كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
الأرجح أنّه ليس من قبيل الصدفة أن يشنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري هجوماً هو الأعنف على العهد، لينفض في الوقت ذاته الغبار عن نقاشات اللجان المشتركة بشأن قانون الانتخابات، عشية الدخول في مدار الاستعدادات الجدية لخوض الحملات الانتخابية، وهو المتيقّن أنّ الفريق العوني متمسّك بالقانون الحالي ويحاذر الاقتراب من مطبخ المسّ به خشية تذويبه في وعاء التعديلات التي قد تبدأ ببعض “الروتوش” وقد لا تنتهي بقلبه رأساً على عقب. أمّا غير الكباش السياسي وبعض الزكزكة، فلا يبدو أنّ مشوار اللجان المشتركة قد يؤدي إلى وضع القانون الحالي على مشرحة التغيير الجذري التي قد تطيح به.
في الشكل، يتبيّن أنّ الاصطفاف الطائفي الذي يستحضره النقاش الأولي حول القانون، يثبت بما لا يقبل الشك بأنّ “التيار الوطني الحر” و”القوات” يتصديان لأي مسعى قد يستهدف الانقلاب على قانون الانتخابات الحالي، القائم على أساس الدوائر الوسطى ضمن النظام النسبي مع صوت تفضيلي واحد، فيما يظهر التدقيق العميق لمواقف الكتل الأساسية، أنّ معظمها غير ممانع لبقاء قانون الانتخابات على حاله وقد تعايش مع مقتضياته ورتّب وضعه الانتخابي على أساسه، ولو أنّ البعض، وتحديداً “حركة أمل”، يفضل نفضه بالكامل لجهة توسيع الدوائر أو ادخال تعديلات جذرية عليه كرفع عدد الأصوات التفضيلية.
في المضمون، تثبت الوقائع أنّ رئيس مجلس النواب سارع فور اقفال صناديق الاقتراع في أيار العام 2018، وتحديداً بعد حوالى أربعة أشهر، إلى فتح باب النقاش حول تعديل قانون الانتخابات. وقد أنشأ ورشة تقنية لهذه الغاية انتهت الى وضع اقتراح يقوم على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، وقد خلصت اللجنة النيابية التي راحت تعرض الطرح على بقية القوى السياسية، إلى نتيجة غير مرضية مفادها أنّ الاقتراح غير مرحب به من معظم بقية الأحزاب والأطراف المعنية. وقد تكون نهايته، جارور الأرشيف.
على أثرها، انتقلت الورشة التقنية في نقاشاتها الى اقتراح توسيع دوائر القانون الحالي لتكون بحجم المحافظات التقليدية، كذلك بدا الأمر غير مقبول من الآخرين، ثم عاد العاملون في هذه الورشة الى اقتراح لبنان دائرة انتخابية واحدة ولكن بالتزامن مع انشاء مجلس الشيوخ، إلى أن طلب بري من القيّمين على الورشة تجميد كل الاقتراحات وترك القانون على حاله، إلا اذا أمكن اضافة بعض التعديلات الطفيفة قد تتصل بالكوتا النسائية والصوت التفضيلي. وهذا ما تأكد للعاملين على هذا الصعيد، أنّ القانون غير قابل للتعديل العميق، ويرجّح له أن يرعى العملية الانتخابية المقبلة، إن حصلت في مواعيدها.
ولهذا وباختصار، لا يبدو أنّ القانون الحالي مقبل على تعديلات جوهرية قد تغيّر في اتجاهه أو هيكله البنيوي، ولكن ثمة تعديلات طفيفة لا بدّ من اجرائها لتعليق بعض المواد التي سيصعب على أي حكومة التقيّد بها في ضوء الظروف الاستثنائية القائمة، التي تجعل امكانية اجراء الانتخابات من دون قيام حكومة جديدة بمثابة ضرب من ضروب الخيال، حتى لو سمح الدستور لحكومة تصريف الأعمال بإجراء الاستحقاق، ولكن ضمن أي ظروف أمنية واجتماعية قاربت الخطوط الحمراء وأكثر! وعليه يتبيّن أنّ ثمة مادتين أساسيتين تستدعيان تعليقهما، وهما:
– المادة 84 التي تنصّ على أنّه “على الحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين بناء على اقتراح الوزير، اتخاذ الاجراءات الآيلة الى اعتماد البطاقة الالكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، وأن تقترح على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي يقتضيها اعتماد البطاقة الالكترونية الممغنطة”.
– المادة 112: في المرشحين عن غير المقيمين والتي تنص على أنّ “المقاعد المخصصة في مجلس النواب لغير المقيمين هي ستة، تحدّد بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين، موزعين كالتالي: ماروني – ارثوذكسي – كاثوليكي – سني – شيعي – درزي، وبالتساوي بين القارات الست”.