شدد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على أن “هناك إمكان لإعطاء جوازات سفر لجميع الشعب، لكن ما حصل في الفترة الأخيرة، أن الكثير من المغتربين اللبنانيين يعودون الى لبنان خلال الصيف، ويستدلون جوازات سفرهم القديمة بجوازات حديثة بيوميترية، وخصوصا أن هذا الجواز لا يجدد خارج لبنان والجواز الجديد يرسل بالحقيبة الدبلوماسية”.
وقال في حديث الى جريدة “الشرق القطرية”: “قدرتنا على طباعة جواز السفر بالحد الأقصى 3500 جواز يوميا، بينما ارتفع عدد المتقدمين للحصول على جواز سفر يوميا الى 8 آلاف جواز. وبذلك أصبح لدينا تركم عجز بما يقارب 5 آلاف جواز سفر يوميا، ليس لدينا قدرة على إنجازهم. هذا الأمر أحدث صدمة وظن البعض انه لم يعد هناك جوازات سفر وان الكمية ستنفد، مما ضاعف الطلب، بالإضافة الى ان البعض الآخر اعتقد أن رسوم جواز السفر سيتم رفعها نتيجة انهيار سعر الليرة. وفي المقابل هناك حقائق صادمة وهي ان 60% من الذين تقدموا بطلبات جواز سفر لم يستلموها وهناك حوالى 6 آلاف جواز سفر منجز وموجود في خزائن الأمن العام ولم يستلمها أصحابها. وهذا يدل إلى ان الأمر كله لا يتعدى اطار الهواجس والمخاوف من نفاد جوازات السفر أو ارتفاع رسومها وهذا غير صحيح”.
وطمأن “أصحاب الهواجس إلى أن المديرية قامت بتلزيم الجهة المختصة لطباعة مليون جواز سفر وهي قيد الطباعة الآن وستكون الكمية جاهزة في غضون شهرين، علما بأن لدينا الآن كميات كافية لتلبية حاجات اللبنانيين في جوازات السفر. وبذلك لا توجد مشكلة جوازات سفر”.
وعن ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت قال: “في النهاية هذا الملف يجب أن يحل. لن تبقى الحكومة عالقة على موضوع المحقق العدلي بشأن استمراره او عدمه في عمله. هناك مؤسسات دستورية وبالإمكان إيجاد الحل من خلال القوانين. ربما تشعب الموضوع وتعدد الاطراف المعنيين جعله في حاجة الى اتصالات داخلية مع الاطراف لإزالة العقبات، إنما الحل سيبقى ضمن الأطر الدستورية والمؤسسة القضائية”.
وعما إذا ما الرهان سيكون على ما يقرره مجلس النواب قال: “نعم هذا صحيح، المنتظر ان يحسم الجدل في مجلس النواب. وهكذا يكون المخرج والتزام مبدأ فصل السلطات، لأن الحكومة ليس من صلاحياتها التدخل في عمل القضاء، بينما في مجلس النواب كسلطة تشريعية يمكنها تحديد لمن تؤول صلاحية محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب. هل هي من صلاحية هيئة عليا في مجلس النواب أم من صلاحية المحقق العدلي، وبالتالي الموضوع هو تفسير القوانين؟”
وردا على سؤال عن إمكان تدهور الوضع الأمني جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية أجاب: “لا أظن أن الوضع الأمني قد ينفلت بسبب الوضع المعيشي. فالدولار بلغ رقما قياسيا وما زال الأمن ممسوكا. كما ان الحاجات الشعبية ما زالت في نطاق ضيق قياسا على تدهور الوضع المعيشي. وهذا الأمر علاجه بالسياسة لأن الوضع الأمني يتأثر بالتطورات السياسية، وفي حال المفاوضات مع البنك الدولي وصندوق النقد أخذت مسارها في فترة قريبة، أعتقد ان معظم الاحتقان سيخف بما فيه التحركات في الشارع”.
سئل: هل تخشى من استثمار تحركات الشارع لتعطيل الانتخابات؟
أجاب: “كل شيء في لبنان وارد، لكن رغم اصرار الاطراف السياسيين والمجتمع الدولي على إجراء الانتخابات، يبقى احتمال استخدام الاحتجاجات في الشارع ممكنا، علما بأن للجيش والأجهزة الأمنية كامل الجهوزية للتعامل مع أي احتمال لتأجيل الانتخابات. أستبعد تأجيل الانتخابات”.
سئل: هناك من يشكو تزايد إلقاء القبض على بعض الناشطين على مواقع التواصل لدى عودتهم الى لبنان؟
أجاب: “علاقة الأجهزة الأمنية مع المغردين أو غير المغردين ينطلق من اننا أكثر الدول في التعبير الى حد التفلت. ولا اظن ان احدا تعرض لاعلامي بشكل عام الا بموجب القانون والقضاء، ووفقا للدستور والقانون فان التعرض لمقامات معينة يعرض لعقوبة. وعندما الاجهزة تعتقل أي ناشط، فهي تعتقله بموجب القانون وتحيله على القضاء. لا مشكلة بين الاجهزة الامنية والناشطين والإعلاميين. نحن كأجهزة أمنية، اداة تنفيذية بين السلطات القضائية والقانون. لسنا معنيين بتفسير القانون، نحن معنيون بتنفيذه”.
وردا على سؤال قال: “جزء من طموحي السياسي يستند الى هذه النقطة وهي إلغاء الطائفية السياسية. لا تستقيم دولة تقوم على الطائفية، لأن الطائفية تولد العصبية والعصبية تولد الجهل والجهل يدمر البلاد. عندما نلجأ الى الكفاءة في اختيار الأشخاص لتولي المناصب في الدولة بعيدا من الطائفية سيكون لنا دولة قائمة على القانون. أنا واثق ان ان غالبية الشعب كفرت بالطائفية وتريد الخلاص من الطائفية، وجاء الوقت لتنفيذ قوانين إلغاء الطائفية السياسية والدخول الى الدولة المدنية. الشعب اللبناني مهيأ للتحرر من قيود الطائفية”.
أضاف: “لا أعتقد ان حزب الله في الداخل هو المعضلة. أعتقد ان دور حزب الله في الاقليم والمنطقة هو الذي يرتد سلبا على الواقع اللبناني. لا مشكلة مع حزب كلاعب على الساحة اللبنانية، إنما الارتدادات السلبية تنجم عن حزب الله كلاعب إقليمي”.
وعن مدى تأثر لبنان بوجود النازحين السوريين على أرضه قال: “لبنان يتحمل عبئا كبيرا إذ وصل عدد النازحين الى المليونين، وهذا رقم يفوق ثلث الشعب. وقد تكبد لبنان حوالى 33 مليار دولار للانفاق على النازحين. وللأسف المجتمع الدولي لا يساعد. حجم المساعدات الدولية التي قدمت للنازحين لا يتجاوز 10 دولارات بينما الدراسات التي قمنا بها كشفت ان كلفة النازح في ألمانيا 500 يورو شهريا في حين لا ينفق على النازح في لبنان اكثر من 10 دولارات وبالتالي تتحمل الدولة سائر المصروف والحاجات للنازح. ولك ان تتخيل حجم ما يتكبده لبنان من بنى تحتية وصرف صحي وعلاج ومستشفيات وخدمات وكهرباء. هؤلاء النازحون يستخدمون الكهرباء بدون دفع أي رسوم. والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بمتابعة اوضاعهم لا تدفع للدولة اللبنانية كلفة هذه الأعباء، وبالتالي مبلغ 33 مليار الذي أنفقه لبنان على النازحين يشكل نصف مشاكلنا، ولكن رغم ذلك لا ننكر اننا أشقاء ومثلما كان اللبنانيون ينتقلون الى سوريا عند الازمات، كذلك واجبنا ان نستضيف النازحين السوريين”.
وعن سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية والحد من ارتفاع سعر الدولار قال: “المخرج المتاح حاليا هو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومع البنك الدولي لأننا نحن مشاركون في البنك الدولي ولدينا فلوس في البنك الدولي وسوف نحصل على مليار دولار من البنك الدولي لكي نشغل اقتصادنا بالحد الأدنى. أما صندوق النقد الدولي فان لديه شروطا قاسية للمساعدة، علما بأن السعر الفعلي للدولار لا يتعدى 7 آلاف ليرة، لذلك السعر المتداول حاليا وهو 25 الف ليرة للدولار، لا يستند الى معطيات اقتصادية. لذلك ما نشهده حاليا هو سعر الدولار وفقا للسوق السوداء او استخدام تطبيقات مشبوهة وهي مفتوحة خارج لبنان. وتعمل على انهيار الاقتصاد اللبناني لزيادة الضغط السياسي. وقد قمنا بمراسلة الدول التي تصدر منها هذه التطبيقات، لكنها لم تتجاوب معنا، وقام مصرف لبنان بمخاطبة المصارف المركزية في تلك الدول ولم يجد تجاوبا، وبالتالي فان لعبة الدولار في لبنان ذات بعد دولي”.
وبالنسبة إلى العلاقة مع دولة قطر، قال: “تجمعنا مع الدوحة علاقات طيبة جدا واكثر من ممتازة على جميع المستويات، وخصوصا مع سمو الأمير الذي أكن له المودة والتقدير والاحترام. ويجمعني تاريخ حافل من الوساطات المشتركة مع الأخوة القطريين وكثير من الملفات المعقدة تمكنا من حلها. بدءا بملف اعزاز الى راهبات معلولة وغيرها الكثير من الملفات”.
وعما إذا تطرق البحث في أثناء زيارة الرئيس ميشال عون الى قطر الى تزويد لبنان بالغاز القطري، اكد ابراهيم ان “البحث تطرق الى هذا الملف ولمسنا رغبة وإرادة قطرية لمساعدة لبنان”.
وختم: “في حال احتجنا للغاز القطري، الأخوة في قطر مستعدون للتزويد بالكميات اللازمة لتغطية حاجاته، لكن تبقى هناك تفاصيل تجرى متابعتها ومنها موضوع التمويل، لكن من حيث المبدأ، توجيهات سمو الأمير واضحة وصريحة وهي مساعدة لبنان بكل شيء تستطيع قطر ان تساعد به. واعتقد اننا سنحصل على المساعدات القطرية التي نحتاجها”.