جاء في “أخبار اليوم”:
قالت مصادر في “القوات اللبنانية”، لوكالة “أخبار اليوم”: “يبدو أن نائب حزب الله حسن فضل الله يهوى الصراع مع راجح وطواحين الهواء لا لشيء إلا لشد عصب جمهوره الناقم على منظومة الفساد التي اوجدها حزبه ويحميها منذ سنواتٍ وسنوات، وذلك عبر خلق اعداء وهميين لهذا الجمهور، ومن ثم الإيحاء بأن حزب الله قد هزم هؤلاء الأعداء شر هزيمة”.
ويأتي في هذا السياق تصريحه الأخير الذي اعتبر فيه بأن الباخرة الايرانية كسرت الحصار الأميركي على لبنان، واسقطت الفيتو على التواصل اللبناني الرسمي مع سوريا بخصوص موضوع استجرار الغاز من مصر، وهلّم جراً من المواعظ التخوينية والمواقف المُكابرة التي تحاول إيهام اللبنانيين بأن هذه الباخرة ستنتشل الزيز من البير…
وعليه يهم المصادر في “القوات اللبنانية” توضيح الآتي:
اولاً- لو سلّمنا جدلاً بأن الباخرة الموعودة تحمل للبنانيين المن والسوى والفرج وكسر الحصار، ولكن من يُعيد للبنانيين ودائعهم المنهوبة بعشرات المليارات من الدولارات والتي تم التضحية بها على مذبح معادلة: السلاح مقابل الفساد؟ وبشكل ادقّ: تحالف السلاح مع الفساد!
وبالمناسبة هل ستعيد هذه الباخرة للبنانيين تصحيح قيمة عملتهم المنهارة ومستوى عيشهم السابق، وهل ستحسن من اوضاع العسكريين وقيمة رواتبهم؟ ماذا تنفعنا كل بواخر ايران اذا كانت المؤسسات اللبنانية على شفير الانهيار؟ وهل تمكّنت ايران اولاً في الحدّ من تضخّم عملتها الوطنية مقابل الدولار حتى تكون هي المنقذ لعملتنا الوطنية اللبنانية من الانهيار؟ ومنذ متى استطاع الغريق ان يساعد غريقاً آخر؟
ثانياً- ليس دفاعاً عن الكونغرس ولا عن سياسة الولايات المتحدة، ولكن لعلمك يا سيد فضل الله فإن الوفود الأميركية لم تتوقف في يومٍ من الأيام عن زيارة لبنان، كما لم تتوقف عن تقديم المساعدات الى الجيش اللبناني وكان آخرها مبلغ 120 مليون دولار بالإضافة الى المؤتمر الدولي لدعم الجيش والذي عُقد بدفعٍ من الولايات المتحدة. كما ان قضية استجرار الغاز من مصر الى لبنان، هي موضع مباحثات بين الولايات المتحدة والدول المعنية منذ اكثر من عشرة اشهر، وهذا كلّه حصل قبل اعلان السيد نصرالله عن انطلاق الباخرة الايرانية!
ان الموقف الأميركي، اقلّه منذ انتخاب بايدن، في تشرين الثاني الفائت ما برح يُشدد للمسؤولين اللبنانيين على ضرورة تأليف حكومة بالسرعة القصوى تلافياً للإنهيار، فكيف تكون سفينة ايران هي التي دفعت الأميركيين للإهتمام بلبنان؟
من جهةٍ ثانية، إذا كنت يا استاذ فضل الله تعتقد بأن حزب الله هو من اسقط الفيتو الأميركي على تواصل لبنان مع سوريا، فلأي سببٍ إذاً اُسقط الفيتو على تواصل دول عربية فاعلة مع سوريا قبل الاعلان عن باخرتكم بأشهر عديدة؟ ثم من قال بأن السلطة الرسمية اللبنانية التي تُدين لكم بكاملها متوقفة اصلاً عن التواصل الرسمي مع النظام السوري وعلى تنسيق معها من فوق الطاولة وتحتها؟؟!! وهل كان وزراؤكم في الحكومة مثلاً او وزراء حلفاءكم فيها ينتظرون سقوط الفيتو الأميركي حتى يتواصلوا مع النظام السوري؟ هل عرفت الآن من يتلقى تعليماته من السفارات؟!
ثالثاً- لقد سبق للسيد حسن نصرالله بذاته أن قال في اكثر من مناسبة بأن موانع تشكيل الحكومة هي داخلية مئة في المئة، وآخرها موقفه في 25 ايار 2021! وانت بذاتك يا سعادة النائب فضل الله قلت في تصريحك هذا بأن تشكيل الحكومة “عالق في الحسابات الضيقة”! فكيف تكون باخرتكم هي التي اسقطت الفيتو الأميركي على انقاذ لبنان، ما دام الجميع يعرف بأن الخطوة الأولى باتجاه إراحة الوضعية اللبنانية تكمن بتشكيل حكومة، وبأن الفيتو على هذه الخطوة ليس اميركياً وإنما داخلي، ودائماً بحسب قولكم انتم!، فيما الإنقاذ الفعلي لا يمكن ان يتحقق سوى عن طريق كف يد محوركم عن السلطة بعدما أوصل البلد وشعبه إلى الهلاك.
رابعاً- ان الحقيقة التي لا يريد النائب فضل الله الاعتراف بها هي ان احداً في العالم لا يريد شيئاً من لبنان سوى ان يساعد هذا البلد نفسه اولاً، عبر قيامه بالإصلاحات المطلوبة كمقدمةٍ لكي تبادر الدول الى مساعدته.
فهل يريد حزب الله وحلفائه المعروفين المبادرة بخطوة الإصلاحات والتي هي مطلب شعبي لبناني عارم ايضاً؟ ولو بادرت الحكومات التي يسيطر عليها حزب النائب فضل الله الى الإصلاح الفعلي وليس الوهمي والكلامي، وامتنعت الدول الخارجية عن مساعدة لبنان لكان موقفه مبرراً. اما ان يمنع حزب الله الاصلاح ثم يحمّل الغير مسؤولية انهيار لبنان، فهذا قمةٌ في استغباء اللبنانيين والضحك عليهم، مثله مثل قصة ملفات الفساد التي تدحرج رؤوساً كبيرة، والتي ادعّى فضل الله امتلاكها لسنوات، قبل ان يتبيّن بأن كلامه هو مجرد كلامٍ بكلام، وبأن من يُغطى الطبقة الفاسدة لحماية سلاحه، لا يقل فساداً عمّن يمتهن الفساد بشكل مباشر وضيّق ويومي.
خامساً- ان احداً منّا لا يراهن على الولايات المتحدة وخصوصاً القوات اللبنانية التي كل رهانها على إرادة اللبنانيين، واذا كنت يا استاذ فضل الله تتخذ ممّا حصل في افغانستان اخيراً مبرراً للتسويق لفشل الرهان على الولايات المتحدة، فإن ما حصل عام 1979 في ايران لجهة تخلّي الولايات المتحدة عن الشاه لصالح الإمام الخميني، ومن ثم موضوع فضيحة “ايران غايت” بعدها، ولاحقاً التنسيق المشترك في افغانستان ما بعد طالبان 2001، وفي عراق ما بعد صدام حسين 2003 ، نأخذه بدورنا مقياساً ومؤشراً للتدليل على هوية الجهة التي استفادت من الولايات المتحدة في المنطقة، وكانت حليفاً موضوعياً للأميركيين منذ اكثر من 4 عقود، ومع ذلك فهي لا تتورّع عن تخوين كل من لا يماشيها في سياساتها وإعطاءه مواعظ في العفّة والوطنية ومحاربة الشيطان الأكبر، وهو ما يُذكّرنا بقول الإمام علي عليه السلام:”بالكذب يتزيّن اهل النفاق”.
سادساً- لو سلّمنا جدلاً معك بأن دخول السفينة الايرانية الى البحر المتوسط يكسر الحصار الأميركي المفترض على لبنان، غير ان ربط موضوع “فك الحصار” بموضوع منع الانهيار في لبنان هو استغباء لعقول اللبنانيين. فهل تستطيع ايران، على سبيل المثال لا الحصر، إعادة استنهاض القطاع المصرفي الذي يُعتبر عصب الاقتصاد في لبنان، ام ان دخولها بهذا الشكل الفاضح والمباشر على خط الأزمة الاقتصادية سيقضي على ما تبقى من قطاع مصرفي؟ وهل تستطيع ايران تعزيز الجيش اللبناني ودعمه لوجستيا ومادياً، خصوصاً وان معظم آلياته وسلاحه وقطع غياره اميركية الصنع، وهو الذي يُعتبر عصب الاستقرار في لبنان؟ لا نحسب بأن النائب فضل الله يريد من ايران ان تقوم بكل ذلك، لأنه يعرف ونحن نعرف اكثر منه بأنها عاجزة عن ذلك، وتالياً فهو يُعوّل ضمناً على الولايات المتحدة والدول العربية والغربية لكي تقوم هي بهذه المهمّة، وان يكتفي هو وحزبه وظهيره الإقليمي بتخوين الباقين واتهامهم بالارتهان للسفارة الأميركية، ومن ثم الإدعاء بأن حزب الله كسر الحصار على لبنان، قبل ان يقوم هو وحزبه وظهيره الإقليمي بجني ثمرة هذا الدعم على مستوى السلطة المركزية التي يقبضون عليها، وذلك للإمعان في سلوكياتهم السابقة التي اوصلت اللبنانيين ولبنان الى ما وصلوا اليه. وهل تعتقد يا استاذ فضل الله بأن الدول العربية والغربية وخصوصاً الدول المانحة هي “بابا نويل” لكم ولسلاحكم غير الشرعي ولتدخلاتكم السافرة في سوريا واليمن والعراق وغيرها. لو كنتم حريصين فعلاً على اللبنانيين لكانت قضيتهم المعيشية والحياتية والاقتصادية هي اولويتكم حتى ولو جاءت على حساب السلاح، لأن كرامة الإنسان وحياته تأتي اولاً وليس السلاح الذي تضعونه في مصاف القداسة والألوهية، ومن ثم تتباكون على حصارٍ من هنا او فيتو من هناك، ولكن من دون ان تتراجعوا عن سلوكياتكم قيد انملة.
سابعاً- هذا باختصار شديد ما يريده النائب فضل الله وحزب الله بالمواربة والابتزاز ومن دون القيام بأي خطوة اصلاحية فعلية، وإلاّ فتخوين اللبنانيين الآخرين، وتحميل العرب والغرب مسؤولية الانهيار!! ولكن الشمس شارقة والناس قاشعة، يبقى ان تشرق الشمس على حزب الله فيكف عن المكابرة والتعامي عن الوقائع وليعد النظر بكل سياساته وسلوكياته التي اوصلتنا الى ما نحن فيه اليوم، واللهم اشهد أننا بلغّنا.