كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
على بعد ايام من رفع الدعم، يعيش المواطن نكسة جديدة، لم يكد يستوعب حجم الازمات حتى إنفجرت بوجهه فقاعة رفع الدعم ومعها إرتفاع مضاعف للأسعار، ما يؤكد حقيقة ثابتة، أن الانهيار الاقتصادي سيزداد بفجوته أكثر، ومعه ستطير الطبقة المعدومة الى الحضيض.
ثمة قاعدة راسخة لدى الجميع “لا يطيح بالازمة سوى الحرب او ازمة مضادة”، وهو ما يكرره الاهالي هذه الايام، بعدما كلّوا وملّوا من إنتظار الفرج. صحيح أن تشكيل الحكومة بعث بصيص أمل من قلب العتمة، غير أن ما يطلبه الناس منها من الصعب تحقيقه، سيما وان الكل يعلم ان البلد مسروق ومنهوب و”عالحديدة”، ما يعني بحسبهم أن الحكومة لن تكون اقل سوءاً من سابقاتها ما لم تُخيط مزراب السرقة والهدر والفساد، وتبدأ بمحاسبة المحتكرين.
في حسابات معلمة المدرسة فاطمة “اذا لم ترفع الحكومة اجرة المعلم وتعالج قضية الكهرباء والانترنت والبنزين، يعني انها مش قدّ الحمل، سيما وأننا على اعتاب عام دراسي جديد يُستهل بالاضراب العام، طالما لا آذان صاغية لحقوق المعلم”، ولا تستبعد ان “يكرر الوزراء الجدد سبحة وعودهم الطنانة، غير أنه غاب عن بالهم أن الناس ما بقى تصدق، شبعت كلاماً وتريد افعالاً”.
“ما حدا راضي عن الحكومة” هذا ما تسمعه في شارع النبطية وقد بدا مستاء أكثر مما اراحته ولادة الحكومة، لانه وفق تعبيرهم “على شاكلة اللي سبقتها”، وزاد من خيبة الاهالي تصريحات بعض الوزراء الجدد سيما وزير الشؤون الاجتماعية حول التخلي عن الحفاضات وأوراق المحارم، لترد عليه بسمة بالقول “يبدو الوزير يعيش ع غير كوكب، ولا يعرف ان لا مياه ولا كهرباء في المنازل، وبالكاد تحضر كهرباء الدولة ساعة في النهار والاشتراك 4 ساعات، أما المياه فنسمع خريرها ساعة في الاسبوع، فكيف سنعتمد الحفاضات القماشية ونغسلها؟ إذاً الحلول الاصلاحية المرتقبة ستكون هكذا، وبلد رح نشوف!”.
طغى رفع الدعم على ولادة الحكومة، والناس لا تعلق آمالاً كثيرة على الوزراء الجدد، فالغلاء القادم سيكون اكثر قساوة عليهم، وجيوبهم خاوية على ما وصف اللحام ابو محمد وقد تراجعت أعماله 90في المئة نتيجة مقاطعة الناس اللحوم، و”من يشتري بالوقية” كما يقول، ويرى ان الوضع في لبنان بات على كف عفريت، وان السياسيين مارسوا طغيانهم الى حدّ كرّههم فيه الناس وباتوا يبحثون عن فرصة لنجاتهم. يخشى الانفجار الاجتماعي، فالفقر وصل الى مستوى خطير وغير مسبوق، معتبراً “أن لا حل في لبنان الا بإقالة كل الفاسدين وتحرير الدولة من حفاري قبور الناس”.
اما سامية فتطالب الحكومة بتصحيح اجور العمال ومعالجة أزمة الكهرباء والبنزين وضبط لعبة الدولار، وتقول: “اليوم ما قادرين نشتري فكيف مع رفع الدعم وارتفاع كل الاسعار؟ ما نريده هو وضع حد للانهيار لأننا فعلاً تعبنا”.
وليس اشد وطأة على المواطن هذه الايام سوى العودة للمدرسة وما يترتب عليها من أعباء خارجة عن قدرته، وبحرقة تقول فاطمة: “المدارس تبشّرنا بارتفاع الاقساط والقرطاسية والكتب، والدولة تعدنا بالعودة اليها، فوفق اي منهجية سيعود الطلاب؟ كيف سنؤمّن الاقساط واجرة الفان وغيرها، يجب على وزير التربية الجديد ان يعيد النظر بالقرار لأن الناس فعلاً قد تتوقف عن ارسال اولادها الى المدارس لان ما معها، وحتى الـonline لن ينفع فلا كهرباء ولا انترنت، والمدارس بحد ذاتها تقول انها عاجزة عن بدء العام الدراسي”.
مطالب جمّة يرسلها الناس الى “حكومة الانهيار” كما وصفوها، وضعوها في صف الامتحان، إما ان تخرج بخريطة طريق اصلاحية منطقية وواقعية تنقذ ما تبقّى من لبنان، وإما وداعاً لبنان وسينقل جثمانه على اكف الفقراء الى مقبرة التاريخ، فهل تفعلها الحكومة وتنقذ ما خرّبه السياسيون؟