشغال العامة واحدة من أهم الوزارات الخدماتية ولطالما شكّلت حلبة صراع بين قوى سياسية عديدة من أجل الحصول عليها، لأنه يُخصّص لها موازنة سنوية ضخمة وتمارس سلطة الوصاية على المرافئ البرية والبحرية والجوية.
وتربط حزب الله علاقة “مصلحة” مع تلك الوزارة منذ أن أصبحت من حصة حلفائه السياسيين في السنوات الأخيرة، حيث فرضت الخزانة الأميركية منذ عام بالتحديد عقوبات اقتصادية على وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس المحسوب على “تيار المردة” أبرز حلفاء الحزب، بسبب “تسهيله أعمال الأخير، وتأمين عقود حكومية بملايين الدولارات له”.
وبعد أسبوع على إدراج فنيانوس على لائحة العقوبات، وضعت وزارة الخزانة الأميركية شركتي “آرش” و”معمار” على اللائحة السوداء، وهما من بين شركات عدة تابعة للمجلس التنفيذي في حزب الله، الذي منذ 2019 تشارك حزب الله وفنيانوس الذي لضمان فوزهما بعروض للحصول على عقود حكومية لبنانية بقيمة ملايين الدولارات.
3أسباب
قال أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خالد العزّي لـ”العربية.نت”: “إن حزب الله أصرّ على وزارة الأشغال لثلاثة أسباب: الإشراف على خطة إعادة إعمار مرفأ بيروت الذي يخضع لسلطة الوزارة، وتعزيز سيطرته على مطار بيروت الذي يستخدمه لعمليات التهريب، فضلاً عن المعابر الحدودية الرسمية”.
وبالإضافة إلى هذه الأسباب المُرتبطة بـ”ضمان” خطوط “التهريب” عبر المرافئ العامة الخاضعة لوصاية وزارة الأشغال، يبدو أن تمسّك حزب الله بوزارة الأشغال له علاقة أيضا بالاستحقاق الانتخابي في مايو/أيار 2022 كما هو مقرر.
الزفت الانتخابي
ولفت العزّي إلى “أن الحزب أراد هذه الحقيبة من أجل توزيع الزفت على الناخبين، لاسيما داخل بيئته التي تشهد تململاً وغضباً على سياسته وتُحمّله مسؤولية ما وصل إليه البلد من أزمات اقتصادية ومعيشية لم يشهدها لبنان منذ انتهاء الحرب في أواخر تسعينيات القرن الماضي”.
كما اعتبر “أن حزب الله فقد مصداقيته داخل بيئته لأسباب عديدة، آخرها أزمة المحروقات التي يُعاني منها معظم اللبنانيين، لاسيما المحسوبين عليه، لذلك يريد من خلال وزارة الأشغال تعويم نفسه داخل بيئته”.
ففي الحكومتين الأخيرتين، حكومة الحريري ثم دياب، تولّى حزب الله بحسب المتحدث، وزارة الصحة وجيّرها لمصلحة تمويل مؤسساته الصحية والمستشفيات التابعة له. كما سمح باستيراد الأدوية الإيرانية والسورية إلى لبنان دون استيفاء المعايير الصحية والقانونية اللازمة.
توظيف وصفقات
من جهتها، اعتبرت الكاتبة والأستاذة الجامعية منى فيّاض “أن حزب الله وبعدما ثبّت وجوده في وزارة الصحة من خلال توظيفه عدداً من المحسوبين عليه، ثم إدخاله الدواء الإيراني إلى السوق اللبنانية خلافاً للشروط والقوانين المرعية الإجراء، انتقل اليوم إلى وزارة الأشغال من أجل الاستفادة من الصفقات الكبرى المرتبطة بأعمال البنى التحتية، لاسيما مد شبكات الاتّصالات ضمن نطاق البلديات والتي تُلزم لشركات خاصة”.
وقالت في تصريح لـ”العربية.نت”: “وزارة الأشغال العامة مسؤولة عن المرافئ العامة والمعابر الرسمية في لبنان، لذلك يريد أن يكون على تماس مباشر وبشكل “رسمي” معها، خصوصاً أن اسمه ارتبط بها بعد انتفاضة 17 أكتوبر 2019 وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 اب 2020″.
إلى ذلك، رأت فياض “أن حزب الله أراد هذه الوزارة كي يكون ربما على بيّنة من اتّفاق إيصال الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، حيث من المُفترض أن تُشرف وزارة الأشغال على عملية استجراره”.
المصدر: العربية