جاء في “المركزية”:
ما أكّدته الازمات السياسية والمالية والمعيشية منذ نشوبها حتى اليوم، هو وجود مافيات وكارتلات تتحكم بمسار الأمور ومستجداتها في البلاد وتتلاعب بحركة الاسواق والأسعار من دون رادع أو وازع، وحتى بسعر الصرف بغية جني الارباح ولو على حساب الفقراء والمعوزين من اللبنانيين المتطلعين الى خشبة خلاص على أبواب السفارات وشواطئ البحار، هرباً من جهنم الذي أضحى عليه وطن الارز الذي كان يعرف بسويسرا الشرق ومحجاً لأهل العلم وطالبي الاستشفاء والراحة والاستجمام، ما حدا بالمقرر الخاص للامم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الانسان اوليفيه دي شورتراثر زيارته بيروت الشهر الماضي إلى القول: “إنّ المسؤولين اللبنانيين ليس لديهم اي شعور بضروة التحرك العاجل والعزم اللازم لتحمل المسؤولية ازاء الازمة الاقتصادية التي ادت الى افقار شرس للمواطنين، وانا مندهش جدا من ان هذه الدولة في طريقها الى الفشل إن لم تكن فشلت بالفعل واحتياجات السكان لم تتم تلبيتها بعد”.
الخبير في الشؤون السياسية الوزير السابق فارس بويز يقول لـ”المركزية” أن موقف دي شورتر قد أسقط ورقة التين التي تستر عورات المسؤولين اللبنانيين أمام المجتمع الدولي، وقد يمهد لعمل خارجي يُنقذ البلاد من الماسي والأزمات السياسية والمالية والمعيشية التي تتخبط فيها، وسط تلكؤ المراجع وعجز السلطات الحاكمة عن القيام باي خطوة إصلاحية مما اشترطته فرنسا والعالم لمساعدة لبنان على وقف الانهيار وسلوك طريق التعافي. علماً أنّ تعطيل الحكومة العاجزة أصلاً عن الانجاز وأيضاً التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وبالتالي القضاء سيؤدي إلى سقوط ما تبقى من هذه الدولة المتشلعة والمتنازعة.
من هنا القول أن “السنة المقبلة ستكون أسوأ من الحالية على كل الصعد، خصوصاً على المستوى المعيشي للمواطنين المتروكين لمصيرهم من قبل المسؤولين، المتلهين بتحقيق مصالحهم الشخصية والبقاء في مواقعهم من دون أي حس بالمسؤولية، على ما قال المقرر الخاص للامم المتحدة المعني بالفقر وحقوق الانسان. ففي حين كان يفترض بلبنان أن ينأى بنفسه عن المشكلات الاقليمية القائمة وصراع المحاور الجاري بدءاً من القطبين الأميركي والروسي وما يستتبعهما من دول أميركية وأوروبية وحتى أسياوية، نرى أنه ينغمس وبارادته في كل يوم في هذا الصراع ويجر على نفسه المزيد من الماسي حتى وصل الامر نتيجة الحاقه بايران الى مقاطعتنا عربياً وأميركياً وبتنا كجزيرة معزولة عن العالم أبناؤها يتأكلهم الخوف من الغد وما قد يستجره من مصائب”.